بقلم - عباس الطرابيلي
لم تكن حكايتنا عن بترول الصحراء الغربية طيبة، أو حتى متفائلة.. رغم أن هذه الحكايات تبدأ عام ١٩٥٤ مع عدد من الشركات الأمريكية.. إذ سرعان ما فشلت هذه الشركات فى الوصول إلى البترول، ثم انسحبت عام ١٩٥٨. ولكننا لم نيأس.. وتم منح امتيازات أخرى للبحث فى هذه الصحراء.. وشهدت هذه الصحراء «صعود ثم هبوط» البحث عن البترول فيها.. حتى قيل الكثير عن مؤامرة غربية- أمريكية توحى بأن هذه الشركات لم تكن تريد خيراً لمصر.. أو دعماً للقيادة الناصرية!!، وتكونت عدة شركات: منها خالدة التى نجحت فى العثور على البترول فى كشف طارق، ولكنه كان كشفاً غازياً.. وحقل مليحة لشركة عجيبة لنبدأ تشغيل حقل الأبيض، وكان أيضاً غازياً، ثم حقل «الفرس» بمنطقة منخفض القطارة، الذى يعد أول حقل منتج للزيت هناك، ثم حقل برج العرب. ولكن هذه كلها أنتجت أرقاما هزيلة جعلتنا نهجر هذه الصحراء.
وجاء المهندس طارق الملا وزيراً للبترول فى سبتمبر ٢٠١٥، وبفكره المنفتح بسبب خبرته عندما عمل مع الشركات الأجنبية قرر العودة إلى هذه الصحراء الغربية.. وقامت فلسفته على أساس أن برميلا زائد برميل يعطى برميلين. أى يمكننا أن نحصل على بترول أكثر من هذه الصحراء.. فجاءت خطوته بالاتجاه غرباً، بحثاً عن الزيت، مع تركيزه للبحث عن الغاز، ليس فقط فى المياه الدولية لمصر.. بل أيضاً فى المياه الاقتصادية شمال شرق بورسعيد ودمياط، فأثمرت هذه عن الكشف عن حقل ظهر للغاز، الذى يعيد مصر- من جديد- دولة مصدرة للغاز.. مع الاكتفاء الذاتى.
واللافت للنظر أن شركة إينى- صاحبة كشف «ظهر»- هى نفس الشركة التى تعمل الآن فى الصحراء الغربية، مع وجود شركات أخرى.. وشهد عام ٢٠١٨ قفزة هائلة تمثلت فى طرح مزايدات عالمية للاستكشاف والبحث، وذلك فى ١١ قطاعاً مصرياً.. منها ٥ قطاعات بالصحراء الغربية، أى حوالى نصف إجمالى هذه القطاعات، وهى أكبر مزايدة، غير قطاعين بوادى النيل و٣ بخليج السويس وواحد فى الصحراء الشرقية.
■ ■ وجاء اكتشاف شركة إينى للبترول فى حوض فاغور على عمق ٤٥٢٣ متراً ليعلن العثور على زيت البترول هناك على بعد ١٠٣ كم شمال سيوة، وهناك شواهد شبه مؤكدة على وجود الزيت، لذلك أعتقد أن امتياز جنوب غرب مليحة يحمل الكثير من التفاؤل لنا.. وبالمناسبة شركة إينى تعمل فى مصر منذ عام ١٩٥٤.
وكل ذلك يؤكد قدرة وتخيل الوزير التى أعادت مصر إلى دولة منتجة لزيت البترول بعد أن كنا نستورده لنغطى الاحتياجات المتزايدة.. بفضل الرؤية الجديدة التى أعادت الاهتمام بهذه الصحراء.. للاستفادة مما هو موجود هناك من تسهيلات كان يمكن أن يأكلها الصدأ.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع