بقلم-محمد بركات
من مفارقات القدر وربما تكون من سخرياته الباعثة علي الاندهاش والعجب في ذات الوقت، ذلك الذي يجري بين شركائنا الاوروبيين القابعين علي الجانب الآخر أو الشاطيء الشمالي للبحر المتوسط، الذي نسكن نحن علي شاطئه الجنوبي.
فقد مضت ثلاثة اسابيع والمحاولات لاتزال جارية، لمعالجة الأزمة التي اشتعلت بين فرنسا وايطاليا، في ظل ثورة الغضب التي اجتاحت الرئيس والحكومة الفرنسية، علي أثر اللقاءات التي جرت بين بعض المسئولين الايطاليين، وعدد من النشطاء والمحتجين الفرنسيين من اصحاب السترات الصفراء، الذين مازالوا يقومون بالتظاهر والاحتجاج في باريس وغيرها من المدن الفرنسية.
هذه اللقاءات دفعت الحكومة الفرنسية والرئيس ماكرون لإعلان غضبهم واستنكارهم لها قولا وفعلا، حيث اعلنوا رفضهم للتصرف الايطالي واعتبروه تدخلا غير مرغوب فيه بل مرفوض تماما في الشئون الداخلية الفرنسية،..، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل تصاعد الغضب والاستنكار والرفض الفرنسي، ووصل الي حد استدعاء أو سحب السفير الفرنسي في ايطاليا للتشاور، وايضا استدعاء السفير الايطالي لوزارة الخارجية الفرنسية لإبلاغه غضب ورفض فرنسا لما جري.
ولم تفلح التبريرات الايطالية في معالجة الأمر أو امتصاص الغضب الفرنسي، الذي مازال مشتعلا ورافضا للتدخل الايطالي في الشئون الفرنسية، بمقابلتهم واستماعهم الي الناشطين والمحتجين أو المعارضين الفرنسيين.
المفارقة المثيرة للاندهاش والعجب هنا، هي ان فرنسا حكومة ورئيسا قامت بنفس الفعل عندنا خلال زيارة ماكرون الاخيرة للقاهرة، عندما اجتمع ماكرون ببعض من يطلقون علي انفسهم ناشطين حقوقيين واستمع إليهم،..، ولم يعتبروا ذلك تدخلا في الشئون الداخلية المصرية،..، في حين رفضهم واستنكارهم لذات الفعل عندما قامت به ايطاليا عندهم.
أليست هذه هي الصورة الفجة للمعايير المزدوجة، التي يتعامل بها الغرب بصفة عامة تجاه كل القضايا المتصلة بالآخر بصفة عامة، والعرب علي وجه الخصوص، تحت مسمي رعاية وحماية حقوق الإنسان؟!
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع