بقلم: محمد بركات
في صباح يوم التاسع عشر من مارس عام 1989،..، أي في مثل هذا اليوم منذ ثلاثين عاما، كنت حريصا علي أن أكون متواجدا علي حدودنا الشرقية، في تلك اللحظة الفارقة في تاريخ الوطن، وذات الدلالة الهامة في مسيرة مصر الوطنية.
في هذه اللحظة من صباح هذا اليوم، وفي هذه الرقعة محدودة المساحة من تراب الوطن الذي لا يقدر بثمن، تم إنزال العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري علي طابا، إيذانا بعودتها إلي السيادة المصرية، وانضوائها في حضن الوطن الأم بعد اغتراب دام اثنين وعشرين عاما منذ احتلالها في عام 1967.
كانت اللحظة تعبيرا مباشرا وصحيحا عن اصرار مصر الذي لا يتزعزع أبدا، علي عدم التفريط في أي جزء من أرضها المقدسة، حتي ولو كانت مجرد حفنة من الرمال في سيناء.
كما كانت تأكيدا قويا لإرادة شعبها الصلبة علي استرداد كل حبة رمل من ترابها الوطني، وتحرير كامل أرضها دون أدني تهاون أو تردد.
في هذا اليوم منذ ثلاثين عاما كنت متواجدا هناك ومعي الزميل والصديق المصور الكبير »مكرم جاد الكريم»، كي ننقل بالكلمة والصورة لقراء جريدتنا الأخبار، ملامح وتفاصيل ذلك الحدث الوطني بالغ الأهمية، الذي كانت مصر كلها تتطلع إليه وتتابعه بشوق وفرحة، في لحظة فارقة وهي استعادة مصر لكامل ترابها الوطني.
كانت مصر قد استعادت سيناء في أعقاب حرب أكتوبر المظفرة وانتصارها التاريخي، وبعد معركة شرسة من المفاوضات واتفاقية للسلام، ولم يتبق غير منطقة طابا محدودة المساحة، التي ادعت إسرائيل انها تابعة لها ورفضت التخلي عنها، بينما أصرت مصر علي استرجاعها بالكامل،...، وهو ما تحقق بالمفاوضات، التي كانت وبحق معركة دبلوماسية وسياسية بالغة القوة والذكاء.
ولمن لم يعاصروا هذه اللحظات الفارقة من شباب مصر وجيلها الحالي، نقول إن عودة طابا استغرقت سبع سنوات كاملة من التفاوضي الشاق، انتهت باللجوء إلي التحكيم الدولي، الذي اصدر حكمة في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم التاسع والعشرين من سبتمبر 1988 بأن طابا مصرية مائة بالمائة، وأن كل ادعاءات إسرائيل باطلة ولا يعتد بها.
»وللحديث بقية»
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع