توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواعيد الرياض والشرق الأوسط الأخضر

  مصر اليوم -

مواعيد الرياض والشرق الأوسط الأخضر

بقلم :غسان شربل

مواعيد الرياض لا تعني السعودية وحدها. فحين يشهد بلد بمثل هذا الثقل الاقتصادي والسياسي والديني نهضة شاملة وعملية تحديث عميقة يترك الأمر بصماته على المحيط، ويقدم نموذجاً للقدرة على الالتحاق بالعصر وامتلاك أدوات الانخراط فيه والمنافسة في صنع اقتصاد قوي يوفر دعائم الازدهار والاستقرار.
طوت معركة التغيير التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز صفحة الاعتقاد بأنَّ دول المنطقة محكومة بالبقاء خارج قطار التطور الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الذي يصنع مستقبل العالم. يتعدى الأمر تعويض عقود ضاعت إلى خيار حاسم بالحضور في صلب عملية التقدم والمشاركة فيها وإتقان أدواتها. إنها طريقة مختلفة في مقاربة مشكلات الداخل والخارج. وعملية تغيير لذهنيات وأساليب تمتد من مقاعد المدرسة والجامعة إلى سوق العمل وتوفير الفرص والاهتمام برفاهية الإنسان وجودة الحياة.
منذ سنوات تحولت السعودية ورشة مفتوحة بفعل «رؤية 2030». أكدت السنوات الماضية انتهاء حقبة الانتظار أفضل مستشار. صارت المبادرة المدروسة والجريئة هي القاعدة وكبير المستشارين. وأظهرت السنوات نفسها انخراط الشباب السعودي العميق في عملية التحول الشاملة. لا وجود في الرياض لرنة اليأس التي يمكن أن يسمعها الزائر في عواصم كثيرة في المنطقة. لا تسمع شاباً سعودياً يحلم بالهجرة لأن الأفق مسدود. قدرة تحويل العناوين الكبرى إلى سياسات ضاعفها تيار الثقة الذي يربط شباب المملكة بمحمد بن سلمان بعدما استوقفتهم قدرته على تحويل الأحلام إلى أرقام.
هذا ما يشعر به زائر الرياض للمشاركة في قمة الشرق الأوسط الأخضر التي تُعقد اليوم وقبل أيام من انعقاد قمة المناخ «كوب 26» في غلاسكو. وقبل الموعدين، ترجم الأمير محمد بن سلمان التزام السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، بالمشاركة الفاعلة في مكافحة الاحترار المناخي بأرقام لافتة أطلقها في منتدى «السعودية الخضراء». فقد أعلن ولي العهد السعودي أن بلاده تستهدف الوصول إلى الحياد الصفري للكربون بحلول عام 2060، وأشار إلى أن إطلاق المملكة المبادرات في مجال الطاقة من شأنه تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030، وكان سبق للأمير محمد أن تحدث عن مبادرة تسعى إلى زراعة 40 مليار شجرة إضافية بموجب مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
في الرياض، تشعر بأن مسألة مواجهة التغير المناخي تقدمت لتحتل مكانها بين أولويات جدول الأعمال. وهذا تفكير جديد في منطقتنا. قبل عقد من الزمن كان المناخ السياسي هو الشغل الشاغل للصحافيين الجوالين في هذا الجزء الشائك من العالم الذي يسمى الشرق الأوسط. وكان الصحافي يعد لحواره مع المسؤول بإحصاء ما يمكن أن يسأله عنه من أزمات وتوترات وحرائق. ولم تبخل المنطقة يوماً في هذا المجال. وفي السنوات الأخيرة كان الصحافي يسارع إلى السؤال عن الربيع وإنجازاته وويلاته. وعن الذين صادروه أو أدموه. وعن التجاذبات الدولية والشراهات الإقليمية و«القاعدة» و«داعش» والجيوش الصغيرة المتحركة بين الخرائط المتصدعة.
لم يكن يخطر في بال الصحافي أن يسأل صاحب القرار مثلاً عمّا فعلته حكومته في موضوع التغير المناخي. وكان من المتوقع أن يستغرب المسؤول طرح سؤال بارد من هذا النوع، في حين تواجه حكومته استحقاقات ملحّة ومواضيع حارة تستنزف جهدها وتلتهم وقتها. ولربما عدّ السؤال نوعاً من الرغبة في تفادي أسئلة أكثر جدية.
قبل سنوات وخلال أسفار العمل في الشرق الأوسط «الرهيب» لازمني سؤال كنت أطرحه على نفسي لدى عودتي ليلاً إلى الفندق. كيف ستكون هذه العاصمة أو تلك بعد عقد أو اثنين؟ ولم يكن الأمر يحتاج إلى جهد للوقوع في التشاؤم. كنت أتصور مدناً مكتظة في بلدان تصاعدت فيها معدلات البطالة ووطأة الفقر وتنامي مشاعر اليأس والإحباط وجاذبية العنف ومعها حكومات خائفة ومحاصيل بخيلة وأجيال يعذبها الأفق المسدود، ما يضاعف عدد المراهنين على «قوارب الموت» للاستقالة من أوطانهم.
وكان من الصعب الرهان على علاج يأتي من الخارج. فالدول الكبرى ليست أصلاً جمعيات خيرية. وليس من عادة العالم أن يساعد من لا يبادر إلى مساعدة نفسه. ثم إن استيراد الأزياء الجاهزة لحشرها في مجتمعات تعيش في حقبة تاريخية أخرى لا يمكن أن يشكل حلاً. وبدت الحكومات أسيرة اليوميات. سلوكها أقرب إلى تصريف الأعمال وردود الفعل غير المنسقة على مشكلات تتوالد وتتعقد بوتيرة غير مسبوقة. والحقيقة أن مهمات الحكومات باتت أكثر صعوبة. فهي ليست مسؤولة فقط حيال مواطنيها الحاليين بل أيضاً حيال الأجيال المقبلة والتي ستدفع الثمن الباهظ إذا اكتفت الحكومات بمناورات لإنقاذ نفسها بدل بلورة خطة طويلة لإنقاذ بلدانها. وهذا يعني إدارة عصرية تقوم على الكفاءة ومحاربة الفساد وإقرار خطة ذات مراحل وتوفير الإمكانات مع آليات للرقابة والتقويم والمحاسبة.
فرضت قمة التغير المناخي نفسها على جدول الأعمال. يؤكد العلماء أن العالم مهدَّد بكارثة ما لم يتحرك سريعاً. الأعاصير والفيضانات الأخيرة أعطت مصداقية لحديث العلماء عن كارثة اقتصادية وسياسية سينتجها الاحترار المناخي إذا لم يُكبح. يتحدثون عن انخفاض في المحاصيل وجوع وهجرات مليونية بسبب نقص الخبز والمياه والأمل. على حكومات الشرق الأوسط أن تتحرك قبل فوات الأوان وموعد الرياض اليوم خطوة جريئة في هذا الاتجاه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواعيد الرياض والشرق الأوسط الأخضر مواعيد الرياض والشرق الأوسط الأخضر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon