توقيت القاهرة المحلي 13:59:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اتَّصل على هذا العنوان»

  مصر اليوم -

«اتَّصل على هذا العنوان»

بقلم:غسان شربل

كلُّ هذا يحدث للمرة الأولى. تخوضُ إسرائيل منذ عشرةِ أشهر حربًا متعددةَ الجبهات لا تملك القدرةَ على حسمها. يخوض «حزبُ الله» اللبنانى منذ عشرةِ أشهر «حرب مساندة» يقول إنَّ وقفَها مرهونٌ بوقفِ الهجوم الإسرائيلى على غزة. ينخرط تنظيمٌ فلسطينىٌّ فى مواجهةٍ مفتوحةٍ مع إسرائيلَ على امتداد هذه الفترةِ الزمنية. وللمرة الأولى، تنطلقُ المسيّراتُ والصواريخُ لاستهداف إسرائيلَ من خرائطَ عدة، أى من اليمنِ والعراقِ ولبنان.

لم يسبق أن عاشَ الشرقُ الأوسط مشهدًا من هذا النوع. ولا مبالغة فى القول إنَّ هذا المشهدَ دخل مرحلةً جديدةً بعد سقوط مسيّرة حوثية فى تل أبيب على مقربةٍ من السفارة الأمريكية وتسبُّبِها فى قتلِ إسرائيلى وجرحِ آخرين. وللمرة الأولى منذ «طوفان الأقصى»، شنَّ الطيرانُ الإسرائيلىُّ غاراتٍ على أهدافٍ فى الحديدةِ اليمنية وتعمد إضرام حرائقَ هائلة قال مسؤولون إسرائيليون إنَّ باستطاعة أهلِ الشرق الأوسط رؤيتَها وليس أهل اليمن وحدَهم.

منذ نوفمبر الماضى، أطلق الحوثيون «حربَ مساندة» تركَّزت على ما سمُّوه استهدافَ السفنِ الإسرائيلية أو المتَّجهةِ إلى موانئ إسرائيل. ترافق ذلك مع إعلانِهم بين وقت وآخر عن استهدافِ مواقعَ فى إسرائيل نفسِها. وكانَ واضحًا أنَّ أمريكا ضغطت على إسرائيلَ لعدم الرَّدِ على الحوثيين تفاديًا لتوسيعِ النزاع، خصوصًا بعدما تولَّت مع بريطانيا الرَّدَّ المحسوبَ على الممارسات الحوثية. وبدا أنَّ أمريكا نجحت فى لجمِ الاندفاع نحو حربٍ واسعة. تبادلُ الضرباتِ المباشرة بين إيرانَ وإسرائيل طُويت صفحتُه سريعًا، وحرص «حزبُ الله» على إبقاءِ الحربِ مقيدةً بـ«قواعد الاشتباك»، وتصرَّفت إسرائيلُ على نحوٍ مشابه.

فجأة، تخطَّت الضرباتُ «قواعدَ الاشتباك» السابقة. قصفَ الحوثيون تلَّ أبيب بالذات فى عملية تستدعى بطبيعتها ردًّا إسرائيليًّا مباشرًا، وهو ما حدث. تخطَّت إسرائيلُ تعهداتِها للأمريكيين، وأطلقت مقاتلاتِها فى اتجاه الحديدة، وكأنَّها اختارت الردَّ على ما اعتبرته «رسالة إيرانية».

أثار اهتمامى بالخيط الإقليمى فى قصةِ الحوثيين سؤالًا فاجأنى به الرئيس على عبدالله صالح فى ختام حوارٍ أجريته معه فى ٢٠٠٨. سألنى مبتسمًا: «ماذا يريدُ حزبُ الله من الحوثيين؟». طلبت منه أن يوضّحَ فأجابَ: «لدينا تقاريرُ مؤكدة أنَّ مجموعاتٍ صغيرةً من الحوثيين تتوجَّه إلى دمشقَ ويستقبلها الحزبُ هناك ثم يدخلها إلى الأراضى اللبنانية من دون مهرِ جوازاتِ سفرِها فى نقطةِ الحدود السورية- اللبنانية. يقومُ حزبُ الله بتدريب هؤلاء فى البقاع اللبنانى ثم يعودون إلى دمشق بالطريقة نفسِها ومنها إلى صنعاء». كانت لدى الرئيس أيضًا تقاريرُ تفيد بأنَّ بعضَ الشبانِ الحوثيين يتابعون دراساتٍ فى الحوزات الإيرانية.

فى تلك السنةِ كان الجنرال قاسم سليمانى يتابع حبكَ خيوطِ سجادةِ الممانعةِ الإقليمية. كانَ يواصل استنزافَ الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، بعدما واكبَ من الأراضى اللبنانية حربَ ٢٠٠٦ مع إسرائيل. وهى الحرب التى أسفرت عن قلبِ المعادلات التى سادت فى لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريرى، وإخراج القوات السورية من الأراضى اللبنانية.

فى حوار فى ٢٠٠٩ سألتُ الرئيس على عبدالله صالح عمَّا يتردَّد عن دعم إيرانى لعمليات تشييع فى اليمن، فردَّ بتحفظٍ قائلًا: «تستطيع أن تقولَ إنَّ هذا كان منذ بدايةِ قيامِ الثورة الإيرانية ضد الشاه محمد رضا بهلوى، وكانت أهدافُ الإخوة فى إيران واضحةً حول مفهوم تصدير الثورة».

فى حوار فى ٢٠١٠، قال لى الرئيس صالح إنَّ السلطات لاحظت «تشابهًا بين تكتيكات الحوثيين وتكتيكاتِ حزب الله اللبنانى». سألتُه عن أسلحةِ الحوثيين، فقال إنَّها جاءت من السوقِ المحلية، «وتستطيع القول إنَّ دعمَهم جاءَ من أصحاب المشروع الجديد، ما يسمى الترويج لمذهب جديد هو الاثنى عشرية فى اليمن، بدلًا من المذهب الزيدى أو الشافعى. تلقوا تبرعاتٍ من أحزاب أو منظمات أو جمعيات فى دول فى المنطقة، واشتروا بها هذه الأسلحة، كما تسرَّبت إلى الحوثيين أسلحة بحرًا. من تجارِ سلاحٍ وقوى إقليمية أيضًا كانت تساعد الحوثيين للترويج لأجندتها الخاصة».

سألتُه إن كانت مشكلةُ الحوثيين جزءاً من نزاع سنى- شيعى فى المنطقة، فأجاب: «لا. ليس نزاعًا شيعيًّا- سنيًّا، بل يمكن القول إنَّه ترويج لمذهب جديد فى المنطقة لإشغالها أو إشغال اليمن أو إشغال المملكة العربية السعودية تحديدًا، وتوصيل رسائلَ موجهة من دول إقليمية صغيرة أو كبيرة كان لها دورٌ فى هذا الجانب».

ولم يخف على صالح أنَّه غيرُ راغبٍ فى إخراج الخلاف مع إيران و«حزب الله» إلى العلن. وفى سنوات لاحقة «توهم على صالح القدرة على التحالف العابر مع الحوثيين واستيعابهم تمهيدًا لمواجهتهم، فدفع حياتَه فى سياق هذه اللعبة لأنَّه نسى أنَّ المشروعَ الحوثى إقليمى قبل أن يكون محليًّا»، على حدّ قول مسؤولٍ عمل معه.

يساعد كلامُ على صالح فى فهم الفصلِ الأخير بين الحوثيين وإسرائيل. والأسئلة كثيرة. لماذا ارتفعت وتيرةُ الضرباتِ وتوسَّعت إلى تل أبيب والحديدة؟. هل أرادت إيران التلويحَ بالانزلاق نحو حرب إقليمية لفرض وقف النار فى عهد جو بايدن، أم تريد استقبالَ ترامب فى حال انتخابِه بعد فرض وقائعَ جديدة فى هذا النزاع الذى يحدث للمرة الأولى؟. هل أرادت أن تقولَ للسيد الجديد للبيت الأبيض: اتَّصل على هذا العنوان إذا أردت وقفَ الحرائق فى الشرق الأوسط والبحث فى حدودِ الأدوار والمصالح والنفوذ؟. هل تريد الدور الأول فى الإقليم أم القنبلة أم الاثنين؟، وهل تريد الاعترافَ لها بحق امتلاك أربعة مفاتيح لأربع خرائط عربية؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتَّصل على هذا العنوان» «اتَّصل على هذا العنوان»



GMT 04:31 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل... القضاء على «الأونروا» بعد «حماس»

GMT 04:08 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجبل السحري

GMT 04:06 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل إيران مع تنفيذ القرار 1701؟

GMT 04:03 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هروب “الزمن الجميل”!

GMT 04:00 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن الأفكار والنساء والمقاومات

GMT 03:57 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 03:55 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دروس الأزمة الأوكرانية... أميركياً و«شرق أوسطياً»!

GMT 03:52 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا: هل تنقشع السحبُ أو تتلبَّد؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى
  مصر اليوم - نظام غذائي مستلهم من الصيام لتحسين صحة الكلى

GMT 11:17 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا
  مصر اليوم - رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 23:37 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 21:04 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

فيسبوك يوسع نطاق خدمة الأخبار المحلية

GMT 03:12 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

عمرو عمارة يعلن عن أسباب تسوس الأسنان

GMT 11:40 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

"زيزو" ينفي وجود أي مفاوضات للتجديد للبدري

GMT 09:34 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الألواح الملوّنة يمكنها توفير %20 من الطاقة للمباني

GMT 13:43 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فلكي مصري يتنبأ بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة

GMT 04:16 2016 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

إيساف ومحمد رشاد يكشفان جديدهما في "سنة تانية غنا"

GMT 02:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عقار جديد لفقدان الوزن بنفس فعالية حمية أتكينز

GMT 07:55 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن محور الحفلة الدولية لـ " Met Gala "

GMT 07:39 2022 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يتابع كولر بحضوره المران للأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon