توقيت القاهرة المحلي 10:35:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اتَّصل على هذا العنوان»

  مصر اليوم -

«اتَّصل على هذا العنوان»

بقلم:غسان شربل

كلُّ هذا يحدث للمرة الأولى. تخوضُ إسرائيل منذ عشرةِ أشهر حربًا متعددةَ الجبهات لا تملك القدرةَ على حسمها. يخوض «حزبُ الله» اللبنانى منذ عشرةِ أشهر «حرب مساندة» يقول إنَّ وقفَها مرهونٌ بوقفِ الهجوم الإسرائيلى على غزة. ينخرط تنظيمٌ فلسطينىٌّ فى مواجهةٍ مفتوحةٍ مع إسرائيلَ على امتداد هذه الفترةِ الزمنية. وللمرة الأولى، تنطلقُ المسيّراتُ والصواريخُ لاستهداف إسرائيلَ من خرائطَ عدة، أى من اليمنِ والعراقِ ولبنان.

لم يسبق أن عاشَ الشرقُ الأوسط مشهدًا من هذا النوع. ولا مبالغة فى القول إنَّ هذا المشهدَ دخل مرحلةً جديدةً بعد سقوط مسيّرة حوثية فى تل أبيب على مقربةٍ من السفارة الأمريكية وتسبُّبِها فى قتلِ إسرائيلى وجرحِ آخرين. وللمرة الأولى منذ «طوفان الأقصى»، شنَّ الطيرانُ الإسرائيلىُّ غاراتٍ على أهدافٍ فى الحديدةِ اليمنية وتعمد إضرام حرائقَ هائلة قال مسؤولون إسرائيليون إنَّ باستطاعة أهلِ الشرق الأوسط رؤيتَها وليس أهل اليمن وحدَهم.

منذ نوفمبر الماضى، أطلق الحوثيون «حربَ مساندة» تركَّزت على ما سمُّوه استهدافَ السفنِ الإسرائيلية أو المتَّجهةِ إلى موانئ إسرائيل. ترافق ذلك مع إعلانِهم بين وقت وآخر عن استهدافِ مواقعَ فى إسرائيل نفسِها. وكانَ واضحًا أنَّ أمريكا ضغطت على إسرائيلَ لعدم الرَّدِ على الحوثيين تفاديًا لتوسيعِ النزاع، خصوصًا بعدما تولَّت مع بريطانيا الرَّدَّ المحسوبَ على الممارسات الحوثية. وبدا أنَّ أمريكا نجحت فى لجمِ الاندفاع نحو حربٍ واسعة. تبادلُ الضرباتِ المباشرة بين إيرانَ وإسرائيل طُويت صفحتُه سريعًا، وحرص «حزبُ الله» على إبقاءِ الحربِ مقيدةً بـ«قواعد الاشتباك»، وتصرَّفت إسرائيلُ على نحوٍ مشابه.

فجأة، تخطَّت الضرباتُ «قواعدَ الاشتباك» السابقة. قصفَ الحوثيون تلَّ أبيب بالذات فى عملية تستدعى بطبيعتها ردًّا إسرائيليًّا مباشرًا، وهو ما حدث. تخطَّت إسرائيلُ تعهداتِها للأمريكيين، وأطلقت مقاتلاتِها فى اتجاه الحديدة، وكأنَّها اختارت الردَّ على ما اعتبرته «رسالة إيرانية».

أثار اهتمامى بالخيط الإقليمى فى قصةِ الحوثيين سؤالًا فاجأنى به الرئيس على عبدالله صالح فى ختام حوارٍ أجريته معه فى ٢٠٠٨. سألنى مبتسمًا: «ماذا يريدُ حزبُ الله من الحوثيين؟». طلبت منه أن يوضّحَ فأجابَ: «لدينا تقاريرُ مؤكدة أنَّ مجموعاتٍ صغيرةً من الحوثيين تتوجَّه إلى دمشقَ ويستقبلها الحزبُ هناك ثم يدخلها إلى الأراضى اللبنانية من دون مهرِ جوازاتِ سفرِها فى نقطةِ الحدود السورية- اللبنانية. يقومُ حزبُ الله بتدريب هؤلاء فى البقاع اللبنانى ثم يعودون إلى دمشق بالطريقة نفسِها ومنها إلى صنعاء». كانت لدى الرئيس أيضًا تقاريرُ تفيد بأنَّ بعضَ الشبانِ الحوثيين يتابعون دراساتٍ فى الحوزات الإيرانية.

فى تلك السنةِ كان الجنرال قاسم سليمانى يتابع حبكَ خيوطِ سجادةِ الممانعةِ الإقليمية. كانَ يواصل استنزافَ الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، بعدما واكبَ من الأراضى اللبنانية حربَ ٢٠٠٦ مع إسرائيل. وهى الحرب التى أسفرت عن قلبِ المعادلات التى سادت فى لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريرى، وإخراج القوات السورية من الأراضى اللبنانية.

فى حوار فى ٢٠٠٩ سألتُ الرئيس على عبدالله صالح عمَّا يتردَّد عن دعم إيرانى لعمليات تشييع فى اليمن، فردَّ بتحفظٍ قائلًا: «تستطيع أن تقولَ إنَّ هذا كان منذ بدايةِ قيامِ الثورة الإيرانية ضد الشاه محمد رضا بهلوى، وكانت أهدافُ الإخوة فى إيران واضحةً حول مفهوم تصدير الثورة».

فى حوار فى ٢٠١٠، قال لى الرئيس صالح إنَّ السلطات لاحظت «تشابهًا بين تكتيكات الحوثيين وتكتيكاتِ حزب الله اللبنانى». سألتُه عن أسلحةِ الحوثيين، فقال إنَّها جاءت من السوقِ المحلية، «وتستطيع القول إنَّ دعمَهم جاءَ من أصحاب المشروع الجديد، ما يسمى الترويج لمذهب جديد هو الاثنى عشرية فى اليمن، بدلًا من المذهب الزيدى أو الشافعى. تلقوا تبرعاتٍ من أحزاب أو منظمات أو جمعيات فى دول فى المنطقة، واشتروا بها هذه الأسلحة، كما تسرَّبت إلى الحوثيين أسلحة بحرًا. من تجارِ سلاحٍ وقوى إقليمية أيضًا كانت تساعد الحوثيين للترويج لأجندتها الخاصة».

سألتُه إن كانت مشكلةُ الحوثيين جزءاً من نزاع سنى- شيعى فى المنطقة، فأجاب: «لا. ليس نزاعًا شيعيًّا- سنيًّا، بل يمكن القول إنَّه ترويج لمذهب جديد فى المنطقة لإشغالها أو إشغال اليمن أو إشغال المملكة العربية السعودية تحديدًا، وتوصيل رسائلَ موجهة من دول إقليمية صغيرة أو كبيرة كان لها دورٌ فى هذا الجانب».

ولم يخف على صالح أنَّه غيرُ راغبٍ فى إخراج الخلاف مع إيران و«حزب الله» إلى العلن. وفى سنوات لاحقة «توهم على صالح القدرة على التحالف العابر مع الحوثيين واستيعابهم تمهيدًا لمواجهتهم، فدفع حياتَه فى سياق هذه اللعبة لأنَّه نسى أنَّ المشروعَ الحوثى إقليمى قبل أن يكون محليًّا»، على حدّ قول مسؤولٍ عمل معه.

يساعد كلامُ على صالح فى فهم الفصلِ الأخير بين الحوثيين وإسرائيل. والأسئلة كثيرة. لماذا ارتفعت وتيرةُ الضرباتِ وتوسَّعت إلى تل أبيب والحديدة؟. هل أرادت إيران التلويحَ بالانزلاق نحو حرب إقليمية لفرض وقف النار فى عهد جو بايدن، أم تريد استقبالَ ترامب فى حال انتخابِه بعد فرض وقائعَ جديدة فى هذا النزاع الذى يحدث للمرة الأولى؟. هل أرادت أن تقولَ للسيد الجديد للبيت الأبيض: اتَّصل على هذا العنوان إذا أردت وقفَ الحرائق فى الشرق الأوسط والبحث فى حدودِ الأدوار والمصالح والنفوذ؟. هل تريد الدور الأول فى الإقليم أم القنبلة أم الاثنين؟، وهل تريد الاعترافَ لها بحق امتلاك أربعة مفاتيح لأربع خرائط عربية؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اتَّصل على هذا العنوان» «اتَّصل على هذا العنوان»



GMT 08:07 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 08:05 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon