توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هوكستين يسابق الأيامَ والألغام

  مصر اليوم -

هوكستين يسابق الأيامَ والألغام

بقلم:غسان شربل

يسابق آموس هوكستين، المبعوثُ الأميركيُّ إلى لبنان، الوقتَ. حفنةُ أيَّامٍ تفصلُ العالمَ عن موعدِ الانتخاباتِ الرئاسية الأميركية. وحين تنتظرُ أميركا ظهورَ اسمِ سيّدِ البيتِ الأبيض ينتظرُ العالمُ معهَا.

يقرأ العالمُ عن تدهورِ الغرب والانحسار الأميركي. يقرأ عن صُعودِ الصّين وعن مجموعة «بريكس» وثقلِها الاقتصادي والسُّكاني. يقرأ عن الصُّعود الصيني و«غروب شمس الغرب». ولكنْ حين تقتربُ الانتخاباتُ يكتشفُ العالمُ أنَّ أميركا لا تزال أميركا. وأنَّها المِفتاحُ حتى للّذين يقولونَ إنَّها المشكلة.

يعرفُ أهلُ الشَّرق الأوسط هذه الحقيقة. هجاءُ أميركا لا يغيّر الصورةَ الواقعية. لا يخرجُ الشَّرقُ الأوسطُ من حروبِه إلَّا بعد المرورِ في المعبر الأميركي. فلاديمير بوتين منغمسٌ في الحربِ الأوكرانية. تدخُّلُه العسكريُّ في سوريا لم يضاعفْ حضورَه في حلّ أزماتِ المنطقة. تبقَى الحاجةُ إلى الرَّجلِ الجالسِ في البيت الأبيض حتى ولو كانَ غيرَ مرشَّحٍ وتتساقطُ من شجرةِ ولايتِه آخرُ الأوراق.

يبذلُ هوكستين حالياً محاولةً أخيرة. سيعبّر لبنيامين نتنياهو عن ارتياح واشنطن لأنَّ الرَّدَّ الإسرائيلي على إيران «عبَّر عن الرَّغبة في عدم توسيع الحرب». سيجددُ وقوفَ أميركا إلى جانبِ الدَّولةِ العبرية مستشهداً بارتياح الرَّئيس جو بايدن إلى تعاون نتنياهو معه في ضبطِ لائحة الأهداف في إيرانَ بعد شهورٍ من سوء التَّفاهمِ وغيابِ الوِد وحضورِ الشتائم. وقد يكون هوكستين يراهنُ على وقفٍ مؤقتٍ للنَّار كَلَفتةٍ من نتنياهو حيالَ كامالا هاريس واحتمال نجاحِها بعدما اتُّهم بأنَّه يشتهي رؤيةَ البيتِ الأبيض يسقطُ مجدَّداً في قبضةِ صانعِ المفاجآت دونالد ترمب.

سيقول هوكستين لنتنياهو إنَّ إسرائيلَ حقَّقت في حربِها مكاسبَ استراتيجيةً لا بدَّ من استثمارِها على طاولةِ المفاوضات. قلَّصت إسرائيلُ قدراتِ «حماس» وقتلتْ يحيى السنوار. وجَّهت ضرباتٍ واسعةً إلى «حزب الله» وقدراتِه وقتلتْ قائدَه حسن نصر الله.

سيشجعه على «وقفِ نارٍ في غزةَ لا بد أن يخرجَ القطاع من المواجهة العسكرية على الأقل لأجل طويل. ووقف نارٍ في لبنانَ لا بد أن يخرجَ جبهةَ جنوبِ لبنان من الشَّق العسكري في النزاع وعلى الأقل لأمد طويل». سيقول أيضاً إنَّ ردَّ إسرائيل الأخير على إيران أكَّدَ قدرتَها على الوصولِ إلى أيّ نقطة هناك. وهذا يعني أنَّ إسرائيلَ استعادت قدرتَها على الرَّدع وحانَ وقتُ العودةِ إلى طاولةِ المفاوضات.

استوقفَني كلامُ الدبلوماسي الأوروبي الذي تربطُه بالمبعوث الأميركي علاقةُ عملٍ وتنسيق. قالَ لي إنَّ هوكستين سيشدّد أمام نتنياهو على أنْ لا مخرجَ من الحربِ في لبنان غير العودة إلى تطبيق القرار 1701. وسيطرحُ عليه اقتراحاً بالسَّعي إلى تسويقِ فكرة «رقابة دولية» على التنفيذ لضَمانِ «عدمِ وجود بنى تحتيةٍ عسكريةٍ لـ(حزب الله) جنوب نهر الليطاني».

واعترفَ الدبلوماسي أنَّ الآمالَ في نجاح مهمةِ هوكستين ضئيلةٌ جداً لكن فكرة فكِّ الترابطِ بين الساحاتِ قد تغري الجانبَ الإسرائيليَّ ببذلِ محاولةٍ لن يتعذّرَ عليه التراجعُ عنها إذا لم يتجاوبِ الجانبُ اللبناني.

وأضافَ الدبلوماسيُّ أنَّ هوكستين سيلفت نتنياهو إلى أنَّ حرباً طويلةً في لبنان قد تهدّد تماسكَ مؤسساتِه الأمنيةِ ما يسهل لإيرانَ ملء الفراغِ هناك ويجعل «اليوم التالي» للحرب في لبنان شائكاً وصعباً على غرارِ مشكلةِ «اليوم التالي» في غزة. وسينصحُ هوكستين بالبناءِ على تعهُّدِ الحكومةِ اللبنانية بتطبيق القرار 1701 وإرسالِ الجيش إلى الجنوب.

ولاحظ أنَّ مديرَ وكالةِ الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز يبذلُ هو الآخرُ محاولةً أخيرةً في الدَّوحة بشأنِ الرهائن في غزة. وتوقَّع أن يقولَ بيرنز لرئيس «الموساد» ديفيد برنياع كلاماً مشابهاً مفاده أنَّ الوقتَ حانَ لوقفِ النَّار في غزةَ ولو في صورةِ صفقةٍ صغيرةٍ ترسّخ خيارَ التفاوضِ على صفقةٍ أوسعَ منها.

هل يخرج هوكستين من محادثاتِه مع نتنياهو بما يبرّر توجُّهَه إلى بيروت؟ يصعبُ التَّكهُّنُ في هذا السياق في ظلّ تشابك الحروبِ والأوراق. لا بدَّ أولاً من انتظار التعرف على قراءة إيرانَ الحقيقية للهجوم الإسرائيلي على أهداف في أراضيها. كانت عبارةُ المرشدِ الإيراني علي خامنئي عامةً وتفسحُ المجالَ لتفسيراتٍ متباينة. قال: «لا ينبغي التَّقليلُ من هجوم إسرائيلَ أو تضخيمُه». تحدَّث آخرون عن احتفاظ طهرانَ بحقِّها في الرَّد في الوقتِ المناسب. وقراءةُ الإشارات الإيرانية ليست سهلةً أصلاً فكيف في وضعٍ من هذا النَّوع.

من الطبيعي أن يشعرَ جنرالات «الحرس الثوري» بالاستفزاز حين تحلّق مقاتلاتٌ إسرائيليةٌ في أجواء إيران. التحليقُ يعني أنَّها قادرةٌ على استهدافِ منشآت النفط والمنشآتِ النووية التي تجاوب نتنياهو مع دعوة بايدن إلى تفادي مهاجمتِها.

هل تحرج الضربةُ الإسرائيليةُ الأخيرة السلطاتِ الايرانيةَ أمام شعبِها وحلفائِها أم هي قادرةٌ على تفادي ردّ مباشرٍ سيصطدم بالتأكيد بقرارِ أميركا الدفاعَ عن إسرائيل؟ وإذا اختارت إيران عدمَ الوقوع في فخ الاصطدام بأميركا هل تملك خياراً آخرَ غير الرّد عبر ترسانة «حزب الله» في لبنان؟ وهل تستطيع إيران القَبولَ بخروجِ جبهة لبنانَ من النزاع تحت لافتة القرار 1701 ما يعني نهاية «وحدة الساحات»؟ وهل يستطيع «حزب الله» العودة إلى الـ1701 وكأنَّ «جبهة الإسناد» التي كلَّفت باهظاً كانت قراراً متسرعاً اتخذه الحزب؟

لهذا تبدو مهمةُ هوكستين شديدةَ الصعوبة وقد نعرف اسمَ السّيدِ الجديد للبيت الأبيض على دوي الغارات الإسرائيلية وصواريخ «حزب الله» ومسيَّراته. ثم إنَّه ليس سهلاً على هوكستين كسحَ الألغامِ في حفنةِ أيام. وفي انتظارِ نضوجِ ظروفِ وقفِ النَّار لن تتردَّد حكومةُ نتنياهو في محوِ مزيدٍ من القرى في جنوبِ لبنان. لم تتعلَّم من تجاربِ الماضي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوكستين يسابق الأيامَ والألغام هوكستين يسابق الأيامَ والألغام



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon