توقيت القاهرة المحلي 10:18:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثِّقافُ قبل الثقافة!

  مصر اليوم -

الثِّقافُ قبل الثقافة

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

حتى لا نقع في فخّ اللغة الجافّة والتعريفات الناشفة، فإن الثقافة، باختصار، يمكن تعريفها بأنها: أسلوب الحياة، ومجموع الأفكار والعادات. هناك تفاصيل غزيرة تحت كل كلمة ممّا سبق، لكنّ الغرض من هذه التقدمة، هو الإلماح إلى هذا الخبر، ثم ندع مساحة للتأمل فيه سويّة:

خصّصت الدورة الـ20 «ملتقى النصّ» للنادي الأدبي بمدينة جدّة الساحلية السعودية عنوانَها الأبرز هذا العام لـ«الخطاب الأدبي والنقدي في نادي جدة»، بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس النادي.

في هذا الملتقى كانت التوصية الجوهرية هي:

ضرورة اهتمام الأقسام العلمية والمراكز البحثية في الجامعات بدراسة نتائج الأندية الأدبية عموماً ورسم اتجاهاتها المعرفية والنقدية والأدبية.

إلى ذلك: تقديم مشروع ثقافي تكاملي تنهض به الأندية الأدبية والثقافية بالتعاون مع جمعيات معنيّة في المملكة، تُنمّي المواهب الأدبية والثقافية لدى الشباب، بما يحفظ الهوية العربية السعودية ويُعزّز حضورها.

سنحاول بثّ الحرارة في الكلمات السابقة، التي تبدو كأنها صياغة البيانات الصحفية الباردة.

يعني ذلك أخذ الثقافة ومنتجات الثقافة على محمل الجدّ من طرف مؤسسات الدولة، كما من المؤسسات غير الربحية، والجامعات وغيرها من الجهات التي بمقدورها تمويل واحتضان ودعم الحركة الثقافية.

الثقافة ليست -فقط- نصّاً من الشعر الحرّ، ليست مجرد غاليري فنّي، ليست حتى المظاهر المادّية للثقافة كالطعام والعمارة والأزياء.

ما ذُكر، هو «من» الثقافة، وليس «كل» الثقافة.

الفكر هو من الثقافة، بل هو روحها وعقلها، والفكر معنيٌّ بتقليب التربة المجتمعية، وفحص الشيفرات المكوِّنة للذات: مَن نحن؟ من أين أتينا؟ ما الحمض النووي لثقافتنا التي تميّزنا عن سوانا...؟ أسئلة العروبة والدين والعالمية.

هذه الأسئلة يجيب عنها الباحثون والدارسون في العلوم الإنسانية المحضة، كعلم الاجتماع والتاريخ والفلسفة والأنثروبولوجيا وأخوات هذه العلوم.

جاء في «لسان العرب»:

الثِّقافُ: ما تُسوَّى به الرِّماحُ؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم في معلّقته:

إذا عضَّ الثِّقافُ بها اشْمَأَزَّتْ

تشُجُّ قَفا الـمُثَقِّفِ والجَبِينا

وتثْقِيفُها: تسوِيَتُها.

كما جاء في «المعجم الوسيط»: ثقف الشَّيْء أقامَ المعوجّ مِنهُ وسوّاه.

والْإِنْسَان: أدّبه وهذّبه وعلّمه.

تأسيساً على هذه الأرضية المعجمية اللغوية، فمن دون هذا «المِهماز» الثقافي أو أداة «الثِّقاف» لن تستقيم رماح المعرفة التي تشجّ ستار الجهل، وتثقب جدران الظلام لتنسال منها تيارات الضوء.

الثقافة التي تَنادى أدباء النادي الجدّاوي للحفاظ عليها وتنميتها في عصر الخِفّة الجارفة بالسوشيال ميديا، ومن يرون الدنيا بنظّارات السوشيال ميديا، بذريعة العصرنة والتمدرن (من مودرن!)...

هذه الثقافة الشاملة غير الجزئية، هي التي تكفل صناعة العقل الوافر، والعقل الوافر هو أعظم حصانة من الدعايات الجوفاء، وأخصب أرض لإنبات الجديد من الإبداع كل حين وآن.

الثقافة ضرورة وليست ترفاً، أو حديثاً فارغاً، بهذا المعنى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثِّقافُ قبل الثقافة الثِّقافُ قبل الثقافة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon