بقلم-مشاري الذايدي
الفكرة التي طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام جمع من القوات المسلحة المصرية بمناسبة يوم الشهيد، أمس (الأحد)، ضرورية وماسّة.
الفكرة، حسب نص الرئيس، هي المطالبة بـ«تشكيل لجنة لدراسة الأحداث التي تمت في أعوام 2011 و2012 و2013، لنضعها أمام الشعب والجميع بأمانة وشرف».
صحيح أن كتابة التاريخ، خصوصاً بلحظاته المصيرية، تحتاج إلى سنوات مديدة بعد «برودة» الحدث، وتحوله من لحظة سياسية ساخنة إلى حقل علمي موضوعي، فالروائي الروسي العظيم تولستوي، في ملحمته «الحرب والسلام»، احتاج أكثر من نصف قرن حتى يكتب روايته عن حروب نابليون الروسية 1812، وروايته نشرت من 1865 حتى 1869 على دفعات، غير أن عماد الدرس العلمي، والتناول الإبداعي حتى (روايات، وأفلام، ومسلسلات)، هو توفير المادة الوثائقية «الخام».
قدّم الرئيس السيسي في هذه الندوة روايته هو لما جرى في تلك السنوات الرهيبات بمصر، بوصفه هو شخصياً صانعاً، من موقعه، للحكاية كلها. رواية الرئيس السيسي، الذي كان مديراً للمخابرات الحربية ثم وزيراً للدفاع حينها، بعهدي المجلس العسكري و«الإخوان»، فتحت النقاش المهم حول بعض القضايا. من ذلك «أحداث محمد محمود»، وهي الاشتباكات الدامية في ميدان محمد محمود، واتهم السيسي صراحة «الإخوان» بافتعال تلك الأحداث للوقيعة بين الجيش والشعب، كما صار أيضاً في ماسبيرو وبورسعيد.
السيسي قال إن الدولة والجيش كانا حريصين على عدم سقوط أي مصري في «أحداث محمد محمود»، مشيراً إلى أن مصر شهدت أكثر من 200 مظاهرة خلال 4 سنوات كانت كفيلة بتوقف عجلة الإنتاج.
وأضاف - تذكّر أنه كان مديراً للمخابرات العسكرية ووزيراً للدفاع - أن الهدف كان إيقاع القتل بين المواطنين والمتظاهرين باسم المجلس العسكري، لإجباره على الابتعاد عن المشهد.
هذه رواية الرئيس المصري لدور جماعة الإخوان بسنوات الغليان المصرية، وهو طالب بتشكيل لجنة علمية سياسية توثق كل ذلك.
ليت اقتراح الرجل يجد طريقه للتنفيذ، خصوصاً أن الدولة المصرية هي الحافظ الأكبر للمعلومات والوثائق، إن كان لدى الأمن الوطني أو المخابرات العامة أو المخابرات العسكرية أو رئاسة الجمهورية، وغير ذلك من أوعية المعلومات.
وليقدّم «الإخوان»، ومن يناصرهم أو يصدقهم أو يهمّش دورهم، راويته أيضاً، ففي النهاية المستفيد الأكبر من هذا الإفصاح هو المواطن المصري، وكل مهتم بتحصيل الحقيقة، أو بعضها، فلا حقيقة مطلقة بالمرة.
الكشف عن المعلومات، من دون حساسيات أمنية، هو الترياق الشافي من أراجيف «الإخوان»، ومن معهم من «المفسدين في المدينة».
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع