توقيت القاهرة المحلي 11:59:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تونس بين حريقين

  مصر اليوم -

تونس بين حريقين

بقلم - مشاري الذايدي

يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) أحرق بائع الخضار، المتجول، على عربته، نفسه، في ميدان من ميادين مدينة سيدي بوزيد جنوب تونس، احتجاجاً على الحال وغضباً من السلطة، وكانت، كما قيل لنا، مأساة إحراق الشاب البوعزيزي، الذي قيل لنا أيضاً إن سبب انتحاره المباشر هو لطمة شرطية له، هي السبب في اندلاع «الثورة» ثورة الياسمين كما وصفت في تونس، والباقي معلوم.
قبل أيام أقدم الشاب التونسي، عبد الرزاق رزقي، يعمل مصوّراً في قناة تلفزيونية خاصة، على إحراق نفسه، في مدينة القصرين، وسط غرب تونس، احتجاجاً أيضا على ما احتج عليه من قبل، المسكين محمد البوعزيزي، نفسه. زملاء المصوّر الصحافي المتوفى أشاروا إلى أن رزقي كان يعاني من مشكلات اجتماعية مما أثر على حالته النّفسيّة وجعله يقدم على حرق نفسه.
السؤال لماذا لم يثر احتراق رزقي النتيجة نفسها التي أثارها احتراق البوعزيزي من قبل؟
قيل لنا إن ذلك كان سبب خلع النظام الحاكم في تونس، نظام بن علي، حينذاك، حيث غضب التوانسة من الحال التعيسة التي جعلت الشاب المسكين، المهان من لطمة الشرطية وإهانتها له (تبين لاحقاً زيف قصة الشرطية!)، يحرق نفسه، وترجموا هذا الغضب على شكل ثورة ودستور جديد وهرب الرئيس الحديدي زين العابدين بن علي. اليوم حركة النهضة التي باركت وشاركت بثورة التوانسة، جزء من السلطة، وكذلك بقية الثوار من كل التيارات، ومع ذلك لم يتغير شيء يجعل شاباً تونسياً يمتنع عن إحراق نفسه، وهو هذه المرة ربما أكثر وعياً وثقافة من بائع الخضار.
المراد قوله من كل هذا هو أن تفسير الانقلابات السياسية الكبرى، بسبب وحيد، ناهيك من أن يكون سبباً ساذجاً، تفسير منقوص وخادع. فلا يكفي أن يتحرك الشارع أو أن يحرق إنسان نفسه أمام الجميع، لتتغير الحال رأساً على عقب، فحالة تونس الاقتصادية والسياسية، لن يصلحها، فجأة، تدفق الناس للشارع وتمزيق الصور والهتاف بسقوط النظام... و«لقد هرمنا».
طريق التغيير يمرّ عبر مسار شاق، أمياله كثيرة، محطاته كثيرة، يحتاج لتعبئة كل الطاقات، ونعم، يحتاج إلى صبر على تغيير هوية الاقتصاد، وتحفيز الإنتاج، وجلب الاستثمار الخارجي، وتحقيق السكون العام، ومحاسبة الفاسدين و«محاصرة» الفساد بأقسى شكل ممكن... أما غير ذلك من الحلول «النارية» فهو شعلة متوهجة سرعان ما تموت بماء الحقيقة.
رحم الله البوعزيزي من قبل والرزقي الآن، غير أن صلاح الحال التونسي، موجود في مكان، ليس في عربة بائع الخضار ولا في كاميرا المصور اليائس.
هل يثير هذا كله السؤال، عن حقيقة ما جرى وتفسيره في تونس، إبّان الربيع العربي، على غير ما قيل لنا من قبل؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس بين حريقين تونس بين حريقين



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon