بقلم: مشاري الذايدي
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن قرب الكشف عن تفاصيل ما سمي خطة القرن أو صفقة القرن، لحلّ القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، تفتح من جديد مزادات الكلام وأسواق المزايدات.
لم يخفِ ترمب، منذ حملته الانتخابية الرئاسية، نواياه حول السلام في الشرق الأوسط، إذ وعد بخطوات لم يجرؤ عليها قبله رئيس أميركي، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس الغربية، وقد فعل.
كما كان حاله مع الوعد بصنع مقاربة شاملة كبرى تجاه النزاع الفلسطيني أو العربي - الإسرائيلي... وقد فعل. هل ينجح ترمب فيما أخفق فيه قبله الرؤساء الأميركان؟
كل رئيس أميركي يصل إلى البيت الأبيض كان يعد بإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ومنهم من ذهب خطوات بعيدة في هذا المشوار، مثل الرئيس «الديمقراطي» بيل كلنتون، وكان ربما هو أقرب رئيس أميركي لصناعة «صفقة القرن»، لكنه أخفق في الميل الأخير.
لنجاح أي صفقة لا بدَّ من موافقة الطرفين عليها، لا يكفي طرف واحد ولا ضغط الوسيط أو الراعي الأكبر، وحتى الآن يبدو الطرف الفلسطيني في حالة رفض كامل للصفقة، وعلى حدّ مراسل «العربية» عبد الحفيظ جعوان:
حتى قبل أن يطلع الشارع الفلسطيني على محتويات الصفقة وتفاصيلها!
نحن أيضاً لا نعلم التفاصيل، ثمة تسريبات هنا وهناك، لكن في المجمل، لا بد من حل هذه القضية يوماً ما، وسقف الحلّ معلوم، وقد أقرته القيادة الفلسطينية، ومعها الموقف العربي المعبّر عنه في قمة بيروت العربية عام 2007، بعد مبادرة الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز.
مبادرة السلام العربية كان هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.
قد ينجح ترمب في صنع السلام، في «قضية القضايا» لتصلح «بقية القضايا» على حدّ تعبير الراحل السعودي اللامع، غازي القصيبي، وقد يخفق كأسلافه، لكن ما يهمّ هنا:
هل يستغل المعسكر الخميني والمعسكر الإخواني، وعواصم هذا المعسكر: طهران وأنقرة والدوحة، وربما بيروت وبغداد ودمشق، هذا الزخم الجديد، لحلب القضية الفلسطينية من جديد، في سوق التهريج السياسي والمزايدات الرخيصة على بعض؟!
المؤشرات تقول ذلك، وثمة تسريبات عمَّا يعرف بتجديد المشروع الإخواني 2020 والعنوان الذي سيتم تحته بثّ الروح في الجسد الإخواني العليل، هو فلسطين، تماماً مثلما يفعل الإيراني الخميني وتوابعه العربية تحت إمرة «فيلق القدس» الذي فعل كل خراب في ديار العرب، ولم يمسّ القدس منه لا خير ولا شر!
للأسف الشديد، سنرى في هذا العام، سوقاً كبيرة للمتاجرة من جديد بالموضوع الفلسطيني، دون أي شعور بالمسؤولية «والواقعية» تجاه هذا الشعب المنكوب.