بقلم: مشاري الذايدي
حرب الصورة. وحروب الرواية، تضارع، إن لم تَفُقْ، حرب الصاروخ والبندقية والطائرات.
بعدما سبقت تركيا الإردوغانية في تقديم قصصها الجذَّابة، درامياً وعلى مستوى الصورة، قصص تروج للمنظور التركي بالنظارات الإردوغانية للتاريخ والذات والآخر.
ولنا في المسلسلين التركيين الدراميين؛ «وادي الذئاب» و«قيامة أرطغرل» خير مثال على هذا. فمسلسل «وادي الذئاب» كما هو معلوم يمجد ويطنطن للمخابرات التركية. أما صنوه المسلسل التاريخي «قيامة أرطغرل» فيمهد الطريق للعثمانية الثانية التي يتبناها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
الحديث عن البروباغندا التركية على الصعيد الدرامي، متشعب، وله موضعه المناسب، لكن الآن لنا بحث آخر. إنه الدراما الإيرانية، التي تعتبر دراما متقدمة وذات خصوصية، نعني «كل الدراما» الموالية للنظام أو المعارضة له.
نظلُّ في الدراما الموالية للنظام، وتحديداً لـ«الحرس الثوري»، الذي هو أصل وصلب النظام الإيراني.
هناك مسلسل إيراني يروج لبطولات عملاء «الحرس الثوري»، الخارقة المعجزة، وكيف تفوَّقوا، بفارق كبير، على عملاء المخابرات الأميركية.
المسلسل اسمه «كاندو» وصدر منه جزءٌ أولُ، لاقى شعبية عند محبي «الحرس الثوري»، لكنَّه أزعج مؤسسات أخرى، أهمها وزارة الخارجية بقيادة جواد ظريف؛ حيث يظهر المسلسل الخارجية بمظهر رخوٍ وغير جدير بالثقة.
لذلك أثار المسلسل اللغطَ، فهو يثمن «الحرس الثوري» في إيران، ويصوّر وزارة الخارجية الإيرانية على أنَّها تفتقد للكفاءة، كما أهاج المعتدلين نسبياً في الحكومة.
وانتقد وزير الخارجية محمد جواد ظريف الموسم الثاني على تطبيق الدردشة الصوتية الشهير «كلوب هاوس» الأسبوع الماضي، واصفاً إياه بأنَّه «كذبة من البداية إلى النهاية».
وعند بثّ الموسم الأول صيف عام 2019، أرسل ظريف رسالة احتجاج رسمية إلى المرشد الأعلى علي خامنئي.
لكن بعيداً عن عركة «الإخوة الأعداء» يظلُّ السؤال الكبير القديم الجديد، أين نحن من المنتج الدرامي البديل، و«المصروف» حقاً في هذا الصدد، بالضد من المثالين؛ التركي والإيراني؟
نعم هي دراما سياسية، وهي ليست أجود صنوف الدراما، لكنَّها، نتحدث بصراحة، صارت أداة مؤثرة من أدوات الصراع الفاعلة.
مع استثناء الدراما المصرية لحد ما، ماذا لدينا مما يعاكس عمل الخصوم على هذه الحلبة... أين الخلل؟