بقلم : مشاري الذايدي
اتّهم برهان جولا، قائد الجيش الإثيوبي، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أبرز الشخصيات العالمية المتحدّرة من تيغراي، بالضغط لصالح الإقليم المتمرّد، ومساعدة سلطاته في الحصول على الأسلحة. وقال قائد الجيش، في مؤتمر صحافي لدى حديثه عن مدير منظمة الصحة العالمية: «عمل في دول مجاورة لإدانة الحرب. عمل لصالحهم للحصول على الأسلحة». وأضاف قائد الجيش الإثيوبي، برهان، متسائلاً: «ماذا تتوقعون منه؟ لا نتوقع منه أن يقف إلى جانب الشعب الإثيوبي ويدينهم (أعضاء جبهة تحرير التيغراي)».
متحدث باسم منظمة الصحة العالمية، بدوره قال إنه ما من تعليق فوري على الاتهام الموجه إلى تيدروس أدهانوم.
بكل حال، تظل هذه اتهامات غير مبرهنة من الجنرال برهان حتى هذه اللحظة، لكن حديثنا اليوم عن مسألة أخرى، وهي الجانب السياسي لدى مديري المنظمات الدولية، خاصة الإنسانية والثقافية منها.
السياسي والأكاديمي الإريتري الأصل الإثيوبي الجنسية تيدروس أدهانوم غيبريسوس مولود في العاصمة الإريترية أسمرة سنة 1965. وقد انتخب أدهانوم مديراً عاماً لمنظمة الصحة في مايو (أيار) 2017 بعد دعم صيني وأفريقي واضح، قادته زيمبابوي بقيادة روبرت موغابي، الشهير.
تولَّى منصب وزير الخارجية الإثيوبية في الفترة ما بين 2012 و2016. ومن المعلوم أنه كان ناشطاً قيادياً ضمن الحزب الشيوعي الإثيوبي.
أثناء توليه وزارة الخارجية في حكومة هايلي مريام بدعم من حزب «الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية» الحاكم سنة 2015 وجّه كلاماً عدائياً لمصر، قال فيه إن «مصر أضعف من أن تدخل حرباً معنا».
إذن نحن نتحدث عن رجل سياسي حزبي ناشط من الطراز الأول، وليس غريباً عليه العمل المسيّس على قضية من القضايا. ربما يقال؛ ومن هو سالم من «الجينات» السياسية في قيادات المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة؟
لكن من الضروري أن يكون هناك قدر من الشفافية واليقظة لمعرفة خلفيات هذا المدير أو ذاك لهذه المنظمة الدولية أو تلك، حتى تتَّضح الحدود الفاصلة بين القرارات والاتجاهات المبنية على اختيارات فكرية سياسية حزبية، تخصّ صاحبها ومن ينتمي إليهم فقط، وبين النشاط الأممي الدولي الذي يفترض به أن يكون مؤسساً على مواثيق دولية سابقة، ومشتركات إنسانية قانونية جامعة. وليس على برامج حزبية سالفة.
هذا الكلام يسري على أمين عام منظمة الصحة العالمية، الدكتور أدهانوم، وفريقه المماثل له، كما يسري على كل قيادات المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وقد رأينا مؤخراً - والشيء بالشيء يذكر - كيف تهافت المبعوث الدولي لليمن، البريطاني مارتن غريفث، واستغاث بالأمين العام للأمم المتحدة، البرتغالي أنطونيو غوتيريش لثني واشنطن عن تصنيف ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية!
ما هي خلفيات البريطاني والبرتغالي السياسية، ومصالحهما الشخصية، وتعهداتهما السابقة لوصولهما إلى هذين المنصبين؟
هذه أسئلة تساعد على رؤية الصورة بأقصى ما يمكن من الوضوح، حتى يبنى على الشيء مقتضاه.