بقلم : مشاري الذايدي
مر عام، له علاقة بكل أو جُلّ الناس، هو هدف مغرٍ لمحترفي السياسة، استثماراً له وتلاعباً به، واستناداً إليه... تسري هذه القاعدة الآن ومن قبل، أمس واليوم وغداً، في كل مكان وبأي اتجاه.
الفقر، البطالة، الحرب والسلام، القحط والخصب، في لحظات سكون الطبيعة وفي كربات غضبها فيضاناً وزلزالاً وبركاناً ورياحاً صرصراً عاتية.
لا يوجد اليوم، منذ زهاء العام، أكثر إشغالاً لسكان الكوكب من مصيبة «كورونا» بكل نسخها الكلاسيكية والجديدة والمستجدة... وأخيراً المتحورة المتهورة!
ليس الهاجس الصحي وحسب من يأكل خبز الطمأنينة وهواء السكينة، بل هواجس كسب الرزق وديمومة الراتب الشهري وقلق تأمين الوظيفة، مع طواعين الإغلاق والغلق والانغلاق التي أكلت الصحة النفسية والشعور بالأمان الوظيفي، خاصة في القطاع الخاص، وخاصة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر الجديدة.
ناهيك عن عدم الشعور بطبيعة الحياة من سيلان الأخبار والتوقعات السوداء عن مستقبل الجوائح والمستجدات ونقاشات اللقاح وأنواعه، مستصحباً في كل هذا تدفق الميديا المستمر على مدار الدقيقة عن عالم «كورونا».
لكن بالعودة لبداية حديثنا هنا، هل وظفت السياسة هذه النازلة الجائحة في بازار السياسة؟ قطعاً، وهل تفعل في كل زمان ومكان إلا هذا؟!
لعل الساحة الأميركية مع حروب البسوس الحمراء بين الديمقراطيين والجمهوريين، تحديداً الحرب الحالية بين معسكرَي ترمب وبايدن، خاصة من طرف الأخير، فهم من أنهكوا خصومهم من الجمهوريين بالاستهتار تجاه «كورونا» من أجل خاطر الأغنياء.
لكن في الحقيقة وبعيداً عن كاميرات الإعلام، ثمة تعاطٍ مختلف مع ثقافة «كورونا» عند هذا الحزب، نتذكر قصة الزعيمة الديمقراطية نانسي بيلوسي مع الصالون النسائي في عز موسم الهجوم على ثقافة «كورونا» وتكريس العزل.
الجديد هو هذا:
رصدت الكاميرات جون كيري، مبعوث الإدارة الأميركية الجديدة للمناخ، وهو بلا كمامة على كرسي الطائرة المتجهة من بوسطن لواشنطن.
عدد من المعلقين على «تويتر» سألوا: «ماذا ستكون ردة فعل بايدن حين يكتشف أن مبعوثه بلا كمامة، على متن الطائرة، في وقت لم يكن هناك ما يستدعي نزعها، بمعنى أنه لم يكن يشرب أو يتناول الطعام».
أما السيناتور الجمهوري البارز، تيد كروز، فقد استثمر الفرصة، لمشاركة ونشر تلك الهفوة، مكتفياً بالتعليق عبر «إيموجي» تعبيراً عن صدمته البالغة!
الخلاصة، حكي السياسة شيء، وحكي الحقيقة شيء آخر تماماً، وحتى عند جماعات أخرى على فكرة.
كل ما مضى هنا هو التوظيف السياسي لسلاح «كورونا»، وليس عن ضرر «كورونا» على صحة الناس الجسدية والنفسية، فهذا ما لا نناقشه هنا بتاتاً.