بقلم : مشاري الذايدي
فلسطين، أكثر قضية تم «التكاذب» حولها بالعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، حتى ندخل العنصرين التركي والإيراني بالحسبة.
لم تصح العزائم ولم يتمحض الرأي ولم تتجه الرحلة ولم تستثمر القوة، بطريقة صحيحة حول هذه القضية من أيام الحاج أمين الحسيني، الذي كثيراً ما راهن رهانات سياسية خاطئة - تأييده لهتلر مثلاً - مروراً بأيام الشقيري ثم عرفات وصولاً إلى اليوم، مع الانشطار الفلسطيني، الضفة - غزة، أو: فتح - حماس، وكل حزب بما لديه فرح.
جلّ الانقلابات والفتن السياسية والجماعات المسلحة، في القرن الماضي، تعمّدت ولادتها بمغطس القضية الفلسطينية، حتى البعيد عنها في أقاصي الدنيا مثل قذافي ليبيا في الستينات!
اليوم يعود الحديث ساخناً والمعارك مشتعلة حول «القضية» ويراد من الجميع، تكرار الأخطاء نفسها، وترديد الخطب نفسه، وإظهار الهتافات نفسها، التي أدت أصلاً لما نراه اليوم في غزة والقدس ومآسي الفلسطينيين.
التركي إردوغان والإيراني خامنئي أدليا بدلوهما ويدليان دوماً... أنقرة طلبت من السفير الإسرائيلي الرحيل «مؤقتاً» وهذا نص الخبر: «مؤقتاً» على وقع «تلطخ» يد نتنياهو بدماء الفلسطينيين، وهو دوماً يفعل ذلك أصلاً، على الأقل طبقاً لخطاب المشابهين لإردوغان، فلم اليوم، فقط، استبعاد السفير الإسرائيلي «مؤقتاً» من تركيا!؟
كتب الكاتب اللبناني حازم صاغية في مقاله الأخير بصحيفة «الحياة»: «لقد أُسبغت كلّ النعوت على قيام إسرائيل بما يجعله حدثاً فريداً. وككلّ شيء فريد، لا بدّ من حلّ فريد له، فريد إلى حد يستحيل معه الحل. الأنظمة العسكرية - القومية فعلت فعلها في تعميم هذا (التحليل) لغرض في نفسها هو تحويل الأنظار عن هزال شرعيتها. هكذا تبلورت (قضية) تشبه الثأر العشائري الذي لا سبيل إلى معالجته، لا بالسياسة يُعالَج ولا بالحرب».
لنرجع إلى عالم الواقع، العرب، ومنهم السلطة الفلسطينية، وبحدّ ما حماس بعد وثيقة المراجعة، فوفق قمة بيروت العربية، هم سلموا بفكرة الدولتين، فلسطين وإسرائيل حسب حدود عام 1967 بما فيها القدس الشرقية والغربية، وغير ذلك من المبادئ والقواعد التي حكمت فكرة التسليم بحق الدولتين في الوجود.
الصحي والسليم هو جمع الجهود العربية والمسلمة في إجبار إسرائيل على هذا الحل، وليس في توظيف القضية الفلسطينية لصالح أهداف دعائية وسياسية، آخر شغلها الحقيقي والصادق هو «إنهاء» المشكلة الفلسطينية، مثلما يفعل اللبناني حسن نصر الله والإيراني قاسم سليماني، والبقية.
كل عربي ومسلم، بل كل إنسان، ينحاز للمظلومية الفلسطينية، هذا بديهي، ولأجل هذا الانحياز «يقرف» من بازار المتاجرة الدائمة بالمأساة الفلسطينية التي لا تنفع الناس ولا تمكث في الأرض.
نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع