توقيت القاهرة المحلي 00:57:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة... أخطر من الواقع بل هي الواقع!

  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع

بقلم : مشاري الذايدي

جماعات متخيلة، هي دراسة كتبها بندكت أندرسون، وعرض لها بتكثيف الباحث المصري، خالد فهمي، في تمهيده الواسع بين يدي دراسته بل أطروحته المهمة تحت عنوان (كل رجال الباشا).
ذهب أندرسون إلى أن الأمم الحديثة لم تكن أبداً أمماً طبيعية، مشكلة من الأواصر القديمة كالدم والدين واللغة والثقافة، كما تقول الخطابات «الوطنية»، مؤكداً في المقابل أن هذه الأمم متخيلة.
يؤكد أندرسون أن «كل المجتمعات الأكبر من القرى البدائية التي يكون فيها الاتصال بين أعضائها فيها اتصالاً مباشرا هي: جماعات متخيلة... ولذلك فلا تقسم المجتمعات إلى حقيقية ومتخيلة وإنما وفقاً لكيفية تخيلها».
طبعاً ذهب أندرسون إلى أن الحداثة الرأسمالية في القرون الـ4 المتأخرة هي التي خلقت الشعور بهذه الهوية القومية المثالية أو المتخيلة، وجعل انتشار المطبعة والمطبوعات التي خلقت «كتل قراء موحدة» كان من شأن ذلك أن يقضي على تعدد اللغات المنطوقة بين المدن أو القرى المتقاربة أو على الأقل أن يحد منها، وهو تطور نوعي لتمكين سلطة الدولة الحديثة. وقد شكل هؤلاء القراء للغة الواحدة الموحدة عن طريق الطباعة، بداية مجتمع قومي متخيل.
كما تحدث عن ثلاث مؤسسات «حديثة» ساهمت في خلق الوعي العام المشترك بالذات المتخيلة، وهي: التعداد والإحصاء السكاني، ثم تصميم الخرائط الوطنية، ثم إنشاء المتاحف القومية... في تفاصيل لا مكان لسردها هنا. هذه خلاصة - ربما مخلة - للنظرية، ومناسبة سوقها هنا، التأمل في الصورة التالية العجيبة:
كيف يقدم فتى نمساوي من أصل ألباني على الالتحاق بتنظيم «داعش» الموجود في سوريا والعراق من أجل إسقاط أنظمة العراق وسوريا، لصالح «خليفة» عراقي، ينازعه الأمر «أمير سوري» يختلفان في الاعتراف بقيادة «المصري» أيمن الظواهري لهما، والمصري مقيم في أفغانستان أو على حدودها، وهو بدوره، أي المصري، يبايع بإمارة المؤمنين ملا أفغاني، يتزعم لفيفاً من عصابات متطرفة بشتونية!
ربما نجد الجواب في نظرية «الجماعة المتخيلة» التي طرحها أندرسون، وهي بالنهاية تخيلات مخلوقة في الأذهان ثم تتدفق إلى الأعيان، أي أنها منتج خيالي، في الأساس، ينتقل بعد اكتماله في الخيال، ليمشي على أديم الواقع، بقدمين وساقين وجسد كامل، يركض ويزفر ويفور بحرارة الحياة.
من هنا الحديث عن جبروت الخيال، وأننا في الأساس كلنا، مواليد هذا الخيال، ومن هذا الخيال، خيال الإسلام السياسي المتوهم والمتورم مسألة: التاريخ... كيف تشكل ومن نحته، ومن فسره، ومن هم أبطاله ومن هم أراذله، وما هي مسيرته وإلى أين يمضي وماذا يريد؟
هذه الخيالات المريضة، الزائفة، ليست مجرد نقاشات نظرية بين حفنة من المؤرخين والمنظرين، بل هي خطط للموت والقتل والتخريب... والدليل حكاية الفتى النمساوي - الألباني - الداعشي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:09 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة
  مصر اليوم - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد

GMT 03:15 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

رانيا يوسف تحتفل بقُرب انتهاء تصوير "مملكة إبليس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon