توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة... أخطر من الواقع بل هي الواقع!

  مصر اليوم -

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع

بقلم : مشاري الذايدي

جماعات متخيلة، هي دراسة كتبها بندكت أندرسون، وعرض لها بتكثيف الباحث المصري، خالد فهمي، في تمهيده الواسع بين يدي دراسته بل أطروحته المهمة تحت عنوان (كل رجال الباشا).
ذهب أندرسون إلى أن الأمم الحديثة لم تكن أبداً أمماً طبيعية، مشكلة من الأواصر القديمة كالدم والدين واللغة والثقافة، كما تقول الخطابات «الوطنية»، مؤكداً في المقابل أن هذه الأمم متخيلة.
يؤكد أندرسون أن «كل المجتمعات الأكبر من القرى البدائية التي يكون فيها الاتصال بين أعضائها فيها اتصالاً مباشرا هي: جماعات متخيلة... ولذلك فلا تقسم المجتمعات إلى حقيقية ومتخيلة وإنما وفقاً لكيفية تخيلها».
طبعاً ذهب أندرسون إلى أن الحداثة الرأسمالية في القرون الـ4 المتأخرة هي التي خلقت الشعور بهذه الهوية القومية المثالية أو المتخيلة، وجعل انتشار المطبعة والمطبوعات التي خلقت «كتل قراء موحدة» كان من شأن ذلك أن يقضي على تعدد اللغات المنطوقة بين المدن أو القرى المتقاربة أو على الأقل أن يحد منها، وهو تطور نوعي لتمكين سلطة الدولة الحديثة. وقد شكل هؤلاء القراء للغة الواحدة الموحدة عن طريق الطباعة، بداية مجتمع قومي متخيل.
كما تحدث عن ثلاث مؤسسات «حديثة» ساهمت في خلق الوعي العام المشترك بالذات المتخيلة، وهي: التعداد والإحصاء السكاني، ثم تصميم الخرائط الوطنية، ثم إنشاء المتاحف القومية... في تفاصيل لا مكان لسردها هنا. هذه خلاصة - ربما مخلة - للنظرية، ومناسبة سوقها هنا، التأمل في الصورة التالية العجيبة:
كيف يقدم فتى نمساوي من أصل ألباني على الالتحاق بتنظيم «داعش» الموجود في سوريا والعراق من أجل إسقاط أنظمة العراق وسوريا، لصالح «خليفة» عراقي، ينازعه الأمر «أمير سوري» يختلفان في الاعتراف بقيادة «المصري» أيمن الظواهري لهما، والمصري مقيم في أفغانستان أو على حدودها، وهو بدوره، أي المصري، يبايع بإمارة المؤمنين ملا أفغاني، يتزعم لفيفاً من عصابات متطرفة بشتونية!
ربما نجد الجواب في نظرية «الجماعة المتخيلة» التي طرحها أندرسون، وهي بالنهاية تخيلات مخلوقة في الأذهان ثم تتدفق إلى الأعيان، أي أنها منتج خيالي، في الأساس، ينتقل بعد اكتماله في الخيال، ليمشي على أديم الواقع، بقدمين وساقين وجسد كامل، يركض ويزفر ويفور بحرارة الحياة.
من هنا الحديث عن جبروت الخيال، وأننا في الأساس كلنا، مواليد هذا الخيال، ومن هذا الخيال، خيال الإسلام السياسي المتوهم والمتورم مسألة: التاريخ... كيف تشكل ومن نحته، ومن فسره، ومن هم أبطاله ومن هم أراذله، وما هي مسيرته وإلى أين يمضي وماذا يريد؟
هذه الخيالات المريضة، الزائفة، ليست مجرد نقاشات نظرية بين حفنة من المؤرخين والمنظرين، بل هي خطط للموت والقتل والتخريب... والدليل حكاية الفتى النمساوي - الألباني - الداعشي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع جماعات متخيّلة أخطر من الواقع بل هي الواقع



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon