بقلم - مشاري الذايدي
الأربعاء الماضي، أعلن الرئيس الأميركي ترمب، أمام وفود الدول المكونة للتحالف الدولي لمحاربة «داعش» بالعراق وسوريا، وهي 74 دولة و5 منظمات دولية، النصر الكامل على «داعش» خلال أسبوع، يعني الأربعاء المقبل!
وبشّرنا ترمب بأن التحالف بقيادة أميركا قد سيطر على «مائة في المائة من أرض الخلافة».
ماذا بقي إذن من «داعش»؟ ترمب يجيب في كلمته الاحتفالية: «فلول، هذا كل ما بقي لدينا، فلول».
ترمب المحتفل، مع إقراره بخطورة الفلول الداعشية، كان قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) السالف في قرار صاعق عن سحب القوات الأميركية من سوريا، وهي قوة ليست كبيرة جداً على كل حال، وها هو يريد من الجنرالات وضع تصور واضح لنهاية الحرب العسكرية، فهو ضد الحروب «اللانهائية».
وزير خارجيته مايك بومبيو في نفس المؤتمر شرح، وأوضح، فتحدث قائلاً إن «طبيعة المعركة في طور التبدل، وعلينا تالياً تبني مقاربة رشيقة». والمعركة الأميركية لم تنتهِ بعد، لكن تحوّرت وتطوّرت.
هذا ما قاله الرئيس ترمب ووزير خارجيته، غير أن السؤال الأصعب والأعقد؛ ما هو تعريف النصر على «داعش»؟
حتى بالمعنى الأمني والعسكري، تعريف النصر على «داعش» نهائياً «لجيلنا» كما قال بومبيو، يظل تعريفاً صعباً.
انظر حولك بليبيا واليمن، مثلاً، تجد ظهوراً «داعشياً»، بل في سوريا والعراق أنفسهما، فهذا تقرير لخبراء بالأمم المتحدة سُلم هذا الأسبوع لمجلس الأمن يقرّ بأن «داعش» يُظهر «تصميماً على المقاومة وقدرة على شنّ هجمات مضادة» مع 14 ألفاً إلى 18 ألف مقاتل لا يزالون في سوريا والعراق، بينهم 3 آلاف «مقاتل» أجنبي.
لن أتحدث عن أن المعركة الحقيقية والعميقة، هي معركة فكرية تربوية بامتياز، فهذا كلام مؤلم ويتجاوز قدرات وعقول جلّ ساسة العالم المولعين بالنتائج المحددة العملية السريعة ذات الأرقام.
أتحدث فقط عن المناخ السياسي الذي يشجع بكتيريا «داعش» وأمثالها على التكاثر في العراق وسوريا فقط. فأعظم منشّط للبكتيريا الداعشية والقاعدية هو مثيلها، البكتيريا الخمينية النشطة، هذه مرهونة بهذه، كأنهما الزكام وأعراضه!
وفي الوقت الذي تقرع فيه طبول الانتصار على «داعش» بسوريا، نقرأ هذا الخبر عن أن «وفداً إيرانياً زار مدينة الميادين، وحثّ الشباب في المدينة وريفها على العودة إلى مناطقهم، والالتحاق بصفوف القوات الإيرانية والميليشيات الموالية».
ونقرأ أيضاً عن إعلان وزير الطرق وإعمار المدن الإيراني محمد إسلامي، تدشين طريق سريعة تربط كرمان شاه في غرب إيران بمدينة حميل شرق سوريا.
النصر على جماعات الإرهاب يجب أن يشمل أعضاء العائلة الإرهابية كلها؛ «داعش» السنّة و«داعش» الشيعة، كل منهما يستمد وجوده من الآخر.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع