بقلم: مشاري الذايدي
الأفكار الغريبة والتخيلات العجيبة، مهما بلغت من خرافيتها ومجافاتها للعقل البدهي، تجد لها طريقاً وأنصاراً وإعلاماً، خاصة في لحظات المحن البشرية.
امتحانات الحروب الكبرى، والمجاعات المفنية، والكوارث الطبيعية المدمرة، و.. الأوبئة الجائحة.
في هذه الأشهر العصيبة تظافر علينا، نحن البشر، جملة من الشرور التي تنشر غمامات السواد في أفقنا، وتنشر رشّات القلق والحيرة على نفوسنا، بدأت بما يدعى فايروس «كورونا المستجد» أو حسب اسمه الذي وسمته به منظمة الصحة العالمية- في إنجاز عظيم! - وهو «كوفيد-19».
الفايروس الذي قلب الدنيا رأساً على عقب، بين هارب منه مذعور، وحائر محشور، ومهزوم مدحور، ومقاتل منصور، يراقبهم كلهم مشكك في الحكاية كلها ولا يرى فيها منطقاً من نور.
أقول، في مثل هذه الأنواء والأجواء، يتكاثر تجار القلق، والغريب كيف يستمتع بعض البشر بنفخ دخان الكآبة على صدور الناس.
جريدة الصن البريطانية نشرت هذه الأيام تحذيراً أطلقه علماء فلك حول دخول الشمس فترة «سبات كارثي»، ما يؤدي إلى حجبها ودخولها المرحلة الأدنى للطاقة الشمسية، ما قد يتسبب في تجمد الطقس ووقوع الزلازل وفق صحيفة «ذا صن»، ما يؤدي لظاهرة «ديلتون مينيمام»، التي حدثت بين 1790 و1830، ما أدَّى إلى فترات من البرد القارس وفقدان المحاصيل والمجاعة وانفجارات بركانية قوية.
الصحيفة نشرت في وقت سابق تقريراً ظريفاً عن أشهر مواعيد نهاية العالم، بالعصر الحديث. ومن ذلك إنه في عام 1992، أصدر الإعلامي الإذاعي هارولد كامبينغ كتاباً بعنوان «1994؟» يزعم فيه أن عودة السيد المسيح ستكون في سبتمبر (أيلول) 1994.
لكن أشهر موعد لنهاية العالم في العصر الحديث كان موعد حلول الألفية الثانية نظرية عام 2000، والتي كانت تقول إنه عندما تحين بداية الألفية بالدقيقة والثواني، فإن أنظمة الكمبيوتر في العالم ستتوقف عن العمل، وينهار نظام العالم كله، وتحدث الحروب والفوضى..
وفي ديسمبر 2012 ضج الإعلام بأخبار نهاية العالم حسب تقويم المايا، واليوم نجد هذه الأخبار، تنتشر إما بطريقة العرافين الحدثاء أو بطريقة الأخبار الصحفية المثيرة التي يتم ترويجها في «فيسبوك» و«تويتر» ومجموعات «واتساب» (القروبات).
لدينا في التاريخ الإسلامي جماعات كثيرة تكرر كل فترة تقديراتها الخاصة عن قرب نهاية الدنيا أو ما يعرف بأدبيات الظهور، خاصة لدى الشيعة والفرق الباطنية، وحتى لدى السنة، وبمناسبة السنة، فقد ألَّف الفقيه والأديب المصري الشهير جلال الدين السيوطي، الذي توفي في القرن العاشر الهجري قرب بداية الألفية الهجرية الجديدة، كتاباً لطيفاً بعنوان: الكشف عن تجاوز هذه الأمة الألف. نافياً فيه أن تكون نهاية الزمان حلّت ببزوغ الألف الجديدة.
الحاصل... نهاية الدنيا تكون حين تفقد الأمل والعقل والعمل.. والباقي لا شأن لنا به.. أو هكذا يفترض.