بقلم: مشاري الذايدي
بعد مخاض عسير وافق البرلمان العراقي على التشكيلة الحكومية للسيد مصطفى الكاظمي، الآتي من منصبه الأمني الدولي الرفيع على قيادة المخابرات العراقية، بعدما أحدث ترشيحه انقساماً بين الكتل الشيعية المهيمنة منذ الغزو الأميركي للعراق على الحكم عام 2003 وكل ذلك معلوم.
قد يكون الكاظمي أول سياسي عراقي شيعي من خارج الأحزاب الشيعية الأصولية، بعدما تعاقب على الرئاسة الحكومية 3 من قيادات حزب الدعوة - وهو نسخة جماعة الإخوان الشيعية - ثم عادل عبد المهدي الذي يقولون إنه مستقل، وهو منهم، ثم الآن الكاظمي، الذي وإن كان صاحب تجربة سياسية معارضة لصدام بنكهة إسلامية، لكنه منذ زمن - وهو كما يوصف - رجل وطني عراقي مستقل وحريص على استقلال العراق وله علاقات جيدة مع الأميركان ولا بأس بها مع إيران.
كل من يحب الخير للعراق يتمنى نجاح العهد الكاظمي من أجل عراق مستقر مستقل مطمئن، وليس عراقاً تابعاً لإيران، يصنع المشكلات لنفسه ولجيرانه.
من أجل ذلك نجد القوى العربية الصادقة تبارك هذه الصفحة العراقية الجديدة، وفي مقدمة العرب السعودية، وقد بعث الملك سلمان بن عبد العزيز لرئيس الحكومة العراقية الجديد مصطفى الكاظمي بهذه الرسالة: «يسرنا أن نبعث لدولتكم باسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وباسمنا أجمل التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد، داعين المولى عز وجل أن يوفقكم لما فيه خير العراق وشعبه الشقيق»، نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية. وفي السياق نفسه، أرسل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رسالة للكاظمي تضمنت: «أطيب التمنيات للعراق وشعبه الشقيق بالمزيد من النماء والاستقرار».
كل عاقل يتمنى للكاظمي النجاح، كما رغبناه من قبل للعبادي بل حتى لنوري المالكي، وهذه المساحة خاصة سجلت هذه الأمنيات، وعلى سبيل المثال في تاريخ 3 مايو (أيار) 2017 كتبت هنا مذكّراً السيد حيدر العبادي بنصائح علامة العراق، بل العرب، الأب أنستاس ماري الكرملي، أو بطرس عواد كما هو اسمه الأصلي، توفي 1947 عن 80 عاماً، له كتاب كان مقرراً على التلاميذ في العراق، اسمه «خلاصة تاريخ العراق»، مما جاء فيه، عن كارثة الغزو المغولي للعراق، قوله في نص مهيب: «وأنت تعلم أن البلاد التي لا يتسنى لها الراحة لا يتسنى لها المعاملة والمتاجرة، ولا المبايعة ولا المقايضة ولا الزراعة ولا الصناعة، فتغدو فقيرة بحكم الحال. وإذا افتقرت البلاد قام أهلها بغزو بعضهم بعضاً ليعيشوا، فيأخذ القوي ما يجده عند الضعيف، وعلى هذه الصورة تنحطّ البلاد ويذلّ سكانها ويقلون إن لم ينقرضوا، وما ذلك إلا آفة الجهل، وما آفة الجهل إلا الأقوام المنحطة التي لا تريد الرقي كما لا تريد أن تدين لسيّد عاقل حكيم، كما تظهر هذه الحقيقة لأدنى تأمل». (ص174 - 175).
لعل هذه النصيحة من الحسن مطالعتها من جديد.