توقيت القاهرة المحلي 11:13:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عمارة والحوالي... إقبال وإدبار

  مصر اليوم -

عمارة والحوالي إقبال وإدبار

بقلم: مشاري الذايدي

حتى لا يضيع خبرُ رحيلِه في زحمة الكورونا والأحداث السياسية العاصفة بديارنا، يحسن هنا، بعد الترحُّم عليه، الوقوف عند أثر الباحث المصري التراثي الصحوي محمد عمارة وصورته.
الرجل كان غزير الحضور والتأليف، مؤلفاته جاوزت 200 مؤلف، بين إصدارات صغيرة ومجلدات كبيرة. ركَّز فيها على إحياء تراث زعماء الإصلاحيين الدينيين الثوريين، أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وقاسم أمين وغيرهم.
مرَّت حياته بأطوار كثيرة، فقد كان في بدايته يسارياً ثورياً سُجن بسبب ذلك في الخمسينات، ثم تحوَّل ناحية التراث مستلهماً منه شحنات ثورية إصلاحية، ثم انتهى الأمر به مدافعاً صلداً عن التراث الكامل التام الناجز، ودخل في سجالات كثيرة مع خصومه.
هو لدى رضوان السيد - ورضوان أحد أساتذة الإسلاميات المعاصرة والدراسات التراثية - كان مهووساً بالمعتزلة، وإنهم أصل العقلانية والتنظير الحق في التاريخ، ولا سواهم، وهو، أي رضوان يقول، كما في مقالته الرثائية له: «صرنا نحن إلى أنَّ النظريات السياسية التاريخية لا ينبغي التماسها عند الفلاسفة ولا عند المتكلمين، بل عند الفقهاء مثل الماوردي. وظلَ هو مصراً على أنَّ المعتزلة هم أهل التفكير السياسي الإسلامي الأصيل».
وهو عند أحد المتحمسين للإحياء المعتزلي والعقلاني، الباحث العراقي عبد الجبار الرفاعي، أيضاً في مقالته الرثائية عنه، جزء من ظاهرة «الاحتماءُ بالتراث والدعوة للعودة لماضي الأمة وعلوم ومعارف الآباء هو المشترَكُ بين محمد عمارة وهؤلاء المفكرين (التوّابين) من إثم التفكير العقلاني». والتوابون هنا إشارة لجماعة سليمان بن صرد النادمة على خذلان الحسين، ذات دلالة خاصة في التراث الشيعي.
لكن يهمني هنا الإشارة لصورة محمد عمارة لدى التيارات الصحوية ذات النزعة القطبية، أو المحافظة التقليدية. يكفي هنا الإحالة لكتاب «محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة، لسليمان الخراشي».
د. سفر الحوالي هو تلميذ محمد قطب، شقيق سيد قطب وناشر فكره، كان يعتبر محمد عمارة وفهمي هويدي وحسن الترابي تياراً ضالّاً علمانياً ماكراً، كما في تعليقه الطويل والشهير عن هذا التيار في كتابه الخطير وأطروحته للدكتوراه «ظاهرة الإرجاء في العالم الإسلامي».
لكن بعد سنوات قليلة، وفي خضم التآزر بين الإسلاميين بشتى نحلهم، في التسعينات الميلادية تقارب الحوالي مع ثورية عمارة وهويدي، وذلك بعد تكوين الحوالي ما سمَّاه «الحملة العالمية لمقاومة العدوان». وأدخل معه في قائمة المؤسسين فهمي هويدي، ووصفه بالمفكر الإسلامي، كما أدخل معه، وفي قائمة المؤسسين أيضاً، الدكتور محمد عمارة، ووصفه كذلك بالمفكر الإسلامي!
هذه الانعطافة من صقر القطبيين السعوديين، بل على مستوى العالم، سفر الحوالي، تجاه مثقفين من مثقفي الإسلاميين «العصريين» لا تفسير لها إلا ذوبان الفوارق الشكلية بين هذه الأمشاج الأصولية عند لحظات الامتحان وهجوم الأغيار.
بكل حال، لا جدال في جدية ونهم محمد عمارة الثقافي ودأبه البحثي، رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمارة والحوالي إقبال وإدبار عمارة والحوالي إقبال وإدبار



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon