توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وثيقة ملكية الدولة وأسئلة حائرة

  مصر اليوم -

وثيقة ملكية الدولة وأسئلة حائرة

بقلم - مصطفى كامل السيد

أن تعلن الحكومة مشروع وثيقة حول الحدود التى تلتزم بها فى ملكيتها للأصول الإنتاجية فى الوطن هو بكل تأكيد أمر جيد، فقد طالب به الكثيرون فى مصر، وهو استجابة لمطالب المؤسسات المالية الدولية، وتحديدا صندوق النقد الدولى الذى توجهت له الحكومة طالبة قرضا يتجاوز أيا من قروضه السابقة، ولكن هذه الوثيقة ليست نهاية المطاف بالنسبة لمن يريدون تحديدا ولو مرنا لدور الدولة فى الاقتصاد، والذى يتعدى بكثير ملكيتها لبعض الأصول، فحتى فى أكثر الدول الرأسمالية إفساحا للملكية الخاصة وابتعادا عن الملكية العامة، وتأتى الولايات المتحدة بكل تأكيد فى مقدمتها، تقوم الدولة بدور أساسى فى الاقتصاد من خلال سياساتها النقدية والمالية، ومن خلال ما تزمع القيام به من مشروعات ينفذها القطاع الخاص أو سلع أو خدمات تشتريها منه، وما تصرح به من أنشطة أو منتجات، أو حتى من خلال تحالفات يدخلها جهاز الدولة أو يشجع عليها مع مؤسسات خاصة. وفى الحقيقة لا يمكن تقدير مغزى ما تتخارج منه أو ما تحتفظ به الحكومة إلا فى ضوء التصور العام لموقفها من الاقتصاد، ولذلك يسعى هذا المقال لطرح بعض الاستنتاجات حول رؤية الوثيقة لهذا الأمر، وكذلك بعض الأسئلة التى لا يبدو أن الوثيقة المذكورة تجيب عليها.
دور الدولة فى الاقتصاد
على عكس ما قد تصوره البعض أن الوثيقة هى إعلان بعزم الدولة عن التخارج نهائيا من ملكية الأصول الإنتاجية، فإن الوثيقة تميز بين ثلاثة أبعاد لملكية الدولة: فهناك تخارج ليس من المعروف حدوده من بعض الأنشطة، وهناك ثبات للأوضاع القائمة فى أنشطة أخرى، وهناك احتمال بأن يتزايد وجود الدولة أو يقل فى بعض الأنشطة التى تقرر الدولة البقاء فيها. ومع ذلك فإن تصور الحكومة لدور الدولة فى الاقتصاد، وهو الموجه لما تزمع القيام به، هو تصور مفرط فى ليبراليته، فبحسب نص الوثيقة فى صفحتها الثالثة فالدور الجديد للدولة «تقاس فيه كفاءة الحكومات بمدى قدرتها على تقديم خدمات عامة عالية الجودة لمواطنيها، وسعيها نحو تعزيز البنية الأساسية الداعمة للاستثمار المحلى والأجنبى، وتبنيها لأطر تشريعية وتنظيمية تكفل جاذبية بيئات الأعمال وقدرتها على تأسيس شبكات أمان اجتماعى قادرة على كفالة الحماية للفئات المهمشة». ولا شك أن هذا هو المطلوب من الدولة فى البلدان المتقدمة، وهو مطلوب بكل تأكيد فى البلدان الأقل تقدما مثل مصر، ولكن هل هذا هو كل المطلوب من الدولة فى بلد لم يصل إلى مستوى الدول الصناعية الجديدة مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة. بل وهل هذا فقط هو ما قامت به هذه الدول حتى وصلت إلى مستوياتها التى جعلتها تنضم إلى نادى الدول المتقدمة؟ وهل هذا فقط هو ما تقوم به الصين فى الوقت الحاضر؟. المطلوب من الدولة فى بلد مثل مصر أن يكون لها دور فاعل فى دفع التنمية الاقتصادية المتوازنة بالنهوض بالصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية، وليس مجرد الاكتفاء بتوفير البنية الأساسية وخلق البيئة المشجعة للاستثمار الخاص والأجنبى، وهو ما حاولت القيام ببعضه فى السنوات الماضية ولكنه انتهى بزيادة مديونيتها الداخلية والخارجية معا واستمرار مستويات عالية ومتزايدة من الفقر والبطالة وانخفاض الإنتاجية فى كافة فروع الاقتصاد. صحيح أن الوثيقة تشير فى الفقرات التالية إلى الالتزامات الدستورية بدفع النمو الاقتصادى وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى، ولكن الوفاء بهذه الاستحقاقات الدستورية سيكون محكوما بهذه الرؤية لدور متواضع للدولة يبعدها عن المشاركة النشطة فى دفع الإنتاج. ويتجاهل هذا التحديد لدور الدولة فى الوثيقة تجارب التنمية الناجحة فى دول الجنوب وخصوصا دول شرق آسيا، والتى اتسمت مراحل نموها الأولى بملكية الدولة للشركات الكبرى واستمرارها فى الانخراط فى توجيه الاقتصاد بالتحالف مع هذه الشركات بعد أن انتقلت ملكيتها للقطاع الخاص فى كوريا الجنوبية أو استمرت ملكية الدولة لها فى جمهورية الصين الشعبية، فضلا عن تقديم قروض ضخمة لها فى الدولتين عن طريق البنوك العامة.
أسئلة بلا جواب
لا يكفى أن تعين الحكومة حدود ملكيتها للأصول الإنتاجية، ولكن ينبغى أن يكون واضحا ما الذى ستفعله بهذه الأصول، فما هى استراتيجيتها للتنمية؟ الوثيقة المذكورة لا تحدد ذلك. هل تسعى الدولة لتعميق التصنيع؟ هل تخطط للانتقال من الاقتصاد الريعى الذى وسعت من الاعتماد عليه خلال السنوات الماضية من خلال بيعها للأراضى والعقارات، والتعويل على تحويلات المصريين والمصريات بالخارج ورسوم قناة السويس وما يتبقى من دخل من استخراج وتكرير النفط وتسييل الغاز الطبيعى بعد مواجهة الطلب المحلى المتزايد عليهما؟ وكيف ستفعل ذلك؟ هل هذه مهام تُترك للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبى أم أن الدولة سوف تقوم بالدور القائد والرائد فى هذه المجالات؟ وللعلم كانت هناك استراتيجيات واضحة لهذه النقلة الكبرى فى أوضاع الاقتصاد فى دول آسيا جنوبا وشرقا: من الهند إلى كوريا الجنوبية إلى الصين من خلال استراتيجيات طويلة الأمد عكفت خطط التنمية على ترجمتها إلى واقع من خلال الخطط متوسطة الأمد، وهكذا انتقلت كوريا الجنوبية من تصدير الملبوسات إلى تطوير الصناعات الكيماوية إلى بناء السفن ثم القفز إلى عالم الإلكترونيات، وواصلت خطط الصين الشعبية النهوض بالزراعة والصناعة والقدرات الدفاعية والعلم والتكنولوجيا، حتى أصبحت كل هذه الدول تحتل مواقع متقدمة على قمة النظام الدولى أو بالقرب منها، هى كلها أعضاء فى مجموعة العشرين، والصين توشك أن تصبح أكبر اقتصاد فى العالم، والهند التى كان شعبها يعانى من الجوع أصبحت مصدرة للحبوب، وتجامل مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم بألا تحرمها من صادراتها للقمح. لم يتحقق هذا الإنجاز المبهر فى هذه البلدان لأن الأمر كان متروكا للقطاع الخاص والشركات الأجنبية، ولكن لأن حكومات هذه الدول صاغت استراتيجيات طموحة باستخدام قدراتها المحلية وتعبئة كل مؤسساتها الإنتاجية العامة والخاصة وراءها.
من الذى يراقب إدارة أصول الدولة؟
وإذا كان موضوع الاستراتيجية غائبا فى وثيقة ملكية الدولة، فإن سؤالا مهما آخر يظل بلا إجابة حاسمة أو مقنعة. عملية التخارج من الأصول سيتولاها الصندوق السيادى، والأصول الباقية سوف تظل تحت إدارة مؤسسات الدولة، أى إن المسئولية عن كل هذه الأصول سوف تقع تحت عاتق هؤلاء الخبراء الفنيين الذين تعينهم الدولة لإدارة هذه المؤسسات دونما أى ظل من المساءلة لهم. طبعا الأجهزة التى تقوم بالمساءلة يجب أن تتوافر لها المعرفة والخبرة والاستقلال والشجاعة حتى تقوم بهذه المهمة على خير وجه. ونظرا لأن هذه الأصول هى فى نهاية المطاف أصول يملكها الشعب، فلا يجب أن يكون هناك رقيب غيره حتى ولو كان هو أجهزة الرقابة المألوفة مثل الرقابة الإدارية أو الجهاز المركزى للمحاسبات. هذه الأجهزة تمارس عملها فى مناخ من السرية، ولا يمكن الوصول إلى تقاريرها بسهولة حتى من جانب الباحثين المتخصصين، وقرارات الصندوق السيادى تسترشد أساسا بمعايير الكسب المالى، وتخفق حتى فى تحقيق أعظم استفادة ممكنة كما هو الحال فى التصرف فى مبنى المجمع بالتحرير، وغابت اعتبارات السلامة البيئية فى الميل إلى بيع أرض مبنى الحزب الوطنى على شاطئ النيل لمستثمر خاص بدلا من تحويلها إلى متنزه عام. وفى الحقيقة فعلى الرغم من تحفظ البعض على قانون انتخاب مجلس النواب إلا أن مناقشات المجلس للحساب الختامى للموازنة أو لأوضاع قطاع الصناعة أثبتت قدرة هذا المجلس على أن يضع الحكومة فى موضع المساءلة الجادة. إسقاط مسألة الرقابة على كيفية التصرف فى أصول الدولة التى سيتم التخارج منها، ورشادة إدارة ما يبقى منها فى يد الدولة، هى من بين الأسئلة الهامة التى لا تجيب عنها هذه الوثيقة.
طبعا الرقابة على إدارة الملكية العامة التى هى ملكية الشعب الذى تنوب عنه الدولة هى فى صميم قضية الانتقال إلى حكم ديمقراطى فى مصر، بل كانت فى تاريخ الإنسانية هى الخطوة الأولى فى فرض الرقابة الشعبية تحقيقا للديمقراطية، والتى طالب بها المستوطنون الأمريكيون البرلمان البريطانى فى ستينيات القرن الثامن عشر، ومنذ ذلك الحين أصبحت الرقابة المالية للمؤسسات النيابية علامة على تقدم الحكم الديمقراطى فى أى دولة، ولذلك لا ينبغى تجاهل هذه القضية ونحن نرسم معالم المستقبل فى هذا الوطن.
وماذا عن البنوك والأراضى؟
وتبقى أهم مصادر الدخل للدولة والمواطنين هى البنوك التى تعتمد عليها الحكومة فى تمويل عجز إيراداتها الذى أصبح مزمنا، وتعول عليها كذلك فى تعبئة الاستثمارات، وهى مصدر تكملة نفقات الحياة لمن يستطيع الإدخار من المواطنين، كما توفر رأس المال الجارى، أو هكذا يفترض، لأصحاب الأعمال. وثانى هذه المصادر هو الأرض الفضاء التى أصبحت بابا للإيرادات الواسعة للحكومة، ولتراكم الثروات لدى قسم واسع من المصريين. تغفل هذه الوثيقة الهامة هذين المصدرين. علما بأن النقاش جرى حول حدود خصخصة البنوك، ولم يعد لدى الدولة سوى ثلاثة من البنوك التجارية الكبرى بعد أن تمت خصخصة بنك الإسكندرية وتراجعت خطط بيع بنك القاهرة والتى كانت مطروحة منذ سنوات. مرة أخرى التجارب الناجحة فى التنمية تؤكد على أهمية بقاء البنوك وشركات التأمين والصناعات والمرافق الأساسية مملوكة ملكية عامة فى المراحل الأولى للتنمية والتى لم نبلغها بعد فى مصر، ومن المعروف أن البنوك، والبنوك العامة خصوصا، لعبت وما زالت تلعب دورا أساسيا فى دول شرق آسيا ذات السجل التنموى الناجح، وتتحمل الدولة فيها عبء مديونية الشركات الكبرى تجاه البنوك العامة حفاظا على مستويات تشغيل عالية. وربما تكون مثل هذه الاعتبارات هى التى تبقى البنوك خارج القطاعات التى اهتمت الوثيقة المذكورة بتحديد ملكية الدولة فيها.
أما عن الأرض الفضاء بما فى ذلك الصحراء فهى قضية شائكة فى مصر إذ يفترض أنها ملك للدولة. ولكن هناك فارقا كبيرا بين أن تكون هذه الأراضى الفضاء والتى تشمل الصحراء والسواحل وشواطئ النيل ملكا للدولة التى تنوب عن الشعب، أو أن تكون ملكا لبعض أجهزة الدولة. وضع أراضى الدولة قضية هامة كانت تقتضى تناولها فى وثيقة سياسة ملكية الدولة، مع تحديد الخطوط الفاصلة بين ملكية الدولة وملكية أجهزة الدولة وتعيين السلطة المنتخبة انتخابا حرا ومفتوحا والمسئولة عن الرقابة على استخدامها.
أتمنى على الأقل أن تكون هذه القضايا موضوعا لنقاش جاد بين من سيصوغون النسخة النهائية من وثيقة سياسة ملكية الدولة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثيقة ملكية الدولة وأسئلة حائرة وثيقة ملكية الدولة وأسئلة حائرة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 10:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم

GMT 21:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى عبد الغني توجّه رسالة إلى محمد صلاح

GMT 17:26 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 20 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا ترد على رسالة طالب جامعي بطريقة طريفة

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وكالة فيتش ترفع التصنيف الائتماني للبنوك المصرية

GMT 19:10 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أسعار الكتاكيت في مصر اليوم الجمعة 25 سبتمبر 2020

GMT 15:28 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تعيين تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد العربي لكرة القدم

GMT 16:33 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

جلوس صيف 2016 تتألق باللون الرمادي

GMT 17:06 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

لطيفة تطرح كليبها "الأستاذ" برفقة شقيق أمير كرارة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon