بقلم - هدى رءوف
كشفت الأزمة الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية عن خلل كبير يتعلق بالعلاقات بين القوى العظمى المتدخلة فى شؤون المنطقة وكبرى القوى الإقليمية بها. فلم يكن تلويح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض عقوبات على السعودية حتى بادرت السعودية برفض أى عقوبات أو تهديدات أو ضغوط سياسية قد تفرض عليها.
الأمر المؤكد هنا هو أن الدول الخليجية العربية التى كثيرا ما وصفت بالتبعية للولايات المتحدة إلا وأصبح لديها من أدوات التأثير كالنفظ والتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب والاستثمارات بالخارج. الأمر الذى تراجع معه الرئيس الأمريكى عن أية عقوبات تجاه المملكة.
ومع فرض عدم توجيه المملكة أية إجراءات مضادة فى مواجهة ما قد يفرض عليها من ضغوط، فالأمر المؤكد أن الدوائر الفكرية ودوائر صنع القرار الأمريكية ستفكر ملياً فى ما لدى المملكة من أدوات تلوح باستخدامها فى مواجهة العالم.
كل ما سبق سيلقى بتداعياته على سياسة ترامب والدول الغربية تجاه إيران، أى أن التلويح السعودى بأنها قادرة على التأثير فى إنتاج النفط ومن ثم ارتفاع سعره عالميا سيؤدى لحدوث عدم استقرار.
وفى 4 نوفمبر، موعد الشريحة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران، ومعها تعلن الإدارة أن أى شركة تتعامل مع إيران - شراء النفط أو تمويل المشاريع أو الاستثمار فى البلاد - سوف تمنع من ممارسة الأعمال التجارية فى الولايات المتحدة،
كل هذا جعل الموقف الإيرانى حتى الآن من الأزمة بين الولايات المتحدة والسعودية يتسم بالصمت التام، وظلت طيلة الأيام الماضية تلتزم موقع wait and see لننتظر ونرى، لذا لم يصدر أى ردة فعل عن المسؤولين الإيرانيين. ومع تطورات الأحداث، تغير الموقف الإيرانى من الأزمة السعودية، ليتحول من الصمت إلى توجيه الانتقادات للسعودية والولايات المتحدة. التصريحات الأخيرة جاءت رد فعل على حدثين، الأول هو تصريحات وزير الطاقة السعودى بأن السعودية ستعمل على الزيادة فى الإنتاج التى وعدت بها.الحدث الآخر، الذى ساهم فى تحول موقف إيران، هو تسمية كل من السعودية والولايات المتحدة باعتبارهما رئيسين لمركز استهداف الإرهاب بتسمية الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بقوات الحرس الثورى الإيرانى وبعض الشخصيات الإيرانية على قوائم الإرهاب، لارتباطهم بتسهيل التمويل لحركة طالبان الأفغانية.
إذن باتت إيران تدرك استمرار الموقف الأمريكى والسعودى منها، وعدم حدوث أى انفراج فى الأجل القريب، بل أصبح توقيع الشريحة الثانية من العقوبات أمرا وشيك الحدوث.
* متخصصة فى الشؤون الإيرانية
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع