بقلم - نوح سميث
تبدو الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين مكاناً مثيراً للحيرة، حتى لأبنائها، وذلك في خضم حالة الاضطراب السياسي وتنامي الحركات الاجتماعية الراديكالية عبر الإنترنت، ووجود ثروة هائلة مركزة في شرائح بعينها على نحو يكشف قدراً هائلاً من التفاوت. وتثير هذه الأمور ليس حيرة الأجانب فحسب، وإنما كذلك الأميركيون أنفسهم. وفيما يلي مجموعة من المنشورات المقترحة لمعاونتك على تعميق فهمك لأميركا بوجهها الحديث:
1 - «تفجر التنوع، كيف تعيد الديموغرافيات العرقية الجديدة صياغة أميركا؟»، من تأليف ويليام إتش. فري. عام 1980، كان 83 في المائة من سكان أميركا من البيض من خارج الأصول اللاتينية، منذ عام 2012، تراجعت نسبة الأطفال الذين يولدون داخل هذه الفئة عن 50 في المائة. ويوثق الكتاب هذا التحول الديموغرافي السريع، الذي يشهد انتشار أصحاب الأصول اللاتينية والآسيوية سريعاً عبر مساحات واسعة من البلاد، الأمر الذي خلق توترات سياسية ببعض المناطق.
2 - «الجغرافيا الجديدة للوظائف»، من تأليف إتريكو موريتي. عبر هذا الكتاب النحيل، يشرح واحد من أبرز الخبراء الاقتصاديين عالمياً السبب وراء ازدهار بعض المدن الأميركية، في الوقت الذي انحسرت فيه أخرى. والواضح أن صناعات المعرفة والعمال المتعلمين الأذكياء اكتسبوا أهمية متنامية ليس لازدهار منطقة بعينها فحسب، وإنما أيضاً لضمان سلامتها الاجتماعية.
3 - «الصدمة الصينية»، تأليف ديفيد أوتور وديفيد دورن وجوردون هانسون. تستحق هذه الورقة البحثية البارزة أن تتحول إلى كتاب، وتتناول تفاصيل كيف أن الانفتاح التجاري على الصين خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين شكل تجربة مغايرة تماماً على نحو جوهري عن أي تجربة أخرى عايشتها الولايات المتحدة من قبل. ومن المؤكد أن الانهيار المفاجئ للصناعة الأميركية جراء المنافسة الصينية ترك تداعيات اجتماعية واسعة النطاق.
4 - «بقينا في السلطة 4 سنوات: مأساة أميركية»، تأليف تا نهيسي كوتس. يشكل هذا الكتاب سلسلة من المقالات يسرد خلالها كوتس، الذي يعتبره البعض الكاتب والمفكر الأهم على مستوى البلاد، الأوضاع العامة على صعيد السياسات العرقية بالبلاد خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ومع أن انتخاب باراك أوباما بدا وكأنه يدشن لحقبة جديدة على صعيد العلاقات العنصرية، فإن سلسلة من حوادث القتل التي ارتكبتها الشرطة، وتسلطت عليها الأضواء وانتخاب دونالد ترمب حطما هذا الأمر.
5 - «النيكل والدايم: دليلك لعدم التكيف مع أميركا»، تأليف باربرا إنريتش. بداية من ثمانينات القرن الماضي، هيمن على الساحة السياسية الأميركية على نحو متزايد قادة يحملون إيماناً عميقاً بالكفاءة الجوهرية للأسواق. إلا أنه عبر صور شتى، بدا الناس غير مستعدين بصورة كاملة للتكيف مع عالم السوق الحرة الجديدة. وغرق العديد من أبناء الطبقات الفقيرة والعاملة، بل وبعض أبناء الطبقة الوسطى، تحت وطأة الرأسمالية الحديثة.
6 - «لماذا يؤدي تجمع العقول المتشابهة داخل أميركا إلى تمزيقنا؟» تأليف بيل بيشوب. ثمة انقسامات كثيرة داخل المجتمع الأميركي - عرقية واقتصادية وجندرية ودينية، لكن ربما يتمثل الانقسام الأقوى في حالة الاستقطاب السياسي التي ظهرت على امتداد العقود القليلة الماضية. ويشرح بيشوب كيف أن المواطنين أصحاب الفكر المتشابه أصبحوا يتجمعون معاً داخل مساحات جغرافية واحدة، الأمر الذي أثار شعوراً بوجود بلدين منفصلين معاً.
7 - «صعود النمو الأميركي وسقوطه: مستوى المعيشة الأميركي منذ الحرب الأهلية»، تأليف روبرت جوردون. بطبيعتهم، يعتبر الأميركيون شعباً معتاداً على النمو، إلا أن الآفاق الاقتصادية تبدو وكأنها بدت في الانغلاق الآن. وعبر الكتاب، يتناول جوردون واقع تباطؤ نمو الإنتاجية، ويطرح توقعه بتباطؤ وتيرة التقدم التكنولوجي على امتداد المستقبل المنظور.
8 - «الوفيات والأمراض في القرن الـ21»، تأليف آن كيس وأنغيس ديتون. أصبحت الولايات المتحدة أدنى مستوى من حيث الصحة على نحو ملحوظ عن دول متقدمة أخرى. ورغم تراجع معدلات الوفيات بين أصحاب البشرة السمراء بدرجة ملحوظة، فإنها تظل مرتفعة. والأغرب أن معدلات الوفيات بين الأميركيين البيض، تحديداً من لم يحصلوا على تعليم جامعي، ارتفعت على نحو طفيف، لأسباب بينها إدمان الكحوليات والانتحار. ويرى المؤلفان أن الأرقام تثبت وجود حالة اعتلال اجتماعي في أوساط الأميركيين البيض.
9 - «الدخل وتفاوت الثروة: الدلائل والدلالات»، تأليف إيمانويل سايز. رغم تنامي التفاوتات في معظم دول العالم، فإنها بلغت مستويات داخل الولايات المتحدة عادة لا توجد سوى في الدول النامية. وعبر الكتاب، ينصب تركيز سايز على الأرقام والإحصاءات المتعلقة بهذه الظاهرة.
10 - «الاقتصادات الحديدية: توجه هاميلتون نحو النمو والسياسات الاقتصادية»، تأليف ستيفن إس. كوهين وجيه. برادفورد ديلونغ. ثمة تساؤل يطرح نفسه يحاول الكتاب الإجابة عنه: في خضم المشكلات الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة وتتنوع بين تباطؤ النمو الاقتصادي وانحسار مناطق بأكملها، لماذا لم تبذل الحكومة مجهوداً أكبر لمعاونة الاقتصاد؟ يرى المؤلفان أنه على امتداد العقود القليلة الماضية، نأى صانعو السياسات الأميركية بأنفسهم عن التدخل المتعمد في السياسات الاقتصادية، مفضلين التراجع إلى الخلف والسماح للاقتصاد بالتحرك كيفما شاء.
ومع معاناة الولايات من مشكلات اقتصادية تتراوح بين عدم المساواة والنمو البطيء إلى تراجع في مناطق بأسرها، لماذا لم تمد الحكومة يد المساعدة في ذلك؟ ويعتقد المؤرخ ستيفن كوهين والخبير الاقتصادي براد ديلونغ أنه خلال العقود القليلة الماضية، تغافلت صناعة السياسات الأميركية عن فكرة السياسة الصناعية المدروسة وتخيروا عوضاً عنها التراجع وترك الأسواق تتحرك إلى حيث تشاء. وهذا، كما يقولان، قد أسفر عن وجود الاقتصاد الذي يعتمد بدرجة كبيرة على التمويل حيث تتحرك رؤوس الأموال في كل اتجاه (مما يكبد الممولون الرسوم الكبيرة) من دون الجرأة على اتخاذ القرارات الضرورية الرامية إلى إعادة تحريك عجلة الاقتصاد مرة أخرى.
ولا تتطرق هذه الكتب والدراسات إلى جميع التغييرات التي يشهدها الواقع الحالي في الولايات المتحدة. فلقد حذف عدد من الاتجاهات المهمة للغاية - متعلقة بتغيير الأدوار الجنسانية، وحقوق المثليين، والتراجع السريع والمذهل للدين، وهي ثلاث قضايا نطرحها على سبيل المثال فقط. والفهم الكامل للاتجاهات التي تؤثر على المجتمع الأميركي يتطلب من المرء قراءة مزيد من الكتب والدراسات بأكثر مما أوصى به على نحو شخصي. بيد أن الاتجاهات الأساسية المبينة في القائمة أعلاه - من حيث ارتفاع وتيرة التنوع والانقسام العرقي، وعدم المساواة، وحالة الاستياء البالغة في عالم الأسواق الحرة، والاستقطاب السياسي، وتهديدات المنافسة الأجنبية، وتباطؤ النمو - باتت ضرورية في إدراك حجم الاضطرابات والفوضى التي تعصف بالقوة العظمى الوحيدة على سطح الكوكب.
عن الشرق الاوسط اللندنيه