توقيت القاهرة المحلي 10:31:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى غزة هذه المرة حديث آخر

  مصر اليوم -

فى غزة هذه المرة حديث آخر

بقلم - خالد عكاشة

رغم أن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وافتتاحه باغتيال أحد قادة الفصائل، يمثل نسخة مكررة من عدة جولات مشابهة، وجميعها حاضرة بالأطراف نفسها تقريباً، فإن لهذه الجولة مجموعة من السمات المميزة تكشفت بعد مرور أيام من اندلاعها، وبعض الشواهد تميزها قليلاً عن غيرها من الجولات السابقة، جزء منها جرى عشية تلك الجولة التصعيدية، والغالب فيها ثار على هيئة أسئلة وألغاز اختصت بالحالة الراهنة للمشهد العام بالداخل الفلسطينى، ومساحات التقاطع بينه وبين الوضع السياسى فى إسرائيل، فضلاً عن مواقع الأطراف الفاعلة على خريطة صراع المحاور الإقليمية الذى لم يهدأ منذ سنوات.

حركة «حماس» الغائب الحاضر فى تلك الجولة؛ يعد موقفها هذه المرة الأكثر التباساً من أى طرف آخر، فهى ليست فى صدارة المشهد كما اعتادت، بل وينظر إليها فى الداخل الفلسطينى بأنها تخلّت طواعية عن مقعد القيادة مؤقتاً لحسابات تخصّها، الجديد هذه المرة أن أغلب تلك الحسابات لا علاقة بالقضية فى جانبها المقاوم. قبل شهور فتحت قيادات حماس مع إيران خطوط اتصال، وزار الكثير من قيادات الحركة طهران فى رحلات متتابعة، سبقتها حملة إشادات بالدور الإيرانى فى دعم المقاومة خلال العملية العسكرية مايو 2021. على لسان قائدها يحيى السنوار، كان هناك تثمين سخى تجاوز الواقع فى ما يخص «دعم التسليح» بالخصوص، أطلق هذا الحديث رغم علانيته بدرجة من الغموض بحيث لم يفهم حينها، إن كان «السنوار» يقصد إمداد إيران لحماس بشكل خاص بالسلاح أم أنه يقصد إجمال دعم فصائل المقاومة عبر حركة «الجهاد الإسلامى» الموالية لطهران. على أى حال مرت الإشارة وبقى الأمر على غموضه المقصود، وربما لم تعلق إيران على هذه الوصلة من المديح، بل لم تراهن من جانبها كثيراً على تعهدات حماس، فإيران من جانبها لم تكن لتعول كثيراً على تلك الخطوة، فى النهاية هى بالكاد تريد مرحلياً استخدام حماس، كورقة وسط احتدام اصطفاف المحاور وارتكازاتها بالإقليم.

هذه المقدمات تفسّر الكثير مما جرى فى الجولة الراهنة، حركة حماس قرأت جيداً أن إسرائيل ضمن أسبابها لاستهداف حركة الجهاد، كون الأخيرة تمثل إحدى الأذرع الإيرانية بالمنطقة، مثلها مثل حزب الله والحوثيين وغيرهما من الفصائل الموالية. تلك الفصائل، والجهاد منها، ينتظمها نسق للعمل الحركى ربما لا تمثل متطلبات «القضية الفلسطينية» المحدّد الأول لها، هذا بطبيعته يبعد الأمر مسافة، مما جعل حماس تبتعد هى الأخرى مسافة مماثلة عن الانخراط فى اصطفاف مباشر مع حركة الجهاد. المحدّد الرئيسى هنا أن حماس لن تخوض معركة غيرها بأى حال، ولن تنقض التفاهمات غير المباشرة التى تنسجها مع إسرائيل لأجل الجهاد أو طهران، خاصة أن الأخيرة لم ترد على ما قامت به حماس تجاهها بالحرارة المطلوبة، حين جعلتها ومحورها المسمى بـ«محور المقاومة» الرقم الأبرز فى ما جرى مايو 2021. بل ربما ستكشف أحداث الأيام القادمة، أن حركة حماس قد تكون قطعت مسافة أبعد، فهى أثناء مراقبتها لوجود «زياد نخالة» وحده فى طهران طوال أيام التصعيد الأخيرة، يبدو أنها أرادت عبر موقفها من الأحداث إرسال حزمة من الرسائل إلى جميع الأطراف.

رسالتها الأولى ستكون لإسرائيل بالتأكيد، بأنها غير معنية بالانخراط فى محور تقوده إيران من الخلف، حتى إن كانت أحداثه الدامية تجرى على أراضيها فى غزة، وتكشف أيضاً عن قدرتها الصارمة فى ضبط عناصرها، ضمانة لعدم الخروج عن النص. وهى تنتظر من إسرائيل مقابل تلك الرسالة، أن تبقى على الوضع القائم بالفصل الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، خدمة لأهدافها الاستراتيجية، التى تتلاقى مع هدف مهم لإسرائيل من العملية العسكرية، بألا يكون هناك ارتباط مستقبلى بين ما يجرى فى الضفة، بما فيها مدينة القدس والحرم الشريف، وبين فعل الرد المعد والمنطلق من داخل قطاع غزة. رسالة حماس الثانية وجّهت إلى حركة الجهاد التى طالما انخرطت مع حماس فى جولات سابقة، كانت حماس فى كل مرة بالمقدمة، وتخوضها وفق حساباتها الحركية الذاتية، فى حين لم تتخلف الجهاد عن الوجود بغرفة العمليات المشتركة، ولا عن بذل الجهد العملياتى المطلوب. هذه المرة بدا لحماس أن مصلحتها تستوجب أن تترك حركة الجهاد لتتلقى «الألم» والخسائر وحدها، وأن تتحمّل فاتورة الخصم من مكانتها وإمكانياتها كى تعود قليلاً أو كثيراً إلى الخلف.

هناك أيضاً بعض من الهمسات تلف سطور الرسالة الموجّهة إلى حركة الجهاد، لها ارتباط بالاختراق الاستخباراتى الذى نفّذته إسرائيل، عبر سهولة وصولها إلى القادة الميدانيين للحركة ونجاحها فى اغتيالهم على هذا النحو، بدقة لافتة وفى وقت قصير للغاية. التفسيرات البريئة التى خرجت بتعجّل تحت القصف الإسرائيلى، أرجعت الأمر إلى خلل أمنى فادح لمنظومة التأمين داخل حركة الجهاد، لكن هناك من تمهل ووقف ليقيس المسافة التى ابتعدت فيها حماس، هل ذهبت لمشارف المربعات المظلمة ولعبت دوراً فى نجاح تلك العمليات؟ فليس هناك من يمكنه تسهيل مثل تلك الاختراقات سواها، فيما تتفاخر طوال الوقت بأن كل ما يجرى داخل أزقة القطاع الضيقة فوق الأرض وتحتها، لا يخرج ولا يتفلت من أصابع يديها بأى صورة، وهذه حقيقة يدركها الجميع. على أية حال قد لا تتورط حركة المقاومة الإسلامية فى ذلك مباشرة، وإن ظل غير مستبعد، كما يدور همساً فى جنبات مخيمى جباليا والشاطئ، يكفى حماس التمرير عبر أحد كوادرها أو عبر وسطاء يستخدمهم جهازها الأمنى طوال الوقت.

تلك الرسائل المتقاطعة بين اتجاهات كثيرة، لم تغفل المأزق الإسرائيلى الداخلى الذى بدا فى احتياج إلى مثل تلك الجولة فى هذا التوقيت، فلم يتأخر عن إشعالها، ليس ليقوم بتصفية حسابات أخرى مع إيران فحسب، بل لإدراك وزير الدفاع والقادة الأمنيين الذين أداروا العملية برمتها، مواقع الأطراف الفلسطينية بدقة، فيما يمكنهم عبرها من إخفاء الشروخ العميقة التى تعانى منها الساحة السياسية الإسرائيلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى غزة هذه المرة حديث آخر فى غزة هذه المرة حديث آخر



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس
  مصر اليوم - فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon