توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشمال السورى.. حيث الهدايا المجانية للإرهاب

  مصر اليوم -

الشمال السورى حيث الهدايا المجانية للإرهاب

بقلم: خالد عكاشة

مساء الأحد الماضى، أعلنت الإدارة الكردية المحلية لشمال وشرق سوريا فرار «785 عنصراً» من عائلات مقاتلى «تنظيم داعش» الأجانب، من مخيم «عين عيسى»، بالتنسيق مع مجموعة من المرتزقة العاملين مع الجيش التركى. جرى ذلك بغطاء من القصف التركى ومساندة بالهجوم البرى الذى نفذته وحدات ما يسمى بـ«الجيش الوطنى الحر»، حيث شنّت الأخيرة هجوماً عنيفاً على المخيم، أمكن على أثره قيام هذه العناصر الداعشية بالهجوم على حراسة المخيم وفتح الأبواب للفرار. هذا بعد أن أعلنت قوات الأمن أنه ليس لديها ما يكفى من الأفراد لحراسة مخيم عين عيسى، كما أفادت الإدارة الذاتية بأن هناك ظرفاً اضطرارياً ميدانياً، هو الذى عجّل بانسحاب عناصر الحراسة من المخيم، الذى يقطنه «13 ألف نازح» بينهم أفراد عائلات عناصر تنظيم داعش الأجانب.

هذا المشهد، الذى يُتوقع أن يكون له ما بعده، هو أول ما جرى التحذير منه قبيل ساعات من انطلاق القوات العسكرية التركية للتوغل فى داخل الأراضى السورية لتنفيذ عملية «نبع السلام» التى ليس فيها من اسمها شىء بالقطع. والانتهاك والتجاوز يدور على قدم وساق، ففى ذات اليوم، الأحد، قامت طائرات حربية تابعة للجيش التركى بقصف موكب مدنى يضم صحفيين أجانب ومحليين كانوا متجهين من بلدة «تمر» نحو مدينة «رأس العين»، وأسفر القصف عن استشهاد بعض المدنيين. الصحفيون الأجانب من جنسيات فرنسية وبرازيلية، إلى جانب محليين احتموا بهم، كانوا فى طريقهم جميعاً لتغطية المعارك الدائرة بمحيط «رأس العين»، وشارك المدنيون من أهالى تلك المناطق هؤلاء فى تحركهم، على اعتبار أن هناك غطاء حماية ما يوفره عملهم الصحفى، فضلاً عن كونهم من جنسيات أجنبية، فإذا بالموكب جميعه يتعرض للقصف ويسقط جراءه ضحايا من كل الأطراف النازحة والناقلة والمحتمية!

القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «مظلوم عبدى» أجرى اجتماعاً، الخميس الماضى، مع السفير «وليام روباك»، نائب المبعوث الخاص للتحالف الدولى للحرب على «داعش»، ذكر فيه بالنص: «لقد تنازلت عنا. أنت تتركنا لنُذبح»، مطالباً بمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفعل أى شىء لحماية الكرد السوريين مع استمرار تركيا فى عمليتها العسكرية العدوانية لاستهداف حلفاء أمريكا فى سوريا. شبكة «CNN» الأمريكية، التى نشرت خبراً عن وقائع هذا الاجتماع، ادعت حصولها على «نشرة داخلية» وزّعتها الإدارة الأمريكية فيها نص لبعض من حديث «مظلوم عبدى»، حيث قال: «أنت لست على استعداد لحماية الناس، لكنك لا تريد أن تأتى قوة أخرى وتحمينا. لقد بعتنا. وهذا غير أخلاقى». وهو هنا كان يريد صراحة من الولايات المتحدة؛ إما المساعدة فى وقف الهجوم التركى، أو السماح لقوات سوريا الديمقراطية بالتوصل إلى اتفاق مع نظام الأسد فى دمشق وحلفائه الروس، فضلاً عن السماح للطائرات الحربية الروسية بفرض منطقة حظر الطيران فوق شمال شرق سوريا، وبالتالى حرمان تركيا من القدرة على تنفيذ الضربات الجوية، فيما ظل المسئولون فى الإدارة الأمريكية يحذرون من أن الولايات المتحدة طوال عملها العسكرى، ووفق خططهم الاستراتيجية للوجود على الأراضى السورية، تعمل على مهمة وهدف رئيسى يضمن ألا «يتحول الأكراد السوريون نحو الروس».

لكن الإدارة الأمريكية كانت تعمل على نغمة أخرى تماماً، فالوزير «مارك أسبر» أعلن أن الأمر الرئاسى الصادر له هو سحب «1000 جندى أمريكى» من الشمال السورى، وأن هذا الأمر جرى تمريره بعد نقاشات مع باقى أعضاء فريق الأمن القومى. ولم يتمكن وزير الدفاع، خلال الاجتماع، من تقديم إطار زمنى بالنظر إلى أن الأمور تتبدل كل ساعة، وجميع أعضاء الفريق المذكور كانوا يريدون أن يضمنوا أن يجرى ذلك بشكل «آمن للغاية ومدروس»، بحسب نص ما طلب من الوزير أسبر، رغم علم الفريق بأن عمليات الهجوم التركى أجبرت «130 ألف شخص» على النزوح من منازلهم، وأن كافة التوقعات ترشح ارتفاع هذا العدد بأكثر من ثلاثة أضعاف، وأيضاً رغم أن القوات الأمريكية قرب الحدود الشمالية لسوريا تعرضت مؤخراً لنيران مدفعية تركية، على بعد مئات الأمتار من موقع أمريكى قرب بلدة كوبانى «عين العرب»، فى منطقة يعلم الأتراك وجود القوات الأمريكية فيها، هذا دفع وزير الدفاع إلى بعض من صور التبرير أمام الصحفيين فيما بعد الاجتماع الأمنى، بأن يذكر لهم سبب سحب القوات الأمريكية، بقوله: «نجد أن لدينا قوات أمريكية عالقة على الأرجح بين جيشين فى حالة مواجهة ويتقدمان، وهو وضع لا يمكن السماح باستمراره»!

العالم كله، ربما فيما عدا الولايات المتحدة وتركيا، يرى أن هناك هدية ثمينة تقدم اليوم للإرهاب، وخاصة تنظيم «داعش»، فى السماح بتمرير هذا العمل العسكرى التركى فى تلك المنطقة تحديداً، فمقاتلو «داعش» المحتجزون لدى قوات سوريا الديمقراطية، يتراوح عددهم ما بين 10 آلاف و12 ألف مسلح من عناصر التنظيم فى السجون، فضلاً عن عشرات الآلاف من أسرهم جرى إيداعهم فى المخيمات، منها مخيم «عين عيسى» الذى جرت فيه عملية الهروب الأحد الماضى. هذه لم تكن المرة الأولى، ففى ذات الأسبوع، شهد سجن «نفكور» هروب 5 معتقلين من «داعش»، وهذا سجن يقع عند الأطراف الغربية لمدينة «القامشلى» ذات الغالبية الكردية، بعد سقوط قذائف تركية فى جواره. وقبله شهد مخيم «الهول» الذى يؤوى الآلاف من عائلات «داعش» محاولات عديدة للهروب، نفذتها نساء حاولن الفرار، بعد استهداف المخيم بقصف وقذائف تركية على الطريق الرئيسى الذى يمر بوسط المخيم.

إذاً فهناك فصل جديد من الخطر يدق بعنف على الأبواب، يحمل فى طياته تمرير وزرع المزيد والمزيد من الأخطار والتهديدات، فى وقت يبدو فيه المخفى من المشهد أكثر جداً مما هو ظاهر منه، رغم ازدحام هذا الظاهر بالأحداث والوقائع التى تحتاج إلى سنوات من أجل روايتها فقط، ناهيك عن تفسيرها أو فهمها على حقيقتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشمال السورى حيث الهدايا المجانية للإرهاب الشمال السورى حيث الهدايا المجانية للإرهاب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon