بقلم - نورا المطيري
فشل تنظيم كأس العام 2022 في قطر لن ينعكس على قطر وحدها، المصيبة تعم، وسيلحق كل عربي عار لن يمحى مدى الحياة وسيقولون إن العرب فاشلون في كل شيء حتى أبسط الأشياء وهي تنظيم فعالية دولية.
كيف ستفشل قطر في تنظيم مونديال 2022؟ هل أنت تسأل؟ الموضوع بسيط جداً، ولا يحتاج إلى تحليل، ولا نطرحه بسبب أننا نقاطع قطر الإرهابية أو لأننا نراها صغيرة جداً جداً أو لأن تنظيم الحمدين ومرتزقته مازالوا وسيستمرون في دعم وتمويل الإرهاب والحركات الإرهابية بل لأسباب أخرى كثيرة سأشرحها في هذه العجالة.
نظرة واحدة على أي مونديال تم تنظيمه في أي دولة، كروسيا مثلاً، تكشف بوضوح لا لبس فيه أن تنظيم كأس العالم ليس مجرد إقامة ملاعب ومرافق إسمنتية، بل هي مسألة شعبية اجتماعية عميقة تحتاج شعباً لديه ثقافة متفوقة يستطيع من خلالها استضافة الدول واللاعبين والجماهير والسهر على أمنهم والتفاعل مع ثقافتهم وأفكارهم وشجونهم، تحتاج جيشاً كبيراً من المتفهمين المتعلمين الذين يقدرون استضافة الشعوب بمختلف عقولهم وأمزجتهم وعمل فعاليات نوعية لهم.
في روسيا، شهدت الساحة الحمراء مثلاً، فعاليات ثقافية ورياضية كثيرة نشطت بموازاة مونديال 2018 شارك في تنظيمها والترويج لها الشعب الروسي الذي احتفل جميعاً بكل ضيوفه من أصقاع العالم، وضجت المطاعم والمقاهي والمحلات والأسواق والمدن الروسية بمشاركة جميع فئات الشعب من نساء وأطفال وشباب وكهول تلك الأجواء الاحتفالية والعرس الثقافي الأممي لإسعاد ضيوف العالم وإرضائهم ومنحهم وجبات حضارية ثقافية فنية دسمة لا تنسى.
قد تستطيع قطر بناء ملاعب ولكنها لن تقدر أبداً على استضافة مئات الآلاف من الجماهير المختلفة الأعراق وإرضائهم لأنها ببساطة ليس لديها البنية التحتية الاجتماعية القادرة على ذلك، ولن تتمكن خلال 4 سنوات من إعادة تأهيل قطر لتتحول إلى دولة سياحية حضارية تحت حكم نظام يدعم ويمول الإرهاب، حتى لو قدم القرضاوي مجموعة من الفتاوى التي تبيح لهم ذلك التحول من الانغلاق إلى التحرر ومن الإرهاب إلى الاعتدال، وحتى لو قرر عزمي بشارة التنحي عن صناعة المكائد وتم استبداله بمستشارين ليس لديهم عقد نفسية وعلاقات تآمرية ويحبون قطر فعلاً.
قد يعتقد البعض أن البنية الاجتماعية التي تستقبل الضيوف مسألة ثانوية ولكن العارفين المجربين يعلمون أنها مسألة في غاية الدقة والأهمية، ففي السعودية مثلاً يستقبل السعوديون سنوياً مالا يقل عن 5 ملايين حاج ومعتمر بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم، وبين استقبالهم وتسيير أمورهم في المطارات ودخولهم الفنادق وأداء المناسك ثم الأسواق وحتى المغادرة، فقد تدرب الشعب السعودي بشكل عميق على الاهتمام بهذا الكم الهائل من الضيوف وخدمتهم والسهر على أمنهم وحاجاتهم الدينية والإنسانية والصحية والاجتماعية، وكذلك الأمر في الإمارات التي خطت خلال السنوات العشرين الأخيرة خطوات واسعة جبارة في إقامة الفعاليات والمعارض الدولية التي يؤمها الملايين، فأصبحت جزءاً مهماً من هوية الدولة والشعب الإماراتي القدرة على فتح الأبواب والترحيب وتقديم الخدمات والفعاليات بجودة عالية وبسرعة وبابتسامة جلبت السعادة لملايين الزائرين.
الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" المخدوع مرتين، الأولى بالرشاوى التي دفعت لحصول قطر على تنظيم كأس العالم 2022، والثانية بالعرض الرخيص العاطفي الذي قدمته قطر بوضع طفل إسرائيلي يأمل أن يزور قطر ويشاهد كأس العالم فيها، هذا الاتحاد الدولي سيتوقف طويلاً عند البنية الاجتماعية الثقافية الهشة جداً جداً كحجم قطر الصغيرة جداً جداً والتي لن تتمكن على الإطلاق من استضافة 100 ألف شخص وليس ملايين الضيوف.
*كاتبة وإعلامية
نقلا عن البيان الاماراتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع