توقيت القاهرة المحلي 11:08:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لغة الكبار

  مصر اليوم -

لغة الكبار

بقلم - نورا المطيري

البيان الخجول الصادر عن الخارجية القطرية بشأن القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وبشأن العقوبات الأميركية على إيران وضع الدبلوماسية القطرية «المرتبكة» في موقف أكثر حرجاً أمام «جميع الأطراف» من موقفها لو أنها اختارت الصمت أو اختارت أي موقف غير موقف الحياد في ظاهره، والخوف من إيران في باطنه.

المستهجن في الرأي القطري هو الدعوة لـ«تبني لغة الحوار بين الأطراف الدولية المختلفة، بالإضافة إلى ضبط النفس والتعامل بحكمة مع الموقف ومحاولة تسوية الخلافات القائمة من خلال الحوار»، وهذا الرأي يخالف الحقيقة القاسية أن حجم قطر الصغيرة لا يتيح لها أن تتحدث لغة الكبار ولغة ضبط النفس، أو أن تصدر بياناً من أصله، فهي واقعة بين مطرقة إيران والسندان الأميركي، بين التبعية لنظام الملالي والحرس الثوري، وبين قاعدة العديد الأميركية.

ماذا لو انتبهت الإدارة الأميركية لتصريحات الخارجية القطرية بشأن الاتفاق النووي الإيراني وما يتعلق بالدعوة لـ«ضبط النفس»؟! أتوقع أن يستأذن الرئيس الأميركي الشاعر علي الخوار والفنان حسين الجسمي ويغرد على تويتر: «قولوا لقطر لا توصل لحد الخطر، لابد من نقطة على آخر السطر، أما العذر ما عاد للخاين عذر».

اللافت في بيان الخارجية القطرية هو الاعتراف الصريح بعلاقاتها السياسية والتاريخية والجغرافية بإيران، أي أنها أرادت أن تقول، بكل وضوح، إن علاقة العبودية التي تربطها بإيران ستجعلها في وضع حرج جداً أمام مولاها الخامئني لو أنها ساندت القرار الأميركي، لكنها بشكل أو بآخر راهنت على أن الإدارة الأميركية، وفي خضم انشغالها بمسائل أكثر أهمية، سواءً إيران نفسها أو مع كوريا الشمالية، لن تنتبه لـ«الفأر الذي رأى الخيل ذاهبة لوضع حدوات فمدّ قدمه».

ما حدث أن الإمارات والسعودية، وفور صدور القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي 2016، تحدّثا لغة الكبار، الذين لا يخشون إيران ولا يأبهون لها، لا يعنيهم غير موقفهم الأصيل تجاه إيران وسعيها الإرهابي لامتلاك أسلحة نووية تهدد بها جيرانها، فأعلنوا موقفهم القديم المتجدد الصارم الحاسم، الذي كان ولا زال ضد الاتفاق النووي 5+1 لعام 2015، وبالتالي أعلنوا بكل وضوح مساندتهم للموقف الأميركي بالانسحاب من هذا الاتفاق.

هكذا هي لغة الكبار، فالإمارات والسعودية، ومع أنهما مرتبطتان بعلاقات وثيقة مع الدول الخمس (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، الصين، روسيا) ويعلمان أن هذه الدول ما زالت تحاول المحافظة على «اتفاق لوزان النووي 2015»، إلا أن الواثق يقول رأيه ويعلم أن الطرف الآخر سيحترم رأيه وسيادته على رأيه وقراره، لذا فإن علاقة الإمارات والسعودية بهذه الدول، في جميع النواحي الأخرى، لم ولن تتأثر؛ لأن الكبار يفكّرون هكذا، ويحترمون رأي بعضهم بعضاً، في أكثر الأحوال تعقيداً ومهما تداخلت المصالح واختلفت الآراء.

الصغير يفكر بطريقة أخرى، يسيطر عليه الخوف ويخشى مما يمكن أن يحدث، كطفل ساذج، يرى الكبار يتناقشون فيظنهم يتقاتلون، يحاول أن يتدخل، أو يدسّ أنفه، فيفسد كل شيء، يحاول أن يرفع صوته ويصرخ، فينظرون إليه نظرة غاضبة مستهجنة فيسكت خوفاً، يدور حول الكبار ويحاول أن يمر بينهم علّهم يلاحظونه فيبعدونه أو يطردونه خارج مجالسهم.

قطر ومنذ أن استولى تنظيم الحمدين على الحكم فيها، أصبحت هكذا، حاولت أن ترفع صوتها فلم يأبه لها أحد، ظنت أن قناة الجزيرة ستجعلها كبيرة، فراحت تتحدث وتصرخ، تلفّ وتدور، تبحث عن ثغرة لتثبت أنها جزء من هذا العالم، لكنها وجدت نفسها صغيرة، عالقة في عالم يتحدث فيه الكبار فقط.

نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة الكبار لغة الكبار



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon