توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لغة الملائكة

  مصر اليوم -

لغة الملائكة

بقلم - خديجة حمودة

من أجمل اللقطات أن تستيقظ على حوارات عالية الصوت رقيقة ودقيقة النغمات تبدو كأنها صادرة عن آلة موسيقية تستعد للعزف وتقفز على درجات السلم الموسيقى، إلا أنه سرعان ما تكتشف أنها صادرة من أصدقائك الذين يشاركونك الحياة فوق أغصان الشجرة الملاصقة لبيتك ونافذتك.

وفى عالم الطيور اعتدنا أن نستمع إلى أرقى الحوارات وأمتعها، فنشعر كأن تلك الأصوات تعزف سيمفونية عالمية ساحرة تحكى قصص الإعجاب والغزل والغرام والوفاء والحفاظ على مشاعر الحبيب ومواساته والالتصاق به واحتضانه تحت الجناح لتدفئته ومساعدته والتنازل له عن الطعام بكل رضا وسعادة والإحساس بالمسئولية وضرورة دعمه وبناء العش الذى يحتضن داخله الصغار ويدافع عنه ضد أى معتدٍ.

وقد تحدث الفلاسفة القدماء كثيراً عن لغة الطيور وأسرارها وعلاقتها بالبشر، حتى إن بعض الطرق الصوفية قالوا عنها (لغة الملائكة)، وكتب عنها المؤرخ البريطانى (هارولد بيلى) كتاباً كاملاً تحت اسم (اللغة الضائعة للرموز)، أشار فيه إلى أنها كانت تسمى أحياناً (اللغة الخضراء)، وأكد أن فهمها يعزز علاقة الإنسان بالطبيعة ويعمق فهمه لها ويقال عنها أيضاً إنها أول لغة خلقها الله فى الكون وكانت لغة جميع المخلوقات بما فيها الإنسان الأول.

وفى الموسوعات وكتب التاريخ القديم وصفت اللغة الهيروغليفية بأنها (أبجدية الطيور)، ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، فقد دخلت لغة الطيور الموسيقى المعاصرة، حيث ألّف الموسيقار الفنلندى (جان سيبيليوس)، فى مطلع القرن الماضى، قطعة موسيقية بعنوان (لغة الطيور)، وإذا نظرت إلى مجموعة من الطيور الصغيرة ستشعر بدفء المشاعر وقوة الاحتياج الذى تترجمه تلك المخلوقات الدقيقة بالاقتراب والالتصاق وترتيب مجموعاتها حتى فى أثناء الهجرة من قارة لأخرى فتبدو كما لو كانت جيوشاً عسكرية متلاحمة مرتبة منسقة تتحرك خلف قائدها فى مشهد مهيب.

ويبدو أننا نحن البشر فقدنا الكثير مع الوصول للعالمية وسط التكنولوجيا والأجهزة المعقدة التى تفصلنا عمن حولنا وتغلق علينا جميع الحواس بحجة واهية لا طعم لها ولا معنى وهى (الخصوصية) التى فرقت الأحبة وفتتت جميع العلاقات وألغت التجمعات.

فإذا كنت من المتابعين للظواهر الاجتماعية والتغيرات التى تطول المجتمع، فلا بد أنك أحسست وشاهدت نزعة الاستقلال التى سيطرت على الأجيال الجديدة وعلى الفتيات وساهمت فى إفشال المئات من الزيجات والعلاقات، والغريب أن تلك الظاهرة لم تقابلها أى مقاومة أو رفض من الشباب، بل وصل الأمر للتشجيع من العائلات وحث الفتيات على العمل والدراسة والسفر دون ارتباط، ويكفى أن تلاحظ الانفصال الذى حدث فى المجتمع بين عالمى الفتيات والشباب، فالجماعات التى تسافر أو تقيم الاحتفالات الخاصة غالبها تميل إلى التمييز إلى حد ما.

وعلى أطباء علم النفس والاجتماع دراسة تلك الظاهرة المفزعة التى ستقضى على كل صور المشاعر الإنسانية وعلى تلك اللقطات الرومانسية التى اعتدنا رؤيتها والاحتفاظ بها فى صناديق الحب والذكريات حتى لا تنتحر المشاعر الحقيقية والأحلام، ولا مانع أن تكون لغة الملائكة هى دليلنا وطريقنا إلى السعادة، خاصة بعد أن أثبتت الدراسات أن بعض النظم الصوتية التى تستخدمها الطيور شبيهة بتلك الموجودة فى اللغات البشرية، بل ويمكن القول إن أغانى الطيور تضبط التناغم بين موجات أدمغتنا والموجات الصوتية التى تمتلئ بها الأرض والكواكب من حولنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة الملائكة لغة الملائكة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon