توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبراج الحب

  مصر اليوم -

أبراج الحب

بقلم - خديجة حمودة

عندما يتحدث الأطباء فى ندواتهم العلمية ومجلاتهم الدورية ودراساتهم العليا ويسجلون تجاربهم التى عاشوا فيها لحظات الميلاد والخروج إلى عالمنا الرحب بعد تسعة أشهر وسط الظلام والدفء، فإن كلماتهم تشير إلى أنه من المفروض والضرورى والحقيقى أن تنفصل (المشيمة)، وهى العضو الذى ينمو فى رحم الأم أثناء الحمل ويعمل على توفير الأكسجين والعناصر المغذية للجنين أثناء نموه وينقى دمه من الفضلات، ومعها الحبل السرى الذى يربط الأم بالوليد.

إلا أن الحياة والتجارب الإنسانية والمشاعر المتدفقة التى لا تتوقف وتزداد مع الأيام والمواقف السعيدة والإحباطات والنجاحات والأزمات لها رأى آخر، فتلك الآلام والآهات والضحكات التى تخرج من القلوب تؤكد أن الانفصال الطبى لم يحدث كما هو مقرر له، أو بمعنى أدق لم ينجح ولم يتم بالدقة المطلوبة، وبالتالى تتحول تلك القلوب بما تحمله من مشاعر إلى أبراج من الحب، والمدهش والمبهج والصادق أن تلك المشاعر ليست لصاحب المشيمة والحبل السرى فقط، بل إنها تضم كل من ينتسب إليه ويشاركه الدم والحياة والأيام والليالى، حتى إن ابتعد وأخذته الأقدار إلى حياة خاصة وقارات بعيدة.

أبراج تبنى بدقة شديدة، تشبه تلك الطريقة الهندسية التى استخدمها القدماء المصريون فى بناء الأهرامات؛ حيث استخدموا جميع العلوم الفلكية واللوجيستية والهندسية والرياضية المتقدمة فى عملهم، ويبدو أننا تعلمنا منهم ولكننا استبدلنا بتلك الأحجار الضخمة قصص الحب وأبطالها وفرسانها ووضعناها بنفس المقياس الهندسى فانضمت فى النهاية إلى عجائب الدنيا حتى وإن لم نعلنها صراحة ولم تسجلها كتب التاريخ.

أبراجنا الإنسانية تضم أجمل وأرقى حكايات العمر وصوره الفوتوغرافية ولمساته وهمساته وحيرته وقلقه، وفيها نعيش لحظات الحرمان الموجعة وصدمة سعادة اللقاء بعد غياب أو يأس والتى تشبه تحول الأجساد والقلوب إلى شظايا مبعثرة يصعب جمعها وتشكيلها من جديد وربما ضياعها بين أوراق الأيام والساعات والثوانى.

وإذا كنا أصبحنا نعيش فى عالم الأبراج المتناطحة ونتنافس على الأعلى والأضخم والشامل الجامع ما بين أماكن للسكن تعلو بنوكاً وشركات عالمية ومكاتب محاماة ومحاسبين قانونيين وأخرى للأوراق المالية وفنادق فاخرة ومحال تحمل أسماء عالمية وتبيع القطع الأثرية النادرة والمجوهرات والأحجار الكريمة وتتعامل مع المشترين بالعملات الأجنبية وكروتاً مالية حديثة لا تفتح إلا ببصمة العين ولا تعترف بالأرقام السرية، فالأبراج وصلت بعلوها إلى كل جديد ومبتكر وآخر صيحات التكنولوجيا والاتصالات وكاميرات المراقبة التى تسجل كل ما يدور داخلها حتى دقات قلوب المترددين ونظراتهم وعدد خطواتهم ولفتاتهم ودرجات حرارة أجسادهم، إلا أن كل هذا لا ينافس أبراج الحب التى نتحدث عنها.

فيكفينا أن ننجح فى قياس درجات سعادة سكان أبراج الحب من نبرات أصواتهم وأن نقرأ ما يدور داخلهم ونتعرف على رغباتهم وأحلامهم من نظراتهم، ويا لها من سعادة أن تكمل عباراتهم التى تتعثر كلماتها وحروفها خجلاً أو خوفاً أو ألماً وتمسح بيديك تلك الدموع قبل أن تنهمر، فهذه القدرات لا يملكها أى من الأبراج التى سجلت فى الموسوعات بالأكثر ارتفاعاً والأعلى تكلفة مادية فلا مجال للمنافسة أو التفوق على ما بنى بالحب وللحب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبراج الحب أبراج الحب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon