توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غمامة الأيام

  مصر اليوم -

غمامة الأيام

بقلم - خديجة حمودة

من أجمل المشاهد التى تنعشنا وتدفع بالطاقة الإيجابية فى أجسادنا وتمتعنا وترسم الابتسامة على ملامحنا وداخل قلوبنا شروق الشمس بضوئها الساحر الذى يخرج إلينا فى أشعة تدريجية ملونة بإبداع وإتقان وسحر وشموخ وسخاء ليمنحنا القدرة على الحياة ويملأ صدورنا بالهواء المنعش الذى يُدغدغ جميع حواسنا ويوقظ معنا أجمل المخلوقات ليعزفوا لنا سيمفونية الحب والعشق والبقاء.

وعندما تقسو الطبيعة والمناخ وتنتصر الغمائم على الدفء ورمز الشموخ والقوة والحياة يصبح للكلمات معانٍ أخرى وتختبئ المخلوقات الرقيقة الدقيقة ويخفت صوتها وربما يعلو ويتحول إلى صياح وضجيج ولكن فى نغمات تشبه جرس الإنذار الذى يقول وينادى أن احذروا فهناك ضيف ثقيل فى الطريق وقد يترك لكم ما لا تحبون بعد رحيله أو يأخذ معه الكثير، فإننا ندرك أن غمائم الأيام ستنقض علينا فى ضيافة غير مرغوب فيها، وقد اختصر الشعراء والمحبون والمتيمون والعشّاق هذه الكلمة فى هزيمة الشمس وسيطرة الظلام وبرودة الجو فلا عجب أن نجد معناها الدقيق فى معجم المعانى الجامع أنها السحابة التى يتغير بها وجه السماء، وهى جمع مفردة (غمامة) وحب الغمام هو البرد أبيض اللون وهو ابن الغمام أيضاً، وقديماً قالوا فى وصف الجمال (يفتر عن مثل حب الغمام، أى عن أسنان بيض كالبرد).

ولأننا أبناء الحضارة الفرعونية وأحفاد آمون وبناة الأهرامات وأصحاب فكرة البقاء والتحنيط وإبداع القلادات وتيجان الملوك ومقاعدهم وفراشهم وهداياهم وحليهم، فقد تعلمنا أن رع هو إله الشمس، الذى رسمناه قرصاً مشعاً وقت الظهيرة فى أقوى وأوضح صورة وعاش الأجداد يعبدونه فى مدينة هليوبوليس القديمة وترجمتها الحرفية مدينة الشمس، كما سماها الإغريق، وكان لديهم اعتقاد وإيمان بأن رع هو من خلق كل أشكال الحياة، وهو الذى أوجد كلاً منها عن طريق استدعائها بأسمائها السرية، وقد بنى رمسيس الثانى بهو الأعمدة الفرعونية بالكرنك وشيد معبد أبوسمبل من أجل رع إله الشمس، التى لا ينافسها أى قوة حتى الآن إلا الغمائم التى فسّرتها قواميس اللغة العربية والموسوعات بعشرات الكلمات فى إيضاح وتحليل وشرح ووزن، فقالوا إن جذر هذه الكلمة هو (غمم)، وإن وزنها الصرفى هو فعائل، وإنها تشترك مع عشرات الكلمات فى الجذر نفسه، فمثلها (غمامة - غم - غماء - غمام - مغموم - غام - غامة - أغم - مغم - غمم - أغتم).

أما الشمس التى نبحث عنها فى محاولاتنا للقضاء والانتصار على غمائم الأيام بكل معانيها ورموزها من أحزان أو فقد أو حرمان أو ألم، حيث يكون لها وقع فريد نادر على الأيام والقلوب، فقد كتب نزار قبانى أجمل الأوصاف لها، فقال (أيا امرأة لا أزال أعد يديها وأخطئ بين شروق اليدين وبين شروق النهار)، وجاءت كلمات عبدالقادر المازنى، الذى اعتبر رؤية حبيبته هى الشروق، عندما قال (وكنت إذا تمطى بى ظلام أقول لكل غاربة شروق)، وكانت الصورة مختلفة وأروع لدى محمود درويش (عيناك أحلم أن أرى عينيك يوماً تنعسان فأرى هدوء البحر عند شروق الشمس)، وكانت كلمات الشاعر جويدة ملخصاً شارحاً وافياً للعلاقة بين رؤية الحبيب عندما يتحول إلى محور للحياة، فيقول (تبدأ الشمس من مقلتيك الشروق ويبدأ القلب بين يديك الخفوق أنت أول حرف به نطقت وأول شمس رأيت). وعندما يصادفنا هم يثقل علينا فإننا نقول بعد الغمام شمس، وكل هم إلى فرج، أما قصة الحب التى تضيع سريعاً، فهى ظل الغمام الذى لا يدوم وينقضى سريعاً. حفظنا الله من الغمائم وظلها وثقلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غمامة الأيام غمامة الأيام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon