توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غمامة الأيام

  مصر اليوم -

غمامة الأيام

بقلم - خديجة حمودة

من أجمل المشاهد التى تنعشنا وتدفع بالطاقة الإيجابية فى أجسادنا وتمتعنا وترسم الابتسامة على ملامحنا وداخل قلوبنا شروق الشمس بضوئها الساحر الذى يخرج إلينا فى أشعة تدريجية ملونة بإبداع وإتقان وسحر وشموخ وسخاء ليمنحنا القدرة على الحياة ويملأ صدورنا بالهواء المنعش الذى يُدغدغ جميع حواسنا ويوقظ معنا أجمل المخلوقات ليعزفوا لنا سيمفونية الحب والعشق والبقاء.

وعندما تقسو الطبيعة والمناخ وتنتصر الغمائم على الدفء ورمز الشموخ والقوة والحياة يصبح للكلمات معانٍ أخرى وتختبئ المخلوقات الرقيقة الدقيقة ويخفت صوتها وربما يعلو ويتحول إلى صياح وضجيج ولكن فى نغمات تشبه جرس الإنذار الذى يقول وينادى أن احذروا فهناك ضيف ثقيل فى الطريق وقد يترك لكم ما لا تحبون بعد رحيله أو يأخذ معه الكثير، فإننا ندرك أن غمائم الأيام ستنقض علينا فى ضيافة غير مرغوب فيها، وقد اختصر الشعراء والمحبون والمتيمون والعشّاق هذه الكلمة فى هزيمة الشمس وسيطرة الظلام وبرودة الجو فلا عجب أن نجد معناها الدقيق فى معجم المعانى الجامع أنها السحابة التى يتغير بها وجه السماء، وهى جمع مفردة (غمامة) وحب الغمام هو البرد أبيض اللون وهو ابن الغمام أيضاً، وقديماً قالوا فى وصف الجمال (يفتر عن مثل حب الغمام، أى عن أسنان بيض كالبرد).

ولأننا أبناء الحضارة الفرعونية وأحفاد آمون وبناة الأهرامات وأصحاب فكرة البقاء والتحنيط وإبداع القلادات وتيجان الملوك ومقاعدهم وفراشهم وهداياهم وحليهم، فقد تعلمنا أن رع هو إله الشمس، الذى رسمناه قرصاً مشعاً وقت الظهيرة فى أقوى وأوضح صورة وعاش الأجداد يعبدونه فى مدينة هليوبوليس القديمة وترجمتها الحرفية مدينة الشمس، كما سماها الإغريق، وكان لديهم اعتقاد وإيمان بأن رع هو من خلق كل أشكال الحياة، وهو الذى أوجد كلاً منها عن طريق استدعائها بأسمائها السرية، وقد بنى رمسيس الثانى بهو الأعمدة الفرعونية بالكرنك وشيد معبد أبوسمبل من أجل رع إله الشمس، التى لا ينافسها أى قوة حتى الآن إلا الغمائم التى فسّرتها قواميس اللغة العربية والموسوعات بعشرات الكلمات فى إيضاح وتحليل وشرح ووزن، فقالوا إن جذر هذه الكلمة هو (غمم)، وإن وزنها الصرفى هو فعائل، وإنها تشترك مع عشرات الكلمات فى الجذر نفسه، فمثلها (غمامة - غم - غماء - غمام - مغموم - غام - غامة - أغم - مغم - غمم - أغتم).

أما الشمس التى نبحث عنها فى محاولاتنا للقضاء والانتصار على غمائم الأيام بكل معانيها ورموزها من أحزان أو فقد أو حرمان أو ألم، حيث يكون لها وقع فريد نادر على الأيام والقلوب، فقد كتب نزار قبانى أجمل الأوصاف لها، فقال (أيا امرأة لا أزال أعد يديها وأخطئ بين شروق اليدين وبين شروق النهار)، وجاءت كلمات عبدالقادر المازنى، الذى اعتبر رؤية حبيبته هى الشروق، عندما قال (وكنت إذا تمطى بى ظلام أقول لكل غاربة شروق)، وكانت الصورة مختلفة وأروع لدى محمود درويش (عيناك أحلم أن أرى عينيك يوماً تنعسان فأرى هدوء البحر عند شروق الشمس)، وكانت كلمات الشاعر جويدة ملخصاً شارحاً وافياً للعلاقة بين رؤية الحبيب عندما يتحول إلى محور للحياة، فيقول (تبدأ الشمس من مقلتيك الشروق ويبدأ القلب بين يديك الخفوق أنت أول حرف به نطقت وأول شمس رأيت). وعندما يصادفنا هم يثقل علينا فإننا نقول بعد الغمام شمس، وكل هم إلى فرج، أما قصة الحب التى تضيع سريعاً، فهى ظل الغمام الذى لا يدوم وينقضى سريعاً. حفظنا الله من الغمائم وظلها وثقلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غمامة الأيام غمامة الأيام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon