توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غمامة الأيام

  مصر اليوم -

غمامة الأيام

بقلم - خديجة حمودة

من أجمل المشاهد التى تنعشنا وتدفع بالطاقة الإيجابية فى أجسادنا وتمتعنا وترسم الابتسامة على ملامحنا وداخل قلوبنا شروق الشمس بضوئها الساحر الذى يخرج إلينا فى أشعة تدريجية ملونة بإبداع وإتقان وسحر وشموخ وسخاء ليمنحنا القدرة على الحياة ويملأ صدورنا بالهواء المنعش الذى يُدغدغ جميع حواسنا ويوقظ معنا أجمل المخلوقات ليعزفوا لنا سيمفونية الحب والعشق والبقاء.

وعندما تقسو الطبيعة والمناخ وتنتصر الغمائم على الدفء ورمز الشموخ والقوة والحياة يصبح للكلمات معانٍ أخرى وتختبئ المخلوقات الرقيقة الدقيقة ويخفت صوتها وربما يعلو ويتحول إلى صياح وضجيج ولكن فى نغمات تشبه جرس الإنذار الذى يقول وينادى أن احذروا فهناك ضيف ثقيل فى الطريق وقد يترك لكم ما لا تحبون بعد رحيله أو يأخذ معه الكثير، فإننا ندرك أن غمائم الأيام ستنقض علينا فى ضيافة غير مرغوب فيها، وقد اختصر الشعراء والمحبون والمتيمون والعشّاق هذه الكلمة فى هزيمة الشمس وسيطرة الظلام وبرودة الجو فلا عجب أن نجد معناها الدقيق فى معجم المعانى الجامع أنها السحابة التى يتغير بها وجه السماء، وهى جمع مفردة (غمامة) وحب الغمام هو البرد أبيض اللون وهو ابن الغمام أيضاً، وقديماً قالوا فى وصف الجمال (يفتر عن مثل حب الغمام، أى عن أسنان بيض كالبرد).

ولأننا أبناء الحضارة الفرعونية وأحفاد آمون وبناة الأهرامات وأصحاب فكرة البقاء والتحنيط وإبداع القلادات وتيجان الملوك ومقاعدهم وفراشهم وهداياهم وحليهم، فقد تعلمنا أن رع هو إله الشمس، الذى رسمناه قرصاً مشعاً وقت الظهيرة فى أقوى وأوضح صورة وعاش الأجداد يعبدونه فى مدينة هليوبوليس القديمة وترجمتها الحرفية مدينة الشمس، كما سماها الإغريق، وكان لديهم اعتقاد وإيمان بأن رع هو من خلق كل أشكال الحياة، وهو الذى أوجد كلاً منها عن طريق استدعائها بأسمائها السرية، وقد بنى رمسيس الثانى بهو الأعمدة الفرعونية بالكرنك وشيد معبد أبوسمبل من أجل رع إله الشمس، التى لا ينافسها أى قوة حتى الآن إلا الغمائم التى فسّرتها قواميس اللغة العربية والموسوعات بعشرات الكلمات فى إيضاح وتحليل وشرح ووزن، فقالوا إن جذر هذه الكلمة هو (غمم)، وإن وزنها الصرفى هو فعائل، وإنها تشترك مع عشرات الكلمات فى الجذر نفسه، فمثلها (غمامة - غم - غماء - غمام - مغموم - غام - غامة - أغم - مغم - غمم - أغتم).

أما الشمس التى نبحث عنها فى محاولاتنا للقضاء والانتصار على غمائم الأيام بكل معانيها ورموزها من أحزان أو فقد أو حرمان أو ألم، حيث يكون لها وقع فريد نادر على الأيام والقلوب، فقد كتب نزار قبانى أجمل الأوصاف لها، فقال (أيا امرأة لا أزال أعد يديها وأخطئ بين شروق اليدين وبين شروق النهار)، وجاءت كلمات عبدالقادر المازنى، الذى اعتبر رؤية حبيبته هى الشروق، عندما قال (وكنت إذا تمطى بى ظلام أقول لكل غاربة شروق)، وكانت الصورة مختلفة وأروع لدى محمود درويش (عيناك أحلم أن أرى عينيك يوماً تنعسان فأرى هدوء البحر عند شروق الشمس)، وكانت كلمات الشاعر جويدة ملخصاً شارحاً وافياً للعلاقة بين رؤية الحبيب عندما يتحول إلى محور للحياة، فيقول (تبدأ الشمس من مقلتيك الشروق ويبدأ القلب بين يديك الخفوق أنت أول حرف به نطقت وأول شمس رأيت). وعندما يصادفنا هم يثقل علينا فإننا نقول بعد الغمام شمس، وكل هم إلى فرج، أما قصة الحب التى تضيع سريعاً، فهى ظل الغمام الذى لا يدوم وينقضى سريعاً. حفظنا الله من الغمائم وظلها وثقلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غمامة الأيام غمامة الأيام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon