توقيت القاهرة المحلي 22:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صور غير شرعية

  مصر اليوم -

صور غير شرعية

بقلم : خديجة حمودة

منذ سنوات ليست بالبعيدة كنا نحتفظ بصورنا الورقية ونتبادلها ونتراسل ونتهادى بها ونحتفظ بالغالى منها والذى يحمل ذكريات أول حب وأول لقاء وشمعة عيد الميلاد وحفلة آخر العام ومعرض الأعمال الفنية التى أعددناها بأنامل الصغيرات الناعمة وبأحلام سعيدة وحالمة أن تزين ذات يوم منزلاً يملؤه الحب ورحلات المدرسة وصور الخطوبة والزفاف والابن الوليد وأول ضحكة له وأقدامه الصغيرة تلامس الأرض ويستند على الجدران وكأنه يسابق الأيام والليالى ليصل إلى القمر وعيونه اللامعة والتى تحكى قصة حياة.

ومن ضمن أجمل ما يقال عن الصور الورقية أن منها ما يباع فى مزادات عالمية بملايين الدولارات لندرتها وتاريخها وتاريخ شخصياتها التى تحمل التيجان الملكية فوق رأسها ونياشين الشجاعة والعزة والفخر على الصدور والسيوف الذهبية المنقوش على حدها اسم صاحبها وكنيته ورتبته ولقبه الذى ينسبه لأصحاب الدماء الزرقاء وتعتبر مثل تلك الصور ثروات تورث جيلاً بعد جيل وتتهافت عليها صالات المزادات العالمية لتسجل فى دفاتر أعمالها.

أما الآن فقد أصبحنا نعيش فى زمن الصور غير الشرعية التى تسرق حياتنا وأجمل لحظاتها وتهاجمنا فى أسعد وأدق وأخص وأغلى اللحظات وأكثرها عفوية وبراءة وتدفقاً للمشاعر والأفكار والكلمات كما تسرق ملامحنا وهى تتحدث وتحكى وتغنى وترقص وتحتضن الأعزاء أصحاب الحظوة والمكانة الغالية. تسرق فرحتى بعودة الغائب وأصابعى تربت على كتفه وعيونى تستوعبه بجسده وروحه ومشاعره ولهفته وربما دموع شوق زاد وفاض تغرق الوجه والكف بعد جفاف البعاد.

ولأننا نعيش فى زمن القبح واللامعقول والعرى فقد أعلن خبر أزعجنى كثيراً وهو تزويد شوارع المدن المصرية ووسائل المواصلات والميادين وأماكن الترفيه والفنادق والمستشفيات والمصاعد وجميع المحال بكاميرات مراقبة للحفاظ على الأمن العام وتأمين المؤسسات والمواطنين ولمكافحة الإرهاب، وقد دار فى ذهنى سؤال بديهى ألا وهو وماذا عن الأمن الخاص والشخصى؟ ألا يكفى ما يتردد عن تصوير البعض فى منازلهم وتهديدهم العلنى بتلك الصور؟ أزعجنى بل أحسست بالرعب من سرقة حياتى وأحبائى وصغارى وأفراحى وأيضاً دموعى وآهاتى ونظرات الإعجاب الخاصة بى لشخص أو مكان وكذلك نظرات الاستياء التى ترتسم أحياناً على ملامحى دون قصد وبعفوية شديدة. وأدركت أن زمن ألبوم العائلة قد انتهى ومضى ولن يعود.

وبالرغم من أن رجال القانون يؤكدون أن تصوير الأشخاص فى مكان خاص بهم دون إذن منهم يعد انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة كما يعد مساساً بالخصوصية التى كفلها الدستور والقانون، ووفقاً للمادة ٣٠٩ مكرراً من قانون العقوبات فإن من يقترف جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة يتعرض للحبس وتمتد العقوبة لتشمل كل من سهل أو أذاع أو شارك فى نشر الصور.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن التنصت على المكالمات التليفونية أيضاً يعد عصفاً بنص دستورى يصون ويحمى الحياة الخاصة بكل إنسان. حيث اتسعت المادة ٥٧ من دستور ٢٠١٤ فى ضمانات الحريات الشخصية للمواطنين لتشمل المراسلات البريدية والبرقيات الإلكترونية وكذلك المكالمات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصالات وكفلت سريتها التامة ووفقاً لنص المادتين ٣٠٩ مكرراً و٣٠٩ مكرراً أ تعتبر المادتان إضافة مهمة لضمانات الحرية الشخصية، إذ إنهما تحرمان لأول مرة فى التشريع المصرى الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بأى وسيلة ومنها التقاط صور شخصية فى مكان خاص، وتشدد عقوبة ذلك إلى ثلاث سنوات إذا ما تم ذلك دون رضا صاحبها.

ومن الطريف فى تلك الملهاة التى نعيشها أن التصوير المستمر والعدوانى قد يدخل أحياناً طبقاً للقانون ضمن إطار التعريف القانونى للتحرش. وقاكم الله أيها الأصدقاء من سرقة اللحظات الخاصة النادرة الثمينة ومن التحرش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صور غير شرعية صور غير شرعية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon