بقلم : خديجة حمودة
هناك أشخاص منا يملكون قدرة ربانية منحهم الله إياها وهى قراءة الأصوات!!! وقبل أن ترتسم على وجوهكم أحبائى وأصدقائى أى علامة تعجب ودهشة، أؤكد أن للأصوات قراءة وأنها تحمل بين الحروف كل المعانى والمشاعر والانفعالات بل وأيضاً الأمنيات والأحلام، فصوتك قد يعلن حبك أو يظهر اشتياقك وحنينك أو كرهك وآلامك، كما يوضح أحزانك ويحمل وسط حروف الكلمات دموعك أو ضحكاتك وقلقك واطمئنانك وخجلك وفخرك وحماسك. ومن أجمل الأمثال الشعبية المصرية القديمة ما يوضح تلك الفكرة، وكانت الأمهات تردده فى تفسيرهن لأصوات حديثى الولادة (إن جاعوا زنوا وإن شبعوا غنوا)، فقد شبهوا قديماً وقرأوا همهمات الصغار بتلك الجملة الذكية المعنى والمضمون.وهكذا يمكن القول إن أصواتنا تعلن جميع رغباتنا للعالم فى مختلف أعمارنا منذ أيامنا الأولى فى هذه الدنيا، وهذا هو السر وراء خلود بعض الأصوات فى المجالات المختلفة سواء غناء أو إعلام أو إلقاء شعر، فالقلوب لا تستوعب إلا الأنقياء الواضحين المعبرين، ومن هؤلاء أصحاب الأصوات الذهبية والحروف الماسية التى تدور فى الفضاء وتصل لآذان الملائكة وتطربهم، فيطلبون من الإله عز وجل أن يديم تلك النعمة ليستمتع بها الجميع، ولتستمر فى الإبداع أكثر وأكثر ولتملأ السماء وتدور حول الأرض فى مشهد بديع لا يراه أو يسمعه إلا هؤلاء أصحاب الحس العالى النقى، ولعل من أروع الأصوات التى تدخل سامعيها فى عالم آخر وترفعهم للسماء صوت أم كلثوم، التى لقبوها بقيثارة السماء، حيث تخرج من بين حروفها آلام عذاب الحب والشوق والحرمان ويقترب من نفس درجتها العندليب (عبدالحليم حافظ). وفى علم الصوتيات نتعلم كيف ننطق الحروف بطريقة صحيحة ونعطى كل حرف حقه من حركات الفك واللسان والأسنان، وفى هذه الحركات تتساوى جميع اللغات فى الاعتماد عليها حتى وإن اختلفت ديناميكيتها من لغة لأخرى، لتتميز كل واحدة حسب الأصوات الصادرة. ومن المتعارف عليه فى (صناعة النجم) سواء كان نجماً سياسياً أو سينمائياً أو إعلامياً أن من أهم ما يتم تدريبه عليه ولا بد من إتقانه هو الإلقاء، وهو ما يظهر بوضوح ويبين الفرق بسرعة بين مرشح وآخر فى المناظرات التليفزيونية، التى تتم بين المرشحين فى مختلف المجالات، فالمتلقى عادة يتأثر كثيراً بالأصوات ونطق المتحدث للحروف، وكاريزما الشخصيات تحصل منها طريقة النطق على نسبة عالية من الدرجات، ومن أجمل اللغات على الإطلاق اللغة العربية، التى تعتبر إحدى أكثر اللغات انتشاراً فى العالم، ويتوزع متحدثوها فى الوطن العربى بالإضافة إلى العديد من المناطق المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالى والسنغال وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان وإيران. وللغة العربية أهمية قصوى لدى المسلمين فهى لغة مقدسة، لأنها لغة القرآن ولغة الصلاة، كما أنها أساسية فى القيام بالعديد من العبادات والشعائر الإسلامية، كما أنها لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس فى الوطن العربى، وكتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية فى العصور الوسطى، ومن أجمل ما وصفوا به اللغة العربية أنها (لغة الضاد)، التى لا يتقنها فى النطق إلا المصريون لصعوبتها وهى الدال المفخمة، وقد كتب الشعراء الكثير فى عشق اللغة العربية وفخامتها، إلا أن ما وصل إليه حالها مع التطور والعبث بالقديم والأصيل والتراث وأصبح لدينا ما يعرف بالفرانكو آراب الذى أفسد الذوق العام، وتبدلت أسماء المحال التجارية والأحياء والنوادى والمبانى دفع شاعرنا حسين بكرى لرثاء لغتنا الجميلة، حيث قال (أيتها اللغة العربية أصبحت لغة منسية أصبحت مثل كتاب الجبر ملغزة وحروفك أحجية، أخشى أن نقرأ بعد اليوم قرآنك بالصينية، أيتها اللغة العربية يا لغة عاشت ماسية لكن الجهلة خانوك باعوك بلغات حجرية، أصبحنا نصف فرانكوآراب والنصف بأرقام عربية)، فرفقاً بلغتكم وتأكدوا أن أصواتكم تبوح بأسراركم للجميع.