توقيت القاهرة المحلي 22:09:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وأنت عنى بعيد

  مصر اليوم -

وأنت عنى بعيد

بقلم : خديجة حمودة

البعاد له مرارة وقسوة وآلام ومذاق لا يخطئه أى إنسان وجميعنا أحسسنا به حتى وإن اختلف من شخص لآخر أو من زمن لما سبقه أو لما سيأتى بعده ويلحقه وينافسه فى البقاء وترك الذكريات والعلامات والأحلام والحكايات. البعاد يعلمنا ما هو الحب والحنين والشوق والاعتياد والنسيان وكيف نستحضر أحاسيس عبرت علينا ونحاول إبقاءها ونصر على الغوص داخلها كما لو كانت موجة من موجات البحر القوية التى تلفنا ونستمتع بدخولها ونرفع وجهنا للسماء لثوانٍ قليلة بحثاً عن أى نسمة هواء لحظية تبقينا على قيد الحياة ونعود من جديد وسطها فى سعادة واستمتاع ونتمنى لو قضينا حياتنا هكذا كنسمة هواء وحضن وسط الماء وحلم بالوصول للقمة وآخر بالنزول تحت الماء حتى قاع البحر. ويبدو أن البعاد يوقظ داخلنا أشياء كثيرة ويعلمنا أن الألم شىء بديع وليس كله قاسياً فهناك آلام لها مذاق خاص جداً يكاد يقترب من اللذة ذلك عندما يكون هناك يقين أنها الطريق الوحيد للوصول للأحبة أو الأهداف أو النجاح أو تحقيق الآمال، مثل ذلك الإحساس الغريب المتضارب الممزوج بجميع المشاعر عندما تجد الطائرة تلامس أرض الوطن بعد سنوات من الاغتراب أو آلام المخاض التى تمزق الأم لكنها تتلهف عليها لترى وليدها وتحتضنه، ومثلها تلك التى تهاجمنا من الإجهاد ومواصلة الليل بالنهار للاستمرار فى العمل من أجل المنصب والمال وإسعاد المحيطين والأحبة، وحتى الصغار يعيشون تلك اللحظات ببراءتهم ومشاعرهم النقية فى انتظار عودة الأم من غياب والإحساس بضمتها التى لا تساويها أخرى طوال الحياة. أو رؤية الشقيق الذى ابتعد أياماً أو الطعام الذى أحس باحتياجه الشديد إليه.

وأنت عنى بعيد أجمع أسماء جميع الكتابات التى قرأتها ودواوين الشعر التى حفظت كلماتها والأغانى التى حلمت بعودتك على ألحانها وأحسست بفرحة النجاح مع هتاف مطربها وارتديت ثوب عرسى على إحداها واستقبلت وليدى مع دقات الأخرى وعلمته السير والنطق وأمسكت بيده من الهواء على نغماتها. وأنت عنى بعيد أتعجب من عدم وصول رسائلى إليك بالرغم من أن الجميع يقرأها ويتبادلونها كهدايا فى عيد الحب ويجدونك بين السطور وفوق الهمزات وتحت الكسرة ومع التنوين ويضحكون ويتغامزون ويقولون إننى أعانى آلام البعاد.

وأنت عنى بعيد بحثت وتعلمت وقرأت وعرفت أن هناك جمعية مصرية لعلاج الألم أنشئت منذ ٢٥ عاماً وأن الهدف منها زرع ثقافة الذهاب للطبيب لتخفيف أى نوع من الآلام وأن مهمة هؤلاء معرفة السبب وتوجيه المريض للمختص. وعرفت أيضاً أنه فى عام ٢٠٠٧ أصدرت جمعية طبية تابعة لمنظمة الصحة العالمية منشوراً يقول إن التخلص من الألم حق من حقوق الإنسان وهو ما جعل العالم كله يتجه إلى البحث فى الطرق الحديثة لعلاج الألم وأنشأت كل الدول الأوروبية وأمريكا مراكز متخصصة فى علاج الألم. وأنت عنى بعيد وأنا أبحث عن علاج لألم البعاد وجدت أن جمعية أطباء الألم المزمن المصرية تعلن عن إقامة ورشة دولية لعلاج الألم للتدريب والتوعية لصغار الأطباء والمهتمين. كما وجدت وحدة للألم بأحد المستشفيات الجامعية المصرية وجمعية أخرى فى المملكة العربية السعودية تحمل نفس الاسم وتعمل من أجل نفس الهدف. وأنت عنى بعيد وجدت تعريف كلمة الألم بأنه ظاهرة متعددة الأبعاد ويتضمن جوانب معرفية ووجدانية وحسية وبيئية سواء فى وجود أو غياب الأسباب الباثولوجية فأدركت فى تلك اللحظة أنك أنت الألم وأننى لو جمعت أسماء أوراقى التى تضم (نفوس آيلة للسقوط - شاحن القلوب - خد وهات - حالة انبهار - جملة وضمة - فطام إرادى - فن التدمير - مشاعر قسرية - حكايات القمر - خاص جداً - قذائف الخوف - قضية تزوير - عندما تجهم القمر - أميرة حبه أنا) فستكون هى قصتى مع الألم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وأنت عنى بعيد وأنت عنى بعيد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon