توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران المأزومة هل تُصدر أزمتها إلى الخارج؟

  مصر اليوم -

إيران المأزومة هل تُصدر أزمتها إلى الخارج

بقلم: محمد الرميحي

الحديث هنا عن النظام الإيراني وليس عن الشعوب الإيرانية، حتى تكون الأمور واضحة، فالاعتداء على ناقلة نفط في بحر العرب هو خبر الأسبوع الماضي، وهو أحد الأخبار التي تتالت، من بينها أن إيران قد صنعت صاروخاً فرط صوتي وأطلقته ولن يكون مستغرباً أن يعلن قريباً عن المنتظر؛ سلاح نووي!
ردّت الولايات المتحدة أنها والحلفاء في المنطقة بصدد تسيير زوارق لمواجهة هجوم الطائرات المسيرة في الخليج. بجانب ذلك يجري الحشد البحري حول مضيق هرمز، كما تزداد جرعة المناكفة في بعض دول الخليج من جماعات تابعة لإيران، هل كل ما نلحظ هو تنمر واستفزاز، أم هو مقدمة لحرب.
قد يرى البعض أن الحرب مستبعدة، إلا أن قراءة متعمقة لسلوك الأنظمة القمعية المأزومة تفيد بأنها في حالة الضيق الداخلي الطويل، والذي لا تجد له مخرجاً، تحاول تصدير ذلك الضيق إلى الجوار بإشعال (صراع ما)، أو حتى حرب، تحت نظرية أن الاشتباك مع الخارج يعيد التضامن الداخلي، ويقضي على أسباب الاحتجاجات الداخلية المتفجرة.
منذ أشهر والمدن الإيرانية؛ بما فيها العاصمة، تضج بالمسيرات والمظاهرات التي تطالب بالتغيير، ولم يعد الأمر داخلياً، فصمت الفريق الرياضي لكرة القدم الإيراني في الدوحة عن ترديد السلام الوطني ينم عن غصب لما يجري في الداخل. التسامح في الافتراق عن مقولات النظام في السابق كان صفرياً، أي ما إن تعزف معزوفة الانشقاق حتى تُغيب، اليوم، عدد القتلى يرتفع، كما عدد المقبوض عليهم، لقد كسر محمد حاجز الخوف.
الأسباب كثيرة لتفسير ما يحدث؛ على رأسها أن النظام في إيران بعد حوالي أربعة عقود لم يعد قادراً على الاستمرار ولا على التغيير، لقد دخل في أزمة مع نفسه.
أما التفسير الثاني فإن الكثير من المطّلعين يقرون بأن قاعدة الحكم في أعلى الهرم الإيراني بدأت تضيق أكثر وأكثر، وأن متخذي القرار الحقيقيين في الدولة، اليوم، لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، كل الباقين هم منفذون في كل من الهرم التنفيذي والتشريعي، مما جعل شرائح كثيرة كانت مؤيدة للنظام، تتخلى عنه وتقف متفرجة قبل أن تندمج مع بقية الناس في التنديد به.
والتفسير الثالث؛ والذي قد لا يهضمه البعض، رغم كونه حقيقة، النموذج الذي يتطور اجتماعياً واقتصادياً في الدول القريبة من إيران، وأعني بها دول الخليج العربي، فهناك يبدو للإيرانيين، كيف تتطور هذه المجتمعات في مجالات حضرية وعلمية واقتصادية واسعة، هذا النوع من المقارنة يؤثر في الوعي لدى شرائح إيرانية، وتجري المقارنة بين الإنجاز والرفاه، وعدم الإنجاز والافتقار، ذلك يغضب النظام، ويضع اللؤم على (مؤامرة من الخارج).
في الأزمة التي أخذ النظام الإيراني نفسه إليها، هو اضطراره إلى التعاون مع الشرق، في الوقت الذي يرى فيه الكثير من الإيرانيين أن النموذج الغربي هو الأقرب لمزاجهم التاريخي والذي تحدر من مسيرة طويلة منذ ثورة المشروعية في مطلع القرن العشرين، حتى ثورة محمد مصدق في وسط القرن الماضي، وكثيرون يرون، اليوم، أن (الحكم الديني) المباشر هو استثناء في مسيرة الشعوب الإيرانية ولا بد من الرجوع إلى حكم مدني حديث.
هذا المأزق قد يجري التنفيس عنه بحرب بالجوار، وهذه الحرب قد تأخذ أشكالاً مختلفة ودرجات ساخنة أو باردة، منها على سبيل المثال إغراق المنطقة بالمخدرات لتغييب أكبر شريحة من الناس، ولقد تم أكثر من مرة مصادرة كميات ضخمة من أنواع المخدرات والتي مصدرها إيران أو جماعات تأتمر بأمرها قادمة إلى الخليج، من المعقول أن نفترض أن جزءاً من تلك المحاولات لا يكتشف ويجد طريقه إلى السوق من خلال عصابات مستعدة لفعل ذلك. اليوم لدينا إحصائيات شبه مؤكدة أن العراق يئن شبابه تحت تلك الآفة، وما على المتابع إلا أن يكتب (المخدرات في العراق) على الشبكة الدولية حتى يفاجأ بالنسب الكبيرة، معظمها (مهرب رسمياً) من شبكات تعمل على الحدود الشرقية.
لا داعي للتذكير بتاريخ الكبتاغون القادم من خلال الحدود الأردنية والمتجه إلى دول الخليج، تلك شبكات منظمة وراءها أجهزة تمولها بالمواد السامة، وتحميها أيضاً بالسلاح، والهدف هو (تخدير المجتمعات) القريبة وجرّها بعد ذلك إلى التهلكة، تلك واحدة من الحروب ولكن ليس كلها.
فالمعروف والمثبت أن هناك تهريباً للأسلحة، ومنها أسلحة فتاكة لعملاء النظام الإيراني في اليمن، وإرسال من يقوم بحشو عقول اليمنيين الشباب تحت سيطرة الحوثي بأفكار تنفي الوطن والمواطنة من أجل تثبيت الفكر الخرافي، وتأليب بعض الشرائح الاجتماعية اليمنية على غيرها في الوطن الواحد، والهدف هو جعل اليمن منصة للقفز منه على دول الجوار وإشاعة الفوضى فيها تمكيناً للاستيلاء على ثرواتها.
الحروب الأخرى هي إشاعة الاضطراب والعبث بالسلم الاجتماعي في عدد من مجتمعات الخليج تحت شعارات مختلفة، قد يبدو بعضها براقاً للبعض، وخاصة من شريحة (الفقراء في الفهم السياسي)، وهدفها خلخلة تلك المجتمعات وتعميق الارتياب السياسي في الأنظمة القائمة، الذي يؤدي إلى الاغتراب والسلبية وضعف الثقة بالمؤسسات ويؤثر في درجة إذعان المواطنين وامتثالهم للقوانين السائدة والتمرد عليها. طبعاً بجانب الحرب الساخنة في شمال العراق. إنها جهود لصرف النظر عما تقوم به الشعوب الإيرانية من اعتصامات.
التحوط إذًا هو العمل العقلاني الذي يتوجب التنبيه إليه، وهو أفضل كثيراً من الثقة الساذجة، والتي خبرناها في بعض محطات الصراع في الخليج، آخرها كان عام 1990 عندما احتل العراق الكويت في عمل قابل الثقة بالخيانة.
فهل تقوم إيران عندما يشتد الصراع الداخلي، بعمل مباشر ومعلن ضد جيرانها في الخليج؟ الجواب العقلاني: ذلك محتمل، تفعله الآن مستترة، وقد تفعله بأكثر وضوحاً عما قريب، سواء في مضيق هرمز أو الاعتداء على المنشآت الحيوية على طول الساحل الغربي للخليج، أو تحريك مجموعات داخلية في وقت ما لإضعاف الجبهة الداخلية. كل ذلك ممكن فالدكتاتوريات تتصرف خارج المنطق عندما يصل الأمر إلى سلطتها، فالسلطة كما السم قاتلة.
آخر الكلام:
لمن يريد أن يأخذ العبر، عليه أن يقرأ كتاب (تسجيلات صدام حسين)، وكيف يفكر الدكتاتور عندما يدخل الجحر المظلم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران المأزومة هل تُصدر أزمتها إلى الخارج إيران المأزومة هل تُصدر أزمتها إلى الخارج



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon