توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين أميركا والصين وروسيا!

  مصر اليوم -

بين أميركا والصين وروسيا

بقلم: محمد الرميحي

يتصاعد رأي بين المتحاورين العرب لا يخلو من التحيز حول الموقف من الولايات المتحدة، في معظمه ينادي بخصومتها، وأن الولايات المتحدة هي في مرحلة (الشيخوخة السياسية)، لكن رأيي ما زال هو أنك تستطيع أن تختلف مع الولايات المتحدة، ولكن لا يتوجب أن تعاديها، فالمشهد العالمي ما زال في معظمه يرسم في واشنطن.

الحديث عن التوجه نحو الصين وروسيا كبديل لتكوين محور وازن مبالغ به، (فالثنائية القطبية) ما زالت بعيدة، وهذا لا يعني أخذ موقف سلبي منهما. الاقتصاد الأميركي هو السائد في العالم، فالناتج المحلي الإجمالي الأميركي هو ربع الناتج العالمي منذ أكثر من ثلاثين عاماً حتى اليوم، الشركات الأميركية تملك خُمس الماركات الكبرى العالمية المسجلة في الخارج أكثر مما تملكه الصين وألمانيا مجتمعتين، وأكبر خمس شركات عالمية للبحث والتطوير هي أميركية، وقد استفاد من أبحاثها ملايين من البشر، يكفي الإشارة إلى أن أنجح اللقاحات التي كانت فعالة ضد «كوفيد - 19» منذ سنتين كانت أميركية، وتتمتع أميركا بسوق استهلاكية ضخمة تسمح لأي أفكار اقتصادية جديدة بأن تنمو، كما تتمتع بالكثير من الشفافية في الأداءين الاقتصادي والسياسي، ووجود حريات للنقد والمساءلة والاعتراض، وتبقى الولايات المتحدة متفوقة على غيرها، خصوصاً الصين وروسيا وهما المنافس الأكبر.

وعلى الرغم من الدعوات التي تظهر في أوروبا بوجوب استقلالها عن أميركا، فذلك قول أكثر منه قدرة، وحديث السيد إيمانويل ماكرون الذي ذاع أخيراً هو من باب الحصول على مكان تفاوضي أفضل، منه قدرة على أن تكون أوروبا معتمدة على نفسها في الدفاع، وقد أظهرت أزمة أوكرانيا أهمية الموقف الأميركي، ولولاها لما صمدت كييف إلى يومنا هذا، لقد ساعدت التقنية الأميركية الأوكرانيين من خلال الذكاء الصناعي بوضع كل معلومات الدولة الأوكرانية (سحابياً) ما مكنها من استمرار التواصل من دون معوقات.

وعلى الجانب الآخر، فإن المعسكر الصيني الروسي ليس موحداً كما يحب البعض أن يعتقد، فالصين تعرف أن ازدهار اقتصادها وبقاءه فوق خط الخطر، هو بسبب تجارتها الدولية وليس بسبب استهلاكها الداخلي، لذلك سوف تبقى لعقود تحتاج إلى السوق العالمية ومنها طبعاً السوق الأميركية والأوروبية، وبذلك فإن اعتمادها أساساً على الدبلوماسية النشيطة والتثبت بمبادئ الأمم المتحدة على المستوى الدولي، يخدمان أهدافها أكثر من أي وسيلة أخرى، أما روسيا فقد ثبت أن اتخاذ القرار فيها على الأقل (غير حصيف) إن لم يكن (مغامراً)، فقد قدم للسلطات الروسية الكثير من الإغراءات قبل يناير (كانون الثاني) 2022 (جرت العملية الحربية في أوكرانيا آخر فبراير (شباط) من أجل حلول وسطى في موضوع أوكرانيا، وقد تغاضت الدول الأوروبية عن احتلال شبه جزيرة القرم، وجزء من أراضي جورجيا وبعض المناوشات في الأرض الأوكرانية نفسها، في محاولة لإرضاء موسكو، إلا أن الأخيرة حسبتها بشكل خاطئ، وعلى سند من الآيديولوجيا لم تعد ذات معنى في الظروف الدولية السائدة، فتورطت روسيا في حرب لا تستطيع أن تخرج منها منتصرة، وبقي الجيش الروسي حبيس دائرة من العنف من دون تقدم أو حسم على الأرض، واعتمدت الحرب في جزء منها على متطوعين لا يحملون أي عقيدة قتالية، فارتكبت الكثير من المذابح، كما أثارت الحرب الكثير من المعارضة الظاهرة والخفية في الأرض الروسية، حيث صوت الناس بأقدامهم في هجرة جماعية اتسمت بالفرار، غير استنزاف هائل للموارد المالية، وتصاعدت عمليات كبت الحريات. بجانب أن ما أرادت موسكو الحد من توسُعه نتيجة تلك الحرب، حدث عكسه، فتوسعت دائرة حلف الأطلسي حول حدود روسيا بدخول كل من فلندا والسويد في ذلك الحلف!

وعلى الرغم من معاناة أوروبا من الحرب الأوكرانية، فإنها بمساعدة أميركية استطاعت أن تعبر تلك المعاناة، وقد عبرت الشتاء الماضي بأقل الأضرار، كما قربت من الاستقلال الطاقوي من روسيا.

الحديث عن تحويل التداول الدولي من الدولار إلى عملات أخرى غير واقعي، فالدولار سوف يبقى هو العملة الدولية الأقوى بسبب قوة الاقتصاد الأميركي، الذي يتمتع بديناميات متسارعة؛ فبدء أي مشروع اقتصادي في الولايات المتحدة هو الأسهل والأسرع، ومرونة سوق العمل هي الأكثر في السوق الأميركية أي (التوظيف والاستغناء) في الوقت الذي تعاني فيه أسواق العمل الأوروبية من كثافة حماية اليد العاملة (الأزمة التي فجرها قانون إضافة سنين للتقاعد في فرنسا) شلت تقريباً الاقتصاد الفرنسي، كما هي الإضرابات في بريطانيا!

هذا لا يمنع من القول: إن السياسة في الولايات المتحدة في مخاض، ومع احتمال صراع بين الجمهوريين، ربما بقيادة دونالد ترمب والديمقراطيين بقيادة جو بايدن في الانتخابات التي سوف تجري في خريف 2024، الثلاثاء 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، فالمرشحان يحملان عيوباً معروفة للناخب الأميركي، بايدن كبير في السن وربما أيضاً مصاب ببعض الأمراض غير المعلنة، وأما ترمب فهو يشكل أزمة في غلوه باتجاه اليمين والشعبوية التي قد لا تكون مناسبة لقيادة دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، إلا أن الاستدراك هنا له أهميته، حيث تتمتع أميركا بعدد من المزايا منها صحافة حرة أو أقرب إلى الحرية، وأحزاب متنافسة، وقضاء مستقل، ومجتمع مدني حيوي، وانتخابات دورية ومؤسسات منتخبة تنافسية، وهي أعمدة مهمة لضبط الخيارات السياسية، إلا أن ذلك لا يعني أن الممارسة لا تعاني من أمراض، كان على رأسها محاولة اجتياح كئيبة أمام العالم لقلعة الديمقراطية الأميركية (مبنى الكونغرس) من قِبل عدد من أنصار ترمب في 6 يناير 2021، والتي سوف تبقى في الذاكرة الديمقراطية الأميركية كنقطة سوداء، إضافة إلى عدم قيام ترمب بالتسليم والتسلم للسلطة في ظاهرة عالم ثالثية من ازدراء التبادل السلمي للسلطة.

إلا أن الأهم من كل ذلك الشعار الذي يرفعه الديمقراطيون (الاستثمار في الديمقراطية) على النطاق العالمي، وهي عقيدة ثابتة لدى الديمقراطيين وحتى الجمهوريين، كان قد كتب عنها جو بايدن عشية انتخابات 2020 في مجلة «الفورن أفيرز» على أنها من أولوياته، وقد نُظم لقاءان (عن بُعد) للدول ذات الانتخابات الدورية خلال السنتين الماضيتين.

الفرق أن هناك سهولة نسبية في المعسكر الأميركي بخصوص القدرة على إعادة الهيكلة (السياسية والاقتصادية) بسبب الحريات، في حين تُفتقد تلك المرونة في الأنظمة الأخرى!

آخر الكلام: في فضائنا من يلوم أميركا على كل شيء، حتى على عصبية زوجته في البيت!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين أميركا والصين وروسيا بين أميركا والصين وروسيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon