توقيت القاهرة المحلي 09:08:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا ننتظر من المفاوضات؟

  مصر اليوم -

ماذا ننتظر من المفاوضات

بقلم : محمد الرميحي

تُجرى على قدم وساق جولات من المفاوضات بين "حماس" (بطريقة غير مباشرة) وإسرائيل والوسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية. واضح أن أطراف التوسط ضد استمرار الحرب، كما هي الشعوب والحكومات في المنطقة التي تشاهد هذه البشاعة في القتل والتدمير، إذ شهدت هذه المنطقة المنكوبة أكثر من نصيبها من الحروب والقمع، وحتى فقدت تقريباً أملها في الحياة، وقد آن الأوان لأن تتنفس بعيداً عن الحرب، إلا أن السلام أيضاً أمامه عقبات أكبر. ويفضل السياسيون في الطرفين المحاربين الحرب على السلام، لأن السلام يحتاج إلى شجاعة، وبخاصة في فضائنا الثقافي، أعظم من شجاعة الحرب.

لعل من المهم التذكير بأن عدداً من الشخصيات السياسية الكبيرة في هذه المنطقة فقدت حياتها بسبب مراهنتها على السلام، منها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، والرئيس الأسبق للجمهورية العربية المصرية محمد أنور السادات، وهما ليسا الوحيدين، بل إن عدداً من الزعماء، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فقدوا حياتهم بسبب التفكير في السلام، والقائمة طويلة، من رئيس سابق للوزراء في الأردن هو وصفي التل، إلى رئيس وزراء سابق في لبنان هو رياض الصلح وغيرهما. شخصيات فقدت حياتها في هذا الصراع الكبير في الشرق الأوسط على مدى أكثر من ثلاثة أرباع القرن.

السبب أن كلا الجانبين، الإسرائيلي وخلفه العديد من المناصرين، يرى أن أطروحاته كلها على حق، والطرف الفلسطيني ومن ورائه الدول والشعوب العربية يرى أيضاً أن أطروحاته على حق، وكلما تقدم فريق إلى الوسط من الجانبين، انهالت عليه من المتشددين اللعنات والتخوين وإطلاق الرصاص، ولنا موضوعياً مثال واضح في ما يلقاه السيد محمود عباس من معارضة تخرج حتى عن اللياقات، على ما يطرحه من أفكار سياسية، ومن داخل صفوفه حتى، ويتهم بأشنع التهم تخويفاً سياسياً ودليلاً على الحدة التي ينظر كثيرون إلى القضية من خلالها، وهذه الحدة ظهرت من الجانب الإسرائيلي في التعامل الفظ وغير الإنساني والذي فاق الحدود في الحرب على غزة، إلى درجة تصنيفه من مؤسسات عالمية قانونية جرائم ضد الإنسانية.

أفضل ما يمكن أن يتم نتيجة المفاوضات الحالية هو هدنة، قد تكون قصيرة أو طويلة، تجمد الصراع إلى حين ولكن لا تنهيه.

ما يمكن أن يكون جسراً لإنهائه هو تغيير أساسي في استراتيجية كل من اليمين الإسرائيلي، وإن صح التعبير اليمين الفلسطيني، كلاهما يتغذى سياسياً على تعظيم المخاوف من الآخر، متى ما خُفضت تلك الشعارات وأصبح الجميع قريبين من حل الدولتين في كلا الطرفين المتصارعين، أصبح الطريق إلى سلام دائم في المنطقة هو الأقرب. حل الدولتين هو المتوافق عليه دولياً وأصبح متداولاً ومقبولاً.

هل هذا ممكن أن يحدث في المشهد الصراعي القائم؟ بالتمني قد تكون الإجابة بنعم لأسباب عديدة، منها ما كابدته إسرائيل من خسائر، وبخاصة في الأرواح وفي السمعة الدولية، مع التسليم بأن الخسارة الاقتصادية يمكن أن يعوضها الحليف الكبير الولايات المتحدة، لذلك فإن الاحتمال المتوقع بعد صمت المدافع أن يحدث تغيير نوعي في هيكلية السلطة السياسية في إسرائيل، وتظهر مجاميع سياسية تدعو إلى أن "ما حدث كفاية وعلينا أن نبحث عن مسار آخر"، ذلك احتمال، ولكن ليس قطعياً، فسيظل بعضهم في إسرائيل يستثمر في المخاوف من الآخر وتعظيمها. أما الآخر الفلسطيني فربما تظهر لديه دعوات تقول إن "ما حدث كفاية لقد أثبتنا لإسرائيل إصرارنا على دفع أثمان باهظة كي نرسل لها رسالة بأننا نستحق العيش في حرية، وفي دولة مستقلة"، ذلك يتطلب أيضاً تغييراً في الاستراتيجية بالتخلي عن الفكرة الطوباوية "من النهر إلى البحر" وخفض المزايدة على الأجنحة الفلسطينية الأخرى، مع السعي الجدي للوحدة الوطنية والتعامل مع الواقع وليس الجري وراء أفكار ما ورائية كما يصدرها الفكر الخرافي.

هل السيناريو السابق ممكن التحقيق أم هو تمرين عقلي فقط؟ قد يكون الأخير، ولكنه هو الطريق ربما الأوحد نحو سلام في ظل الظروف الحالية، لا ينقذ الفلسطينيين من التهميش فقط، ولكنه في الوقت نفسه ينقذ الشعوب، وبخاصة العربية، من المأزق التنموي الذي تجد نفسها فيه، إذ دفعت الكثير من مستقبلها وحرياتها عندما اختطفت تحت غطاء تحرير فلسطين إلى الثورية الزاعقة التي أهلكت الحرث والنسل وما زالت!

نقلاً عن "النهار"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا ننتظر من المفاوضات ماذا ننتظر من المفاوضات



GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل إمام و«بهلوان» يوسف إدريس

GMT 08:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تسعى إيران حقًّا إلى السلاح النووي؟

GMT 08:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

بقلم : أمينة خيرى

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon