توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين الدروشة والسياسة!​

  مصر اليوم -

بين الدروشة والسياسة​

بقلم : محمد الرميحي

حتى قبل أن تهبط طائرة بنيامين نتنياهو في نيويورك الأسبوع الماضي، صرح بأنه لم يوافق على وقف اطلاق النار، خلافا لما قالته الإدارة الأميركية من أنها حصلت على موافقته، وبعد خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ترك نيويورك على عجل عائدا الى إسرائيل، تحت انطباع بأن قيادة "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت قد صفيت!

موقف نتنياهو ليس خارج السياق، فقد كان ذلك موقفه في غزة، وتحديدا في اجتياح رفح الملاذ الأخير لـ"حماس" قبل أشهر.

صورة المعركة الأوسع أنها بنيت على عدد من الافتراضات غير الواقعية، منها:

- أن المعركة التي بدأت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي سوف تنتج القبض على عدد من الرهائن تضطر إسرائيل للتفاوض عليهم!

-في حال توسع الحرب فإن وحدة الساحات سوف تتضافر من أجل فتح جبهة واسعة ضد إسرائيل، سواء في لبنان أم في العراق، بل وحتى من اليمن وإيران!

- أن إسرائيل يمكن أن تتصارع في الداخل، وبالتالي تُصدر الأزمة إلى الداخل الإسرائيلي الذي سوف يضغط رأيه العام على الحكومة اليمينية، وربما تخسر الحكم أو تتراجع!

- في هذا الجو نشطت أصوات تبشر بعناوين: نهاية إسرائيل، وتفكك إسرائيل من الداخل، وهزيمة إسرائيل في غزة، والرأي العام العالمي ضد توحش إسرائيل، وصدق الجمهور تلك الأصوات من باب التعاطف المشوب بالتمنيات.

لكن على أرض الواقع الأمر مختلف:

- في البداية أنكرت قوى وحدة الساحات معرفتها بما قامت به "حماس" في 7 تشرين الأول، و بعد ذلك تحولت وحدة الساحات شيئا فشيئا الى "جبهة مساندة" تحت سقف ما عرف بقواعد الاشتباك، وبخاصة من الجنوب اللبناني.

-على الطرف الإسرائيلي، اتخذ قرار التضحية بعدد من الرهائن، بدلا من التضحية بأمن المجموع، فلم تعد ورقة الرهائن ذات أهمية قصوى، حتى مع الضغط الشعبي من اهاليهم الذين استمروا في التظاهر في شوارع تل ابيب. قدم للملف الكثير من الكلام، ولكن لم يقدم له ما افترضت "حماس" (من تجارب سابقة) انه سوف يحصل، أي وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى والعودة الى المربع الأول.

- اتضح من سير الأحداث في الأشهر الأولى أن إسرائيل، حكومة ومعارضة، ليست في ذلك الاتجاه، حتى الرأي العالمي لم تلتفت اليه، بل جيشت إعلامها الدولي للحديث عن محرقة الهولوكوست وعن كراهية السامية من أجل تخويف السياسيين الغربيين وحكوماتهم، عدا عن أن هناك رأياً عاماً صلباً هو الصهيونية -المسيحية في الولايات المتحدة وهي تناصر إسرائيل من منظور ديني!

- إلى جانب اشتباك قصير بين إيران و إسرائيل في نيسان (أبريل) الماضي، كان متفقاً على مساره، أخذت السياسة الإيرانية موقف الحرب بالنيابة: صواريخ من الحوثي وأخرى من "حزب الله" وقليل من العراق، باعتبار أن المعركة عربية وليست إيرانية، وبعد التصويت لرئاسة الجمهورية في حزيران (يونيو) الماضي ووصول الإصلاحي مسعود بزشكيان وطاقمه الذي تصدره وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، ظهر أن مسار السياسة المقبلة لإيران هو مصلحة إيران أولاً ولا غير ذلك، وتيقنت إسرائيل من أن ذلك هو ما تمخضت عنه السياسة الإيرانية الجديدة، فلا بأس من مقتل إسماعيل هنية وهو ضيف لديهم!

- من الواضح أن ما يهم إسرائيل هو تأييد الحكومات في الدول الكبرى، الغربية والشرقية، وهو ما تحقق على الأرض، وأيضاً سيل التبرع بالسلاح والمال من الولايات المتحدة التي تخوض غمار انتخابات مفصلية، الصوت المناصر أو المتعاطف مع إسرائيل هو المرجح فيها.

- وما أن انخفضت حدة الصراع في غزة وأصبحت إسرائيل ذات اليد العليا هناك حتى تحولت الى "حزب الله". ذلك كان متوقعاً، ونتيجة الكثير من سياساته التي أساسها تصحير الفضاء السياسي اللبناني من خلال قتل زعماء ونشطاء، فخسر جسماً وازناً من اللبنانيين والعرب، وزادت من العزلة التصفيات على الأرض السورية والتشبيح على المجموعات اللبنانية، وتعطيل كامل للدولة. كل تلك العناصر سهلت لعيون كثيرة قريبة ومطلعة تمرير إحداثيات مواقع لقيادات استهدفتها إسرائيل.

- كان الأمر عبارة عن وقت لا أكثر لتلتفت إسرائيل الى "حزب الله" في لبنان، لم يكن السؤال كيف، ولكن متى؟

- بنيت الحرب الأخيرة على افتراضات سابقة تغيرت ظروفها، ولم يكن بالمقدور في الصف المناوئ لإسرائيل قراءة أو فهم المتغيرات العميقة في الساحة الدولية، وقياس مصالح الدول الإقليمية، كما استخف كثير من القوى "المقاومة" بأهمية الجبهة الداخلية، وهي جبهة فيها كما هو واضح على السطح خلافات علنية بين الفلسطينيين في ما بينهم، وكذلك بين اللبنانيين والعراقيين واليمنيين في ما بينهم، في الوقت الذي يراقب العالم جبهة متماسكة في الداخل الإسرائيلي ولديها مرجعيات تملك آليات تضبط الاختلاف.

- تلك قراءة لما يحدث حولنا، هدفها البعد عن دغدغة المشاعر وعرض الصورة بظلالها القاتمة، مؤداها أن الاستهانة بالجبهة الداخلية والعمل على تفكيكها وغياب المشورة والرأي الآخر والاستهانة اللفظية بالعدو، كل ذلك يسهل للآخر، صديقاً أو عدواً، أن يوغل في نحر المجتمع ويحقق مصالحه، وهو في حالة من غطاء كثيف لشعارات براقة!

نقلا عن النهار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الدروشة والسياسة​ بين الدروشة والسياسة​



GMT 19:18 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أمريكا والشرع.. ‎تناقض أم مصالح؟!

GMT 19:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

صلاح رقم 11 ومرموش 59!

GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon