توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

  مصر اليوم -

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

بقلم : محمد الرميحي

في وسط النيران المشتعلة في كل من غزة ولبنان يجري سريعاً نقاش في عواصم الغرب لافت للنظر. في لندن نرى تحركاً من جانبين؛ الأول قضائي، والثاني سياسي. القضائي أن تقوم محكمة بريطانية بإصدار حكم لافت هو «أن نقد أعمال إسرائيل ليس من ضمن ما يعرف بعداء السامية»، ومضمون هذا الحكم أن النقد لأعمال دولة إسرائيل هو من المباح؛ لأنه يقع في السياسة، وليس في مكان التجريم، والثاني توجّه مجلس العموم البريطاني والحكومة البريطانية بإصدار فرض عقوبات على اثنين من أعضاء الحكومة الإسرائيلية بسبب موقفهما المتطرف، إذا أضفنا المهلة الأميركية في مدة شهر، بأن تسهل إسرائيل دخول المواد الإغاثية والإنسانية لشمال قطاع غزة، وإلا فسوف تتخذ إجراءات ضدها، وكذلك قيام عدد من عواصم أوروبا بالتشهير بسياسة إسرائيل في غزة التي تنفذ تحت شعار «استسلم أو مت جوعاً»، فسوف تتضح الصورة لاتجاه المزاج الأوروبي نحو الضيق بما تفعله إسرائيل، مع ذكر العبارة الكلاسيكية أن من حقها «الدفاع عن نفسها»!

أما إذا سمعنا الاحتجاج الواسع في الغرب حول استنكار استهداف المراقبين الدوليين في الخط الأزرق الفاصل بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، فإن معالم الصورة تتضح.

العالم لا يريد الحرب، وظاهرة العنف تنحسر في هذا القرن، عدا منطقتين: الأولى هي أوكرانيا، والثانية في الشرق الأوسط، زيادة على ذلك فإن أوروبا القريبة تخشى من تدفق المهاجرين من مناطق النزاع عبر البحر إلى شواطئها، وهو شعور يثير الرأي العام في مجتمعاتها.

هذه المواقف يمكن الاستفادة منها في إجراء نقاش حقيقي يقود إلى هدف أكثر وضوحاً، وهو حل الدولتين.

ما نواجهه أن من يحارب ليس الدولة بل ميليشيات، كلها من دون استثناء مصنفة في دول الغرب بأنها (إرهابية)، وبالتالي لا تستطيع أن تستفيد سياسياً من التغيرات النسبية الحاصلة في البيئة السياسية المواتية في دول القرار الغربية.

تلك الميليشيات لم تقتنع أن من يفاوض هو الدولة، هي قدمت الكثير من التضحيات، تلك حقيقة، وعانى المجتمع الغزاوي الهوائل ولا يزال، من دون الحاجة إلى تكرار ما نراه يومياً، كما أن المجتمع اللبناني بدأ يدفع ثمناً باهظاً في هذه الحرب، إلا أن تلك الميليشيات لم تصل إلى قناعة أن الدولة هي التي يجب أن تفاوض، وكل حرب مهما طالت يتبعها تفاوض ما.

تضع الميليشيات الجسم العربي الواسع والمتعاطف بشدة مع قضيتها أمام خيارين لا ثالث لهما؛ هما إما أن تكون مع المقاومة وإما ضدها (والأخير قد تكال لك الشتائم). هذه هي الثنائية الزائفة، وهناك خيار ثالث وهو الأهم هو (القوة الفلسطينية) المعترف بها عالمياً، وهي «منظمة التحرير»، والدولة اللبنانية أيضاً المعترف بها من العالم. فقط هاتان السلطتان هما القادرتان في ضوء المتغيرات الدولية على أن تصلا إلى نتائج مُرضية إن قامتا بالتفاوض.

في لبنان الدولة غائبة، والحديث عن وقف إطلاق النار لن يحصل ولن يفيد حتى وإن حصل، قبل أن تقوم الدولة بترميم مؤسساتها، والتي اهترأت من التدخل المرضي لـ«حزب الله» في كل مفاصلها، كما أن غزة لن يتوقف القتل فيها وهو على سوية الإبادة، قبل أن يتكون رأي لدى قيادة «حماس» أن من الأفضل الاتفاق مع «منظمة التحرير» لقيادة العمل السياسي، هناك حديث خافت على الاتفاق حول لجنة موسعة لإدارة غزة بعد وقف الحرب، ولكنه حديث فقط، قد لا يصل إلى نهاياته قبل أن تتصحر غزة كلياً كما يحدث أمام العالم.

في الجانب الآخر، هناك امتناع في العواصم، ليست الغربية فقط، ولكن العواصم القادرة على التأثير في القرار الإسرائيلي مهما ضغطت، والأخيرة تنتهك كل الخطوط الحمر؛ من الحصار والإبادة، إلى استهداف قوات الأمم المتحدة، إلى استخدام الذخائر المحرمة، يعضدها رأي عام داخلي يشعر بالخوف بل بالرعب مما يسميه (الهولوكوست) الجديد، مع أن الخسائر العربية في الجانبين الفلسطيني واللبناني هائلة.

تلك المعادلة الصفرية لن تحل إلا من خلال قناعة أن الميليشيات قد قامت بدورها حتى لو كان ذلك الدور مختلفاً عليه، وأن ما راهنت عليه من توسيع الحرب ضد عدوها بدخول دولة إقليمية، ثبت أنه عند مسّ مصالحها، تسقط المبادئ على الأرض، فلا ملاذ إلا الأهل، فهل هناك من يضع مصالح الأغلبية على مصالح الأقلية؟ ذاك سؤال يحتاج إلى إجابة شجاعة، كمثل شجاعة حمل البندقية.

آخر الكلام: الشجاعة ليست في إطلاق النار، الشجاعة أن تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon