توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

بقلم : محمد الرميحي

حتى لو افترضنا أن وقف إطلاق النار تم الاتفاق عليه في الغد القريب، وبدأ نوع من المباحثات الدبلوماسية بين الأفرقاء، فلن يستقر الشرق الأوسط، من دون أن يأخذ الفلسطينيون حقوقهم في دولة. الوصول إلى تهدئة في المنطقة من دون ذلك الهدف هو تكاذب على النفس، كل ما شهدناه من حروب وشرور منذ قرن تقريباً سببه «القضية» بشكل مباشر أو غير مباشر.

وما دام الفلسطينيون مختلفين فيما بينهم في الأهداف والوسائل، فسيظل أمر ظهور دولة لهم بعيد المنال، تلك هي المعادلة الصعبة.

ما هو في فلسطين ليس احتلالاً بالمعنى المتعارف عليه في العالم، هو ليس احتلال بريطانيا للهند مثلاً، ولا حتى فرنسا للجزائر، ولا أميركا لليابان (فقط أمثلة) ما هو موجود في فلسطين هو «استيطان» وليس له مثيل إلا في جنوب أفريقيا، أما الاستيطانات الأخرى، كما في أستراليا أو حتى أميركا الشمالية، فقد تضاءل السكان المحليون فيها حتى التلاشي.

الاحتلال الاستيطاني يؤدي إلى المشارَكة في أحسن الأحوال، أو إلى الاضمحلال، والمشارَكة تحتاج إلى وعي سياسي بعيداً عن الشعبوية، وديناميكيات سياسية مختلفة عن نضال التخلص من الاستعمار، لم يقم نيلسون مانديلا بإجلاء البيض من جنوب أفريقيا، كما طالب كثيرٌ من مناصريه، بل تغلب على الشعبوية من خلال الإقرار بالمشارَكة، مع أن لديه أغلبية.

المجموعات الفلسطينية بعضها قابل للمشاركة، ولكن تلك المجموعات تجد أنها غير شعبوية، وأخرى لا تقبل مزايدة، إلا بتحرير «كل التراب الفلسطيني»!.

اختلاف الفلسطينيين أو بالأحرى المجموعات المُنظَّمة، هو رحمة لعدوهم، والثابت أن إسرائيل، خصوصاً اليمين الإسرائيلي قد استفاد من ذلك الاختلاف، بل في بعض الأوقات مدَّه بالمال والتسهيلات.

من جهة أخرى، هناك طائفة إسرائيلية سياسية لا تريد أن ترى دولة فلسطينية، ويطلق عليها عادة «اليمين الإسرائيلي»، وهناك طائفة فلسطينية تريد التحرير من «النهر إلى البحر» ويتخادم الطرفان لاستمرار الصراع، وإدخال المنطقة كلها بقواها التي تريد أن تستفيد من الموقف أو القوى التي تريد التنمية، في خضم صراع مهلك.

هناك البعض في إسرائيل يرى أن وجود دولة فلسطينية هو الأفضل للسلام الإسرائيلي الداخلي، ولكن المزايدة، الإسرائيلية والفلسطينية، تتكاتف من أجل خفض تلك الأصوات، من خلال التلويح بالإبادة والإجلاء، أو استخدام العنف.

ما أوقف مشروع أوسلو هو التعاون غير المباشر بين اليمين الإسرائيلي من خلال المزايدة وقتل عراب أوسلو إسحق رابين، واليمين الفلسطيني، الذي قام بحملة من الأعمال المضادة، غذَّت توجه اليمين، وهكذا لعبت المزايدة دوراً في تقويض أول مسار معقول للوصول إلى تسوية.

ما سوف يتم بعد وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، أخذاً بالهياكل القانونية المتبعة في الدولة الإسرائيلية، وأيضاً بالخسائر الإسرائيلية غير المسبوقة، أن مساءلة عميقة سوف تأخذ مجراها من شريحة واسعة من الإسرائيليين، التي ترى في المتشددين أنهم أخذوا إسرائيل إلى حافة الخطر الداخلي والخارجي، وقد يتمخض عن تلك المساءلة تيار يرغب في التسوية.

اللافت أن أكثر المتشددين في الحكومة الإسرائيلية القائمة هما بن غفير، وسموتريتش، الداعيان إلى إبادة الآخر كالذي حصل مع الهنود الحمر، وهما من خلفيات عرقية تفسر ذلك التشدد، الأول من خلفية عراقية، والثاني من خلفية أوكرانية، يشعران بأنهما من الأقلية، وأفضل طريق للشعبوية الذهاب إلى المزايدة، التي يمكن أن تظهرهما بمظهر الوطنية المغرقة في التطرف، وهذا لا يعني أن هناك آخرين غير متطرفين، ولكن يعني أن المزايدة هي سلاح التكسب السياسي.

من المحتمل بعد الخسائر التي منيت بها إسرائيل خلال العام الماضي، أن تَبْرُزَ مجموعة سياسية تسعى إلى الحلول الوسط، ولكن هذا الاحتمال يتطلب أن تلاقيه مجموعةٌ سياسيةٌ فلسطينيةٌ وازنةٌ بعيدة عن المزايدة، ومصاحَبة بإصلاح ديمقراطي مستحق في السلطة، وهما خطوتان سابقتان لأي أفق في الحل السياسي، وقتها يمكن للدول العربية والصديقة أن تعمل على إكمال مشروع الدولة بالطرق الدبلوماسية على خطى ما قدمته المملكة العربية السعودية في مشروع التحالف الدولي من أجل الدولة الفلسطينية، الذي يحظى بقبول واسع دولياً.

تلك خطوط عريضة لما يمكن أن يتوقع حدوثه، مشروط في المستقبل بخفض حقيقي من الشعبوية - التي لازمت القضية في كل مراحلها - والاعتمادِ على أوهام أسطورية تسلطت على بعض العقول من دون قراءة أو معرفة أو دراية بديناميكيات العمل الدولي فيما بعد الحرب العالمية الثانية.

آخر الكلام: كما أن الحرب القائمة تشكِّل أزمة، فإنها في الوقت نفسه تشكل فرصة يتوجب التفكير في الاستفادة منها بجدية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon