توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة الخيارات الصعبة!

  مصر اليوم -

قمة الخيارات الصعبة

بقلم: محمد الرميحي

إلا إذا حصل شيء كبير ومختلف وجذري يخطف العناوين، فإن أهم عنوان في الأسابيع القادمة هو القمة العربية - الأميركية المزمع عقدها في المملكة العربية السعودية. الدولة المضيفة أكملت أوراقها بجهد قام به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أولاً بالمشاورات الخليجية، وثانياً بالطواف على عواصم الإقليم، القاهرة وعمان وأنقرة، من أجل ترتيب المواقف.
الملفان الصعبان في هذه القمة، من دون تجاهل بقية الملفات الأخرى، الأول هو (الموضوع الفلسطيني)، والثاني هو (الموضوع الإيراني) على ما بينهما من اتصال وشبه انفصال.
في الملف الأول الرئيس الأميركي جو بايدن سوف يجتمع بالمسؤولين الإسرائيليين، والمسؤولين الفلسطينيين، والانشقاق واضح في الجبهتين، فلا الإسرائيلي اليوم يستطيع أن يتخذ قراراً (مصيرياً) فيما يتوجب عمله مع الفلسطيني الجار، ولا الفلسطيني قادر على أن يتحدث (بصوت) واحد عما يريد أن يحقق بالضبط، في ظل الظروف الحالية. الاثنان يخضعان لضغوط الأكثر بروزاً فيها هي (المزايدة) السياسية من أجل إرضاء شكلي لرأي عام في الشارع السياسي قد لا يكون في أغلبه (رشيداً).
تربط الملف الثاني بالملف الأول حبال أيضاً من (المزايدة)، فقد اكتشف النظام القائم في طهران أهمية استخدام الملف الفلسطيني دعائياً وبكل الطرق، حتى يكسب من جديد (رأياً عاماً عربياً) يساعده في هيمنته على عقول شريحة من العرب، بأن الثورة الإيرانية (تدافع عن قضيتهم المركزية!). طبعاً قول كهذا ينطلي على الحمقى، من مظهر ذلك على الأرض هو تغول «حزب الله» على لبنان الذي يزخر بالكفاءات، كلها غيبت تحت ذلك التغول. ومن مظهره أيضاً قرار المجلس المنتخب العراقي الذي لم يتوافق لا على رئيس للدولة ولا على حكومة، ولكن توافق بسرعة وبالإجماع (على تحريم الاعتراف بإسرائيل)، خضوعاً للرغبة الإيرانية.
من هذين المثالين وأمثلة أخرى نشهد كيف يرتبط الملفان الفلسطيني والإيراني مع بعضهما بحبل غير سري.
على الجانب الآخر، فإن من يعتقد أن شهية إيران للتمدد هي شهية (طائفية) ظهرت على السطح بعد الثورة الإيرانية عام 1979 عليه إعادة النظر؛ هي شهية قومية قديمة ومستمرة، غلفت في العقود الأربعة الأخيرة بغلاف مذهبي، والشواهد على التمدد ورغبة الهيمنة على الجوار كثيرة منذ على الأقل بداية القرن العشرين.
بالاطلاع على كتابات القوميين الإيرانيين اليوم، وكثير منهم يكتب بالإنجليزية ويعيش في الولايات المتحدة والغرب، ورغم خلافهم بل معارضتهم لفكرة (ولاية الفقيه) في الحكم، فإنهم منسجمون مع سياسة التوسع في الجوار بل ومرحبون بها وداعون إليها، على أساس أن إيران تحت حكم الشاه اعترف لها الأميركان بأنها شرطي الخليج، وكان ذلك من خلال ما عرف وقتها بـ(مبدأ نيكسون)، كما أن إيران في فترة الشاه الأب رضا بهلوي أخذت قضية البحرين إلى عصبة الأمم المتحدة عام 1927 طبعاً للحصول على قرار وقتها. ومن الأمثلة التي يستحضرها التيار القومي للتدليل على التدخل الإيراني، منها تدخل إيران الشاه محمد رضا بهلوي في عُمان وسط الستينات من القرن الماضي. أما التوجه العام للضغط على الجوار، فيظهر في اتفاقية الجزائر التي أجبرت في نظر القوميين نظام البعث العراقي وقتها عام 1975 على الانحناء للمطالب الإيرانية في التنازل عن جزء كبير من شط العرب، لأنها كانت تضغط في الشمال العراقي مناصرة للحركة الكردية، بل تدعي هذه المدرسة أن شقاً كبيراً من الحركة الكردية السياسية إيراني الهوى!
في الملف الأخطر وهو الأسلحة النووية فإن المدرسة القومية تؤكد أن الملف قديم وقد ساعدت الولايات المتحدة نظام الشاه وشجعته على الذهاب إلى ذلك الاتجاه تحت برنامج (النووي للسلام)، بل يذهب سيد حسين موسويان (كاتب قومي يعيش في أميركا) في دراسة نشرت له في (أوراق القاهرة للشؤون الدولية) في 7 يونيو (حزيران) الفائت (بالإنجليزية)، إلى أن المخابرات الأميركية رفعت للرئيس جيرالد فورد (رئيس الوليات المتحدة بين عام 1974 و1977)، تقريراً يقول إن شاه إيران يمكن أن يملك قنبلة نووية بحلول عام 1984!
كل هذه الكتابات للتدليل على أن (فكرة التوسع الإيراني في الجوار) والحصول على سلاح نووي، هي فكرة جامعة في الهوية القومية الإيرانية، فقط تختلف التكتيكات المتبعة.
لذلك فإن حضور الولايات المتحدة للقمة في المملكة العربية السعودية التي تحمل ملفات ثقيلة قديمة وجديدة أيضاً، إقليمية ودولية، تتوجب وضع استراتيجية عابرة للإدارات وواضحة الأهداف.
ليس من المنطق التوقف عند الماضي، هو فقط يعطينا الدروس لأن السياسات متغيرة. أخطاء الماضي أصبحت خلفنا، ويبدو على بعض دروسها السذاجة المطلقة، كقول الرئيس جيمي كارتر في زيارته لإيران في يناير (كانون الثاني) 1978: «نشرب نخب واحة الاستقرار في الشرق الأوسط» والتي أصبحت في خلال أقل من عام مصدر الاضطراب الدائم في الشرق الأوسط، وهذا دليل على (سذاجة) التفكير السياسي الأميركي في بعض مواقفه، الذي يرجى ألا يتكرر!!
بجانب هذين الملفين الثقيلين هناك موضوع الطاقة المُلح الذي تُسمع أصداؤه في النسيج الاقتصادي والسياسي للدول الأوروبية، وينذر بمخاطر ليس أقلها العصيان الاجتماعي، وتبدل توجهات الناخبين في الدول الأوروبية كما حصل بالفعل في كل من فرنسا وبريطانيا مؤخراً، ويمكن أن يحدث في الولايات المتحدة في انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. الموضوع ملح للجانب الغربي، ويملك الجانب العربي مفتاح باب التسهيل.
هذا عدا ملفين آخرين مهمين هما العلاقات المستقبلية بروسيا وأيضاً بالصين، اللذين يشكلان هاجساً سياسياً واقتصادياً ثقيلاً على السياسيات الغربية.
نحن أمام قمة استثنائية في وقت وعت فيه الشعوب الكثير من التحديات، لذلك فإن أي إعلان من هذه القمة يتوسل الكلام الدبلوماسي العام لن يقنع كثيرين، ولا يزال الإعلام الأميركي، بسبب التنافس الداخلي الشرس، غاطساً في الشخصانية، وانتقائياً للأحداث، ومغيباً للمخاطر الكبرى. المرحلة تحتاج ليس تغييراً جذرياً في السياسات فقط، ولكن في الأفعال... إنها بالفعل قمة الخيارات الصعبة والأولويات الأكثر صعوبة.
آخر الكلام:
كراهية أميركا جاذبة للمتطرفين، ومفيدة للأنظمة القمعية، السبب أنها تجاهلت التفرقة بين التهديد، والتهديد الأكثر إلحاحاً وتجنبت قراءة واقعية للمتغيرات في المنطقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة الخيارات الصعبة قمة الخيارات الصعبة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon