توقيت القاهرة المحلي 06:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوار الناس في الكويت!

  مصر اليوم -

حوار الناس في الكويت

بقلم :محمد الرميحي

تنفس الجميع الصعداء في الكويت بعد صدور المراسيم الأميرية بالعفو عن عدد من النشطاء المتهمين بقضايا مختلفة وقد صدرت بحقهم أحكام، بعضهم غادر البلاد قبل نفاذ الأحكام وبعضهم نفذ المحكومية. بصدور المراسيم بدأ عدد من الكتّاب وأيضاً كثر الحديث في الدواوين، التي بدأت تعود إلى نشاطها، عن أن هناك مرحلة جديدة تبدأ في الكويت، مرحلة تضع قضايا الماضي في الماضي وتنظر إلى المستقبل. إلا أن الاختلاف في وجهات النظر تظهر في المحاولة للإجابة عن سؤال مهم وكبير، وهو هل حقاً نحن ندخل مرحلة جديدة؟ خلفية استقالة الحكومة بسبب العديد من الاستجوابات التي قدمت إما لرئيسها أو بعض أعضائها تدل للمراقب على أن من الصعب الحديث عن «مرحلة جديدة» على الرغم من مشاعر المتفائلين؛ لأن باختصار «قوانين اللعبة» الديمقراطية - إن صح التعبير - لم تتغير، ومن دون تغير تلك «القوانين» فسيظل اللاعبون بمهارة أو نصف مهارة أو حتى بعدمها «يكررون أخطاءهم»!
قوانين اللعبة التي تحتاج إلى تغيير لها ثلاثة مستويات، بعضها صعب تغييره ويحتاج إلى قرار تاريخي من أجل أن يُغير، وبعضها متوسط السهولة، والأخرى ربما سهلة نسبياً. لعل الفكرة الأولى في تغيير قواعد اللعبة هو عدد أعضاء مجلس الأمة (المجلس المنتخب)؛ فمنذ أكثر من ستين عاماً والعدد كما هو خمسون عضواً، في الوقت الذي نما فيه المجتمع الكويتي أضعافاً مضاعفة، فيُقدر من حق له التصويت لأعضاء مجلس الأمة الأول هو اليوم بأقل من 3 في المائة من حجم من لهم حق التصويت في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، فكيف يمكن أن تقارن هذه الكتلة الكبيرة من المصوّتين مع الأعضاء محدودي الرقم (خمسون فقط)؟ تلك واحدة، وربما الأهم في «تغيير قواعد اللعبة» إلا أنها غير مطروحة بجدية، ولا هي بممكنة في ظل الظروف الحالية، أما القاعدة الثانية وهي الممكنة نسبياً فهي قانون الانتخاب والممكن تعديله إن قرر متخذ القرار في المكانين التشريعي والتنفيذي الذهاب إليه لإصلاح الخلل. القانون الحالي يقسم الكويت إلى خمس مناطق انتخابية، تنتخب عشرة نواب لكل منطقة والناخب له صوت واحد! هذا القانون خلط الأوراق وأصبح من المستحل تكوين تجمع سياسي وازن يمكن أن يتماسك ويتناغم في كل الظروف لتحقيق مصالح الناس، بدون النظر بجدية لتغير قانون الانتخاب، فإن الأمور سوف تبقى على حالها كما كانت، وهي في الغالب إعلاء المصالح الفردية على المصالح العامة، وإن أخرجت تلك المصالح في العلن على أنها مصالح عامة تحقق الخير للجميع! ولذلك؛ نشهد التجمع النيابي لقضية ما سرعان ما ينفرط. أما القاعدة الثالثة والتي تحتاج إلى نظر جاد، فهي كامنة في اللائحة المنظمة لعمل المجلس، وخاصة تلك المادة التي تسمح لعضو واحد فقط أن يقدم استجواباً (سؤالاً مغلظاً) لأي وزير أو حتى رئيس الوزراء.
تلك القضايا الثلاث الرئيسية في «قوانين اللعبة» التي تحتاج إلى تغيير، لعل وعسى أن ينتظم العمل البرلماني الكويتي وينتقل من تحقيق «الخير الخاص» - إن صح التعبير - إلى «الخير العام»، والذي يتوق إليه المجتمع أو على وجه التحديد تتمناه «الأغلبية الصامتة».
في غياب مؤسسات تعمل على معرفة وتدقيق «توجهات الرأي العام» على أقرب ما يكون من الدقة، فإنه من شبه المستحيل التعرف على توجهات الرأي العام في الكويت، ولا أعرف سبباً مقنعاً على عدم وجود مثل هذه المؤسسات، وربما الجمهور العام قد لا «يستسيغ» لأسباب ثقافية الاستجابة إلى مثل تلك المؤسسات، ولكنها قد تعطينا تصوراً أقرب إلى الصورة الحقيقية، وإن تخللتها الاحتمالات. دخول وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة بكثافة على صناعة المحتوى الخبري (وربما فبركته) من أشخاص أو جماعات ذات مصالح جعلت من قراءة توجهات الرأي العام في الكويت صعبة. إلا أن الملموس أن هناك عزوفاً أو نكوصاً من كثيرين من مخرجات العمل السياسي الكويتي بشكل عام، وينتاب هؤلاء شعور بالامتعاض من الأخبار التي توزع «حقاً أو باطلاً» حول «تراكم ثروات» بعض أعضاء المجلس، وكان الموضوع برمته هو «السر المفضوح»، وقد تجاهلت المجالس المختلفة تلك الحقيقة أو أهمية وجود لجنة لها «أسنان» تسمى لجنة «النزاهة النيابية»، أو أي تسمية أخرى كما في المجالس المنتخبة في العالم، هذه الفكرة على أهميتها لم ترَ النور بشكلها الصحيح في الممارسة الديمقراطية الكويتية، وفي غياب تلك الشفافية تتكاثر الأقوال (محقة أو كارهة أو متنمرة) عن ثروات ضخمة، أساسها في الغالب «المال العام»؛ مما يزيد احتقان الشارع السياسي. الأشهر القليلة الأخيرة، منذ انتخابات 2020، مرّت الكويت بمرحلة سياسية صعبة، تعطل معها أداء المؤسسة التنفيذية وبالتالي مصالح الناس، بسبب موقف أغلبية نسبية في المجلس الجديد، وكان الأمر معلقاً على عدد من القضايا تمحورت أخيراً فيما يسمى «العفو» الذي نوهنا عنه في صدر المقال، إلا أن بعض النواب ما زال له أجندات لم تنتهِ؛ مما يؤذن بالدخول في أزمات جديدة تعطل من جديد المصالح العامة للمجتمع ككل، في وقت ليس سهلاً، لا من الناحية الصحية، ولا من الناحية الاقتصادية، ولا من الناحية الإدارية، والأخيرة يرى كثيرون أنها تخلفت عن جيرانها في الخليج. بجانب الملف الأهم، وهو المتغيرات في الجوار، فهناك عدم استقرار في الشمال (العراق) وحرب في اليمن واضطراب في سوريا وقلق كبير في لبنان، كل ذلك المحيط يؤثر على الوضع الداخلي الكويتي ويجعله أكثر حساسية، فعدد من الكويتيين مختلفون على «الملفات الخارجية تلك» أكثر مما هم مختلفون على الملفات الداخلية؛ لذلك تتداخل القضايا وتجد لها متنفساً في الساحة التواصلية إلى حد الخصومة. الكويت كأي مجتمع حيوي آخر يتغير مع الزمن ومن دون الاعتراف بذلك التغير ووضع الإدارة العامة على سكة الكفاءة وليس الشخصانية التي قد تكون في القديم هي الميزان، تفوت فرص مهمة في فضاءات التطوير. كما أن قاعدة «الاسترضاء» الحكومي لأشخاص داخل المؤسسة التشريعية أو خارجها يزيد من تعقيد العمل الإداري؛ فالحرب على الفساد لا تعني متابعة من تتضخم حساباتهم في البنوك؛ لأن مفهوم الفساد هو «استخدام سلطة لتحقيق مصلحة»، وما دام بعض النواب يطاردون الوزراء للتعيين لمحازيبهم، ذلك بجانب كونه فساداً، يسد الطريق على المؤهلين من الكفاءات ويزيد رفضهم لواقعهم الذي لا يبدو أن له حلولاً ناجعة، فيقوم البعص بالمزايدة على تلك الشكوك لحصد الكثير من الأصوات، سواء كانت قبلية أو طافية أو مصلحية أو تنظيمية!
آخر الكلام:
إن لم يكن هناك مشروع نهضوي واضح المعالم ومعروف تفاصيله للعامة يتسلل إلى الجمهور نوع من الوهن يستغله أصحاب المشاريع السياسية الخاصة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار الناس في الكويت حوار الناس في الكويت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس جونيور أفضل لاعب في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - فينيسيوس جونيور أفضل لاعب في العالم لعام 2024

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon