توقيت القاهرة المحلي 15:56:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرب العلاقات العامة!

  مصر اليوم -

حرب العلاقات العامة

بقلم : محمد الرميحي

في عالمنا، الغاطسةُ شريحةٌ وازنةٌ منه في فكر القرون أوسطية، من المبكر أن نقرأ ما يمكن أن يحدث في ساحة الشرق الأوسط بعد اغتيال حسن نصر الله، وحروب العلاقات العامة، كما حدث في الرد الإيراني ليلة الأربعاء الماضي.

السردية الإيرانية تقول إنهم أعطبوا مؤسسات حيوية في إسرائيل، والسردية الإسرائيلية ومعها الغربية تقولان إنه لا تأثير يذكر من الهجمة الصاروخية، ولدى المتحمسين لهذا الطرف أو الآخر قناعات بما يقدم من سرد، الحقيقة المعروفة أن أول ضحية في الحرب هي (الحقيقة)، لأول مرة أعرف من متابعة محللين غربيين عسكريين، أن الصواريخ المضادة للصواريخ، مكلفة الثمن، فإن تأكد المتلقي (في هذه الحالة إسرائيل) أن الصاروخ القادم سوف ينتهي في أرض فضاء أو بعيداً عن التجمعات البشرية تركه يسقط، لأن تكلفة صده أكثر من تأثيره على الأرض، ربما هذا يفسر أن صاروخاً إيرانياً قد قتل فلسطينياً في أريحا، وكأن الفلسطينيين يحتاجون إلى مساعدة لقتلهم، وآخر سقط في الأردن!

في الأغلب إن الثأر لنصر الله وهنية مجتمعين بزخة من الصواريخ متفق عليها، من أجل سحب شحنة الغضب لدى قطاع من الإيرانيين وأيضاً اللبنانيين، وبعض العرب، وذلك في الصراع الدولي متوقع، حيث يرتاح متخذ القرار ليقول لجمهوره: قمنا بما يتوجب القيام به!

إلا أنَّ المعادلة على الأرض مختلفة تماماً، فالأميركان والبريطانيون والفرنسيون والألمان والإسبان وغيرهم قد أدانوا الرشقة الصاروخية، وحمّلوا إيران المسؤولية، مما يجعلها أكثر عزلة، حتى لو كانت الرشقة متفقاً عليها في الوقت والمكان.

منشأ الاشتباك هو ما حصل لقوة «حزب الله» في لبنان، الذي ترى إسرائيل أنه رأس حربة إيرانية يمكن أن يستخدم إذا هدّدت إيران بشكل فعلي، ما أصابه هو الذي أحرج إيران، وبدأت تبحث عن مخرج ولو شكلياً.

في ذروة الدعم المادي والعسكري الإيراني لـ«حزب الله» أحرق الحزب الكثير من المراكب في جواره، فقام بعملية تصحير للفضاء السياسي اللبناني، الذي كان لفترة طويلة مبنياً على تسوية (لا غالب ولا مغلوب)، أحرق تلك الجسور بينه وبين شركاء في الوطن باستهداف عدد كبير من السياسيين اللبنانيين وقتلهم، بل وحتى المثقفين من الطائفة نفسها، التي سماهم مرة حسن نصر الله «شيعة السفارة»! بتصفيق حاد من الجمهور المغيب، كما أحرق جسوره مع العرب، فشنّ حملة شعواء عليهم، وخاصة عرب الجزيرة في ضياع واضح للبوصلة، وخدمة لمشروع آخر!

في الداخل اللبناني كانَ الاستقواء هو السيف المصلت، وكلما نجح في إسكات الآخرين اعتقد أنَّه سلاح يؤتي أكله بنجاح.

في عصرنا الذي تجتاحه الثورة الاتصالية، كثيراً ما وجدنا شخصاً لبنانياً أو أكثر من بيئة الحزب في حالة ضيق مما يعاني، يخرج إلى العلن ليبدي تذمراً واعتراضاً على الحزب، وفي بضع ساعات أو أقل نراه يعتذر إلى حد الذل للقيادة! وتكرر ذلك كثيراً حتى أصبح ظاهرة إنسانية مزرية، ولم يقرأ الحزب تلك الظاهرة، بل استمر في الإرغام وإرهاب الغير.

أصبح الحزب متوحشاً في الداخل، وظهره مكشوفاً، وكان الأمر مجرد وقت حتى يُستهدف معزولاً بيد ثقيلة، وفي النهاية يفقد أهم قياداته، وعلى رأسهم حسن نصر الله.

السؤال الأكثر أهمية: هل يمكن للقيادة الجديدة التي سوف تتقلد الزعامة أن تستوعب تلك الدروس القاسية التي مرَّ بها الحزب ولبنان، أو سوف تستمر في المسار نفسه؟ سؤال لا يمكن الإجابة عنه اليوم، ما زال الجميع ينتظر ويحلل وينظر حوله، خاصة السياسيين اللبنانيين وأيضاً في الجوار العربي.

إن نظرنا إلى المستقبل من أجل خروج لبنان من المأزق، فأربع خطوات واجبة لإخراجه مما هو فيه، ليس من بينها بالتأكيد صواريخ إيران، الخطوات هي أولاً سلاح موحد فقط للجيش اللبناني، وبقية القوى هي أحزاب سياسية غير مسلحة تتنافس في الساحة تحت راية وطنية جامعة، وثانياً العودة إلى الدولة بتفعيل المؤسسات من رئاسة الدولة إلى رئاسة مجلس الوزراء، ثالثاً تحييد لبنان في القضايا الإقليمية، ورابعاً العمل على إنعاش الاقتصاد الذي أنهك، وقذف بشريحة كبيرة من اللبنانيين إلى حافة الفقر.

تلك الخطوات الأربع هي المطلوبة للخلاص، والخروج من دوامة الدم، واستخدام بعض أبنائه ضحايا لمشروعات إقليمية ليس من بينها بالتأكيد تحرير شبر من فلسطين. فالفجوة التقنية الهائلة التي يفتقدها، والتنظيم الحضاري غير المتوفر لديه، وفقده لظهير داخلي مساند، جعلته فريسة سهلة لن تنقذه صواريخ متفق على مسارها ومصيرها.

ليس سهلاً توقع ما سوف يتم في الأشهر القليلة المقبلة، إلا أن الحقيقة الشاخصة أن الاستمرار في السياسات السابقة إفلاس كامل ومزيد من الخراب، إنها مرحلة تاريخية فاصلة.

آخر الكلام: المعادلة التي أوقعت الحزب في مأزق، أنه استخدم فائض قوة في الداخل، وخائر قوة تجاه الخارج، كان ذلك إفراطاً في عدم قراءة الواقع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب العلاقات العامة حرب العلاقات العامة



GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 06:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 06:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 13:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته
  مصر اليوم - تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon