توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كارثة ألّا تعرف عدوك: تأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على القضية!

  مصر اليوم -

كارثة ألّا تعرف عدوك تأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على القضية

بقلم : محمد الرميحي

في الغالب، لا يوجد عاقل على وجه الأرض وهو يشاهد هذا الدمار الذي يحدث في غزة من قتل وتدمير ومطاردة وتفشي الأوبئة، إلّا ويتعاطف مع الضحية، ويصف القائم بتلك الأعمال وهو الإسرائيلي بالتوحش واللا إنسانية. ربما العرب على رأس من يشعر بذلك، إلّا أن الحروب تتجاوز العواطف.

ربما أصدق كلمات قالها السيد حسن نصر الله، قالها بعد حرب عام 2006، عندما صرّح في لحظة صدق نادرة "لو كنت أعلم أن هذا الدمار سوف يحلّ بلبنان لما بدأت الحرب"، طبعاً بعد ذلك تحدّث عن "النصر الإلهي"، ولكنه حديث.

هذا يصلنا إلى ما قامت به قيادات "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، مع الاعتراف الكامل بالإحباط الذي يواجهه الفلسطينيون. لكن الإحباط شيء وزجّ النفس والأهل إلى التهلكة شيء آخر. فالعقل يقول إنك لا تحارب العدو بأدوات تعرف أنه يتفوق فيها عليك بمراحل. فغزة معزولة، أي لا يوجد تدفّق أسلحة لها من الخارج، ولم يكن لدى "حماس" طائرات مسيّرة أو حتى مدافع طويلة المدى.

أقرب الاحتمالات أن قيادة "حماس" اعتمدت في حساباتها على ما يُعرف بـ "محور المقاومة"، وأي مطّلع يعرف أنه تجمّع هلامي، يُقصد منه تحقيق أهداف بعض دوله، وليس بينها تحرير فلسطين. لقد عرف الجميع بعد أيام من 7 تشرين الأول (أكتوبر) أن "محور المقاومة" لن يفعل الكثير، بل تنصّل من معرفة التوقيت والطريقة، وترك اللوم كله على قيادة "حماس"، وتلك قصة معروفة. إلّا أن حشد "الأرمادا" العسكرية الأميركية في الأسابيع الأولى من الاشتباك ردعت قوى "محور المقاومة" وتركت الأمر إلى قواعد الاشتباك في الجنوب اللبناني، وإلى قرصنة بحرية في جنوب البحر الأحمر، لإطعام العامة حالة معنوية ليس لها نتيجة ضارّة بالعدو، ولإظهار أن "المحور" يتحرك، على ما حصل بين 7 تشرين الأول (أكتوبر) وحتى يومنا هذا من أحداث أصبحت معروفة.

الافتراضات التي بُنيت عليها فكرة الاشتباك في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، طبعاً بجانب الافتراضات العاطفية، كانت أن يتحرك "محور المقاومة" بجدّية، وهذا لم يحدث... وأن يضغط الرأي العام العربي لطرد الأميركيين من المنطقة، وهذا لم يحدث... وأن تكون الدول العربية محرجة إلى حدّ يدفعها إلى الاشتباك، وهذا لم يحدث.

صحيح أنّ الذي حدث عمّق العداء للإسرائيلي، وأيضاً للأميركي شعبياً، لكن لا أكثر من ذلك. وفي معادلة الحرب والسلام، الشعور ليس مهمّاً أو فاعلاً، إنما المهمّ هو الفعل على الأرض، وما تمّ على الأرض هو أن ترك "محور المقاومة" شعب غزة يفني بالقنابل والأمراض.

هنا، أعود إلى اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، القوة الأكبر في العالم حتى الساعة، بتاريخ طويل ومتشعب، لكن الإشارة إلى كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" للمؤلفين جون مرشيمان وستيفن ولت، يمكن أن تعطينا بعض التفسير.

في هذا الكتاب الذي صدر عن بنغوين، وقيل إنه أكثر كتاب سبّب خلافاً أدبياً لسنوات، يسرد الكاتبان قصة الكتاب نفسه. يقول السرد إن مجلة "أتلانتيك" الشهرية المعروفة، بعد أشهر من أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وبعد تصاعد العداء للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كلفتهما أن يكتبا مقالة مطولة حول "اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة". وعلى الرغم من تردّدهما في البداية، إلّا أنهما قبلا بعد مناقشة أهمية أن يُدرس الموضوع بشكل محايد. استمر العمل على المقالة المطولة عامين، وتمّت مراجعة رئيس تحرير "أتلانتيك" لتبادل وجهات النظر. وعند اكتمال النص الذي كان موضوعياً يحمل كل شروط النشر المتبعة، جاءهم اعتذار من الناشر قائلاً إنه لن يستطيع نشر المقال! يقول المؤلفان: "قرّرنا أن نرسل القطعة إلى عدد من المجلات الأميركية لنشرها، فجاءتنا الاعتذارات تباعاً، إما بسبب محتوى المقال، وإما بسبب طوله".

يتابعان: "بعد فترة، اتصل بنا أكاديمي قرأ المقال من خلال صديق له في مكتب تحرير ’أتلانتيك‘، واقترح أن نرسله إلى مجلة ’مراجعات الكتب اللندنية‘ (London Review of Books) المعروفة، فقرّرت الناشرة نشر المقالة بعد 5 سنوات من محاولات النشر الفاشلة في الولايات المتحدة".

الفكرة واضحة. حتى في الولايات المتحدة التي تقول إنها مركز حرّية الفكر، ويحوط التعبير عن حرّية الرأي سياج من القوانين الحامية، لم يستطع كاتبان أميركيان نشر رأيهما الموثق في حالة سياسية معروفة، والسبب هو الضغوط الهائلة من المصالح المتشابكة التي تحوزها الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية في تلك البلاد.

ومن أجل إنهاء القصة، حُوّل المقال بعد نشره إلى كتاب، ونُشر في بريطانيا!! طبعاً، ليس القصد هنا استعراض محتوى الكتاب (484 صفحة مع المراجع وبالقطع المتوسط)، فهو متاح. ورغم ظهوره منذ سنوات، فلم تظهر نسخة عربية منه بسبب تجاهل أو غفلة عربية عن فهم الآخر والعوامل التي تحوط بهذه القضية، والتي يبدو أن معظم اللاعبين فيها هواة، والضحايا من البشر من أهلنا الذين نُزعت صفاتهم الإنسانية بسبب سيطرة كاملة على السياسة والإعلام العالمي. فليس غريباً أن يُستقبل جزّار مثل بنيامين نتنياهو، في عزّ المجازر الحاصلة في غزة، في معقل الديموقراطية "الكونغرس الأميركي"، ويجري التصفيق للعنف المسلح!!

في وسط ذلك، يصيح البسطاء: "أين المجتمع العالمي؟ وأين القانون الدولي؟ وأين الضمير الإنساني؟"، ولا أحد عاقلاً يصيح. فإذا كنت لا تعرف ما في الغار فلا تمدّ يدك، فالمعرفة سيدة البندقية.

نقلا عن "النهار"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارثة ألّا تعرف عدوك تأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على القضية كارثة ألّا تعرف عدوك تأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على القضية



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon