توقيت القاهرة المحلي 19:48:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراءة في الاتفاق السعودي ـ الإيراني

  مصر اليوم -

قراءة في الاتفاق السعودي ـ الإيراني

بقلم: محمد الرميحي

كمٌّ كبير من التعليقات التي أعقبت إعلان الاتفاق السعودي - الإيراني، الذي وُقّع بمشاركة نشطة من الصين. ومن الطبيعي أن يجلب هذا الاتفاق كل هذا الكم من التعليقات، بعضها تشعر أنه محاولة للشرح، وبعضها الآخر تشعر أنه محاولة للتضليل.
من لديهم المعرفة استقبلوا الاتفاق بقبول متحفظ، وأشاروا إلى أن المنتظر هو خطوات إيجابية من قِبل النظام الإيراني، المتفق عليه أنَّ المملكة العربية السعودية ليس لها أطماع في إيران أو غير إيران، وكل ما يقال عن تدخلاتها جهراً أو غمزاً، هو تخرصات وتزييف للحقائق، وأصبح المتابع الفطن محصناً ضد تصديقها.
على الجانب الآخر، ليس سراً ولا هو حتى مخفياً تدخل الجارة إيران في العديد من الدول العربية، الظاهر منها اليمن ولبنان وسوريا، والباطن عدد آخر من الدول، من بينها دول الخليج، بل في بعض الأوقات جهراً بالفخر لبعض السياسيين الإيرانيين أنهم على مقبض من عدد من العواصم العربية!
إنما السؤال (الذي هو سؤال المليون)، إن صح التعبير، هل تُغير إيران توجهاتها وتبدّل وجهة أشرعتها، بعد أن وجدت صعوبة في تغيير اتجاه الريح؟
البعض يرى صعوبة في ذلك، لأسباب أصبحت معروفة، أن لإيران شهية إلى الجانب الغربي (العربي)، إلا أن ذلك التصور أو الاستنتاج ربما يكون متسرعاً، فمهما قيل عن «تصلب النظام» وهو صحيح لأسباب تاريخية وآيديولوجية، إلا أنه في الوقت نفسه إذا وجد أن الربح في خطوة ما مهما عظمت، أكبر من الخسارة، فليس صعباً عليه.
والعالم يحبس أنفاسه في عام 2002 وتتصاعد نسبة الصراع بين نظام صدام حسين وقراءته العمياء للتطورات العالمية، وبين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، توجس النظام الإيراني شراً، وكانت الحكمة السائدة لديه أن الولايات المتحدة وحلفاءها في ذلك الوقت، «سوف تتغدى بنظام صدام حسين، وتتعشى بالنظام القائم في طهران»، بل إن مبادرات صدام حسين في ذلك الوقت تجاه إيران كانت باتجاه التحالف ضد «العدو المشترك»! فكان أن بادرت شخصية دبلوماسية خليجية بالتوجه إلى طهران وشرح مهمة القوات الدولية، والطلب من إيران أخذ موقف «محايد إيجابي» من التطورات المتوقعة في المنطقة، مع التأكيد من خلال عدد من «الإثباتات» أن نظام طهران لن يُمس و(القصة طويلة وليس الوقت لكتابة التفاصيل)، إلا أن نظام طهران عندما تأكد، وقُدمت له الدلائل الحسية القاطعة، تحول إلى ما اقترح عليه بأن يأخذ «الحياد الإيجابي» في الصراع، بل وصرف النظر عندما بدأت المعركة عن طلعات طيران من خلال أجوائه.
في وقت لاحق استفادت إيران من إطاحة نظام صدام حسين حتى أكثر من استفادة معظم العراقيين.
الافتراض الذي يتبع تلك القصة ونتائجها في عام 2002 «أنه إن وجد النظام الإيراني فائدة ما في اتخاذ خطوة سياسية» قام بها؛ لذلك فإن الوفاق مع المملكة العربية السعودية وتبريد الساحات العربية ولو تدريجياً هو كما يراه النظام قد يصبّ في صالحه، حيث إن الخسارة في المشروع الآخر باتت بيّنة. ولم يعد فيها متسع من أوراق المناورة.
مثلاً، السباق نحو تسلح نووي، لقد وجد النظام حتى (في حصوله على سلاح نووي) لن يفيد مشروعه، بل على العكس يفتح باباً لمعظم دول العالم لعدائه، عطفاً على استحالة واقعية لاستخدام ذلك السلاح، فلن يستطيع استخدامه ضد إسرائيل مثلاً؛ لأن ذلك سوف يقيم «القيامة» في المنطقة، كما أن وجود ذلك السلاح لا يعني بقاء النظام أو تغييره.
الاتحاد السوفياتي كان مسلحاً حتى أسنانه بالنووي وبعد هزيمة أفغانستان بسنتين تغير النظام.
باكستان نووية لم يمنع ذلك من تغير النظام، وأخيراً الاتحاد الروسي وحربه في أوكرانيا لم يستطع، رغم الصعوبات، أن يستخدم شيئاً من ذلك السلاح.
بجانب ذلك، فإن ملف الوضع الاقتصادي في الداخل وصل إلى المنحنى الخطر، وسقطت شريحة واسعة من الشعوب الإيرانية تحت خط الفقر، وتعثرت مستويات المعيشة للباقين إلى حد السُّخط، بجانب أن المشاركة بالسلاح في حرب أوكرانيا جلبت الغضب الأوروبي، حيث إن ذلك تدخل في أمن القارة.
في العراق واضح أن هناك تياراً يتسع لمقاومة النفوذ الإيراني، ولم يبق إلا القليل من العراقيين المنحازين، ورغبة واسعة في بناء عراق مستقل وأيضاً غير معادٍ، ولكن معتمد على عمقه العربي.
أما في سوريا ولبنان، فقد تبين لشرائح واسعة من السوريين واللبنانيين كم حجم الأكذوبة في موضوع «المقاومة»!
تلك بعض الملفات الشائكة والتي لا شك تنظر إليها المجموعات العقلانية في طهران، ويتساءلون بعد أربعين عاماً وأكثر: ماذا تحقق للشعوب الإيرانية؟ كما ينظرون إلى الجوار فيجدون الكثير مما تحقق ويتحقق في محالات التنمية المختلفة، وعمارة الأرض.
فمن الطبيعي بعد أربعين عاماً أن تجري المراجعة، وفي الحقيقة فإن البعض مثل رفسنجاني وخاتمي حاولا ولكن التيار المتشدد أفشلهما، على أساس أن لديه «خطة أفضل»، وتبين أن تلك الخطة هي الأسوأ ليس للمجتمعات التي تم التدخل فيها، ولكن وهو الأهم للمجتمعات الإيرانية التي تنامت لديها النزعة إلى الرفض ووضعت المشروع برمته موضع التساؤل.
الوفاق والسلام واحترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها، سوف يعود على إيران بأكثر كثيراً مما حصدت من فكرة «تصدير الثورة»، مواطنوها يمكن أن يدخلوا مرحلة الاستقرار، كل ما عليها تغيير اتجاه الأشرعة، حيث ثبت بما لا جدال فيه أنها لا تستطيع تغيير اتجاه الريح.
آخر الكلام:
كتب أحد المنشقين السوفيات قبل سقوط الاتحاد السوفياتي بسنوات قليلة يعجب أن بلاده تصنع الصواريخ وتخزن الرؤوس النووية، ولكن ما زال فلاحوها يحصدون غلتهم بالمنجل! ما أشبه ذلك بما يحدث في إيران!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في الاتفاق السعودي ـ الإيراني قراءة في الاتفاق السعودي ـ الإيراني



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon