توقيت القاهرة المحلي 20:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين مكامن الأزمة العربية؟

  مصر اليوم -

أين مكامن الأزمة العربية

بقلم : د.محمد الرميحى

 فى السنوات الأخيرة تبين أن مكامن الخطر على النظام العالمى فى مكانين أساسيين، الأول شبه الجزيرة الكورية، خاصة السلاح النووى لكوريا الشمالية، والثانى فى منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد احتمال حصول إيران على القوة النووية العسكرية. فى المكان الاول هناك أكثر من لاعب يمكن أن يحد من طموح كوريا الجنوبية خاصة الجارة الكبرى الصين ومعها لاعبون أصغر، هما كوريا الجنوبية وأيضا اليابان، تلك القوى لها مصلحة فى استتباب الأمن والسلم فى جنوب شرق آسيا ومنه الى العالم. وكوريا الشمالية ليس لها طموح واضح وبين فى التمدد خارج محيطها الجغرافى، أما فى الشرق الأوسط فهناك قوى إقليمية (إيران) أولا، ومن ثم تركيا، لهما طموحات استراتيجية فى التمدد خارج حدودهما، فى محاولة لإحياء القديم من الإمبراطوريات كما لايوجد رادع حقيقى لهما فى الجوار، بل وتشكل روسيا الاتحادية مرجعا محفزا لتلك الطموحات. الأخطر فى الاثنين حتى الآن هى ايران، لأنها ومن خلال مساندة عسكرية ومالية واستراتيجية للنظام فى سوريا، أبعدت احتمال الحل السياسى هناك، وقربت الصراع أن يصبح كسر عظم، خاصة مع استخدام أسلحة محرمة كما تم أخيرا فى الغوطة الشرقية قرب دمشق العاصمة، كما تمدد نفوذها فى كل من العراق واليمن وتتدخل فى شئون الخليج بسلبية واضحة.

يقف المتابع العربى أمام أحداث الساحة المشرقية بألم وعجب، إذ كيف للضمائر أن تسمح باستمرار هذا الخراب الذى يطال الأوطان العربية، ولهذه المدة من الزمن كما يمكن أن يصبر على وضع شوكة إيرانية فى خاصرة أوطان عربية أخري( لبنان ومن ثم العراق)، ذلك ما يسمى اليوم مسرح الشرق الأوسط الصراعى، الذى تنشب فيه النيران وهى نيران كغيرها من النيران، يمكن أن تطال الجوار، وهى بلاد عربية ليست بعيدة عن ذلك المسرح. ماذا ينتظر العرب أو على الأقل الدول التى يمكن أن تكون رافعة لمشروع عربى مستقبلى. فى يقينى أن الأمة العربية لم تمر فى تاريخها المعاصر، كما تمر به اليوم، من تهديد حقيقى للسلم والأمن لدول الإقليم قاطبة، وكذلك تهديد استقلالها، إيران نجحت حتى الآن فى تكوين رأس حربة لها فى عدد من الدول العربية، منها اليمن ولبنان وسوريا والعراق، بدرجات مختلفة، بل وحتى جربت أن تمد نفوذها فى السودان والمغرب ومصر، ولكنها فى الأماكن الثلاثة الأخيرة ،وجدت ارادة سياسية وشعبية تقف أمام طموحها وتعرقل تمددها. فى المقبل من الأيام ، قد تكون الشرق الأوسط مسرح صراع دولى وصدام بين قوتين، وقد يأخذ ذلك الصدام العالم الى أتون حرب كبرى، لاتترك زرعا ولا سكنا فى منطقتنا الا وعاثت فيه فسادا والتى تجنبت حروبا ضروسا فى الماضى على نطاق عالمى.

ينظر الانسان العربى الى المسرح السياسى الذى تجرى فيه كل تلك الصراعات، ويسأل نفسه ترى ماالذى أوصلنا إلى هذا المكان الرديء، فى يقينى أن ما أوصلنا اليه هو فشل الدولة العربية بشكل عام فى إقامة دولة وطنية حديثة وعادلة، وقد تركت التراكمات تنمو على جسم العرب، وتسلم القرار فى الكثير من الدول فى الفترة السابقة من هم غائبون) عن الوعى، خبرتهم السياسية لا تتعدى بضع أفكار تشربوها فى مسيرتهم البسيطة فى العمل السياسى، فلم يلتفتوا لا الى تجارب بعض العرب الناجحة فى إدارة الدولة ضبط توزيع الخير العام، ولا الى اقامة حكم القانون الذى انقذ كثيرا من البلاد فى اسيا وأمريكا اللاتنية من الفساد والخراب.

فى المقابل فإن النظام العالمى يشهد تغيرات كبرى تحد من قدرته على ضبط الأمن الدولى، فهناك حرب تجارية قائمة بين الدول الصناعية القديمة والجديدة، وهناك سياسات تحد، بسبب التسابق على الشعبوية، من اتخاذ القرارات الدولية وتؤدى الى العزلة و التوجه الى رفض الآخر القادم من العالم الثالث، ورفض ثقافته، بل اعتباره عبئا على العالم! الشيء الأهم هو استنزاف خيراته إن أمكن. هذه الصورة القاتمة التى نراها حولنا تستهدف فى المقام الأول العرب ، فهم فى غربهم وشرقهم مشغولون بصراعات تتحول فى بعضها الى صدامات أهلية مروعة. أمام هذه المشهد تعقد القمة العربية التاسعة والعشرون فى مدينة الظهران، فى المملكة العربية السعودية، ويراد من هذه القمة تخفيف المخاطر ووضع الحلول من أجل إطفاء الحرائق المشتعلة حولنا ،وتلك مهمة صعبة قد تصل الى أن تكون مستحيلة. الأقرب الى المنطق ان تُبنى استراتيجية عربية بمن رغب من الدول التى ترى الوضع القاتم كما هو، وتعترف بأن استمراره يعنى دون ريب ادخال المنطقة فى حريق كبير، يأتى على ما تبقى من عشب أخضر ناضلت الشعوب العربية لاستنباته ودفعت فى ذلك أيمانا باهضة. أول الحلول هو الاعتراف بالأزمة الطاحنة، ومن ثم التوافق على مسيرة حقيقية للخروج منها على قاعدة المصالح الوطنية العربية العليا المشتركة والتى تلاشت أو كادت فى السنوات القليلة الأخيرة، هنا تكمن جذور الأزمة، كما تكمن بداية الحلول لها.

نقلا عن الآهرام  القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين مكامن الأزمة العربية أين مكامن الأزمة العربية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon