توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغرب وتحديات العالم «الأورويلي»!

  مصر اليوم -

الغرب وتحديات العالم «الأورويلي»

بقلم - حسين شبكشي

مع التغيرات السريعة والمتنوعة الحاصلة في العالم اليوم، تواجه الدول الديمقراطية الرأسمالية تحديات جديدة وغير مسبوقة تجعلها بحاجة لمراجعات قانونية جادة لن يتوقف تأثيرها عند الدول المعنية نفسها فقط، ولكن حتماً ستؤثر في آخرين.
هناك مطاردة ولحاق لا ينقطعان من قبل الحكومات الأوروبية بحق شركات التقنية (كلها شركات أميركية) تطالبها بسداد «مستحقات ضريبية باهظة» نتاج أرباحها «العظيمة». والآن تواجه هذه الشركات الادعاء القائم عليها بالحجة الأعظم التي قامت عليها القاعدة الديمقراطية الأساسية، وهي أنه «لا توجد ضرائب من دون تمثيل»، فهذه الشركات تطعن في مبدأ السداد الضريبي دون أن يكون لها حق التصويت على أحقيته، وهي تحاجج الدول بأنها تتعرض لـ«العقوبة» كونها شركات رقمية تعمل في فضاء الإنترنت الذي لا يخضع للرقابة والحدود، وبالتالي القواعد والقوانين والأنظمة السيادية التقليدية.
هذا النقاش جديد غير مسبوق وسيمهد لسابقة قانونية تبنى عليها الأحكام القضائية المستقبلية، ولذلك يراقبه ويتابعه المعنيون بحماس وعن كثب، وسيكون الحكم الصادر في أوروبا مؤثراً في الشركات الأميركية بشكل مبدئي. وليست هذه هي المسألة الوحيدة التي تؤرق المشرعين والقانونيين في الدول الرأسمالية، فهناك منظومة مكافحة الاحتكار الموجودة بأشكال مختلفة، وهي التي تمنع باختصار أي شركة من أن تكون لديها حصة سوقية تتجاوز 60 في المائة تعتبر ضمنياً «محتكرة»، ويجب معاقبتها إما بتفتيتها كما حصل قديماً في الثلاثينات من القرن الماضي مع شركات الحديد والمصارف والنفط في الولايات المتحدة، وإما لاحقاً مع شركة الاتصالات العملاقة «إيه تي آند تي».
واليوم يراقب الناس النمو الأخطبوطي الطاغي للمتجر الإلكتروني «أمازون» الذي ارتاح إليه الناس باعتباره بديلاً فعالاً وناجحاً يخلصهم من هيمنة المتاجر الكبرى وسيطرتها بتقديم السلع بأسعار مخفضة ومنافسة جداً، ومع الوقت كبر حجم «أمازون» وتوسعت فروعه حول العالم، وكان كالبلدوزر يتسبب بغلق المتاجر التقليدية ويحدث الانقلاب العظيم في عالم التجزئة، وبدأ يتحول هو نفسه إلى شبه محتكر، ولكنه في وضع قانوني جديد وغير مسبوق، إذ إنه في مساحات «رقمية» ولا يمكن بشكل حرفي تطبيق قانون مكافحة الاحتكار عليه، وهي الآن مسألة تحير المشرعين والقانونيين وتشكل تحدياً بالغ الأهمية لهم.
كذلك تشكل اختراقات التقنية تحدياً لمنظومة الديمقراطية نفسها، فاليوم الحكومات الغربية في حيرة من أمرها وهي ترى ما تسببه «اختراقات» موقع «فيسبوك»، والأثر الملموس الذي أحدثته في الانتخابات الأخيرة، وقبلها في الانتخابات الرئاسية في أميركا، وكذلك في مظاهرات فرنسا الأخيرة... الحيرة بين «تقييد» حرية الرأي (وهي من أعمدة القواعد والحقوق الديمقراطية)، وبين الحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية ومنع تلوثها من القوى الخارجية، ولكن إذا فعلت ذلك فهي تقع تحت طائلة الاتهام بقمع الحريات وتقييدها، وإذا تركتها فهي تجعل العملية الديمقراطية نفسها والمتمثلة في العملية الانتخابية عرضة للتشكيك، مما يهز مبدأ العقيدة السياسية الغربية نفسها.
وأخيراً هناك مسألة طغيان السلطة؛ تلك الظاهرة الآخذة في «التوسع» بشكل مقلق وتحجيم مبدأ «فصل» السلطات أحد أهم عناصر المسألة الديمقراطية، هذه التحديات يبحث فيها رموز مؤسسات الفكر ودوائر صناعة القرار في الغرب نظراً لجديتها وخطورة تداعياتها مع عدم التخفيف من أثر الهجوم القاسي والمتعمد على الصحافة وحرية الرأي، ودورها كسلطة رابعة مؤثرة والتشكيك المستمر فيها، وبذلك تختفي العين المراقبة والضمير الناقل.
الكاتب الإنجليزي الكبير جورج أورويل توقع كل ذلك في روايته الخالدة «1984» وعلى ما يبدو أن الغرب يعيش كابوس العالم الأورويلي.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغرب وتحديات العالم «الأورويلي» الغرب وتحديات العالم «الأورويلي»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon