بقلم: حسين شبكشي
أتابع باهتمام شديد التطورات الحاصلة في معدلات أسعار النفط بالأسواق العالمية، في ظل التطورات السياسية والعسكرية بمنطقة الخليج العربي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
وبالتالي، فإنه مع ارتفاع حدة اللهجة في التصريحات المتبادلة، والحشد العسكري المتزايد، كان من المفروض ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على سعر برميل النفط بشكل مثير، ويؤدي إلى ارتفاع في سعره. ولكن ما حدث كان العكس تماماً، لأن أسعار برميل النفط هبطت بشكل ملحوظ لا يمكن إغفاله.
ما الذي من الممكن أن يعنيه ذلك؟ مبدئياً، هناك أدوات يتم استخدامها ضد النظام الإيراني الذي سخر موارده لتصدير ثورته الإرهابية حول المنطقة، واستحداث ميليشيات مجرمة تهدد دولاً مختلفة وجيرانها. وبالتالي، سيستمر خنق إيران نفطياً عن طريق خفض وارداتها الدولارية من سلعة النفط، ووضع المزيد من الضغوطات الاقتصادية على نظامها حتى تتوقف عن عدوانيتها (وإذا اضطر الأمر لمزيد من الضغوطات العسكرية أيضاً بعد ذلك).
أزمة نظام إيران الاقتصادية أصبحت واقعاً، فهي بسبب الضغوطات الهائلة الحاصلة على نظامها باتت غير قادرة على منح الدعم الاقتصادي ذاته، وتحديداً في السلع النفطية التي كانت تقدم، وهذا يفسر الطوابير الهائلة في محطات الوقود في مدن سوريا كلها، وكذلك انعكاس ذلك على وضع تنظيم «حزب الله» الإرهابي الذي عاد لأسلوب الاستجداء والتوسل، بنشر صناديق التبرع في مناطق نفوذه كافة، مع عدم إغفال تغيير اللهجة الخطابية العنترية لزعماء التنظيم الإرهابي إلى خطاب مليء بالمسكنة وطلب المعونة والدعم المالي.
تخفيض سعر النفط يبدو واضحاً أنه آلية مهمة وسلاح فتاك ضمن ترسانة الاختيارات الموجودة أمام أميركا. واليوم، هناك خياران أمام نظام الحكم في إيران، وكلاهما مر: الأول القبول بالشروط الأميركية كافة، وهذا سيظهر الزعماء الإيرانيين بشكل مهزوم ومذل أمام الشعب الإيراني الذي كانت تروج له صراعات النظام مع أميركا، وقدرته على مواجهتها وهزيمتها؛ والثاني الرفض لهذه الشروط، والاستعداد لتلقى الضربة العسكرية من القوة العسكرية الأعظم في العالم. الألم من الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران هو التحدي الأهم والأخطر، والضرر منه أخطر من الضربة العسكرية.
الحروب لها أشكال مختلفة، ولأجل ذلك تسخر كل أنواع الأسلحة. الألم الذي يعاني منه النظام الإيراني بات مسألة دقيقة تؤثر على مناحي الحياة كافة. البترول هو شريان الحياة بالنسبة للنظام، ومع توالي الخروج من السوق الإيرانية من قبل الدول والشركات، يتفاقم الوضع الخطير وتزداد المحنة. إما أن تعود إيران إلى المجتمع الدولي دولة تخضع للقانون، أو تصبح فعلياً ورسمياً دولة مارقة، مثل كوريا الشمالية وكوبا.
سعر البترول عنصر مهم لفهم ومعرفة ما يحصل.