بقلم: حسين شبكشي
المصداقية الأخلاقية هي التي تكسب الشرعية. هكذا يعلمنا التاريخ، وهكذا أثبتت الأيام. لا يمكن أن تكون محامياً لقضية وأنت متهم بارتكاب جرائم مماثلة تماماً. تذكرت ذلك وأنا أتابع أخبار المؤتمر الإسلامي الذي انعقد أخيراً في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بحضور إيران وتركيا وقطر، وذلك لأجل اتخاذ مواقف «لنصرة قضايا المسلمين في كشمير والإيغور وفلسطين»، بحسب ما ورد في النشرات التعريفية الإعلامية للمؤتمر.
هناك جرائم ترتكب ضد المسلمين في هذه المناطق وهي مسألة غير قابلة للنقاش، ولكن أن يكون فريق المحامين هو تركيا وإيران وقطر، فتلك لعمري قسمة ضيزى!
وللتذكرة تركيا هي الدولة التي اقتطعت منطقة «لواء إسكندرون» من سوريا وضمتها بالقوة إليها، وتحتل الآن بالقوة العسكرية شمال الفرات السوري، وتتدخل عسكرياً في ليبيا لنصرة الميليشيات المتطرفة، وتقوم بتقديم العون للتطرف ضد مصر.
أما إيران التي احتلت بالقوة إقليم الأهواز العربي، وتفاخر باحتلالها لأربع عواصم عربية ومن على لسان الكثير من مسؤوليها، وكذلك تهديدها المتواصل بزعم حقها «التاريخي» و«الدائم» لاسترداد البحرين وتأسيس ميليشيات إرهابية متطرفة في كل العالم العربي تقريباً. وأيضاً قطر التي «استولت» على أرض الزبارة العائدة تاريخياً للبحرين، وحاولت التعدي عبر تاريخها القصير بالقوة على جزر بحرينية وعلى أراضٍ حدودية سعودية، وجندت مالها لتمويل الميليشيات الإرهابية والحركات المتشددة في مختلف العالم العربي.
هذه الدول الثلاث لها مشروع واضح الملامح ولم يعد خافياً على أحد. مشروع مصالح ميكافيلي بامتياز، شعاره الغاية تبرر كل وسيلة مهما كانت غير منطقية أو غير أخلاقية.
المؤتمر نجح في شيء واحد، هو تكريس فكرة الشذوذ عن الصف والخروج عن المظلة الموحدة له، وبالتالي إضعاف أكبر لموقف ضعيف أن تكون محامياً مقنعاً لقضية محقة، عليك أن تكون مرآة صادقة للنهج الأخلاقي الذي تدعيه، بحيث يكون ما تدعيه بحق الغير جرماً لا تقوم به ضد الغير. هذه أبجديات معترف بها عالمياً في عوالم السياسة، وعدم اتباع هذه المنهجية أدى إلى خسارة الكثير من القضايا المهمة لفقدانها للمصداقية الأخلاقية.
المجتمع الدولي ليس ساذجاً حتى تخطفه الشعارات العاطفية عن جرائم خطيرة يرفعها رعاة أنظمة يقومون بارتكاب تلك الجرائم نفسها ضد شعوبهم وغيرها، ولذلك ينظر إلى هذا المؤتمر بأي جدية على المستوى الدولي، إلا أن يحسب «مجدداً» لصالح مثلث الشر في المنطقة ويكشف أن مشروعهم مستمر وباق ويتمدد مهما تصور طروحات الصلح والمفاهمات والمباحثات الجانبية عكس ذلك.
هذا المؤتمر فقد المصداقية قبل انطلاقه، وكان الأولى بماليزيا عدم دعوة دولة «محتلة» لأراضي دول إسلامية عربية أخرى، فهذا نفاق وتناقض وفقدان للمصداقية الأخلاقية.